على ضفاف صفحات الجزيرة الموقرة اطلعت على صفحة عزيزتي الجزيرة رداً على الأخ سعيد بن سليمان السعيد حول مقال (24 حصة وما زال المعلم محسوداً) ليوم الاثنين 24-1- 1425هـ من الهجرة العدد 11491. بدايةً قبل تتبع النقاط التي كتب عنها أكتب: إن معانات المعلم تبدأ ليس من صميم عمله فقط بل من حديث معظم شرائح المجتمع الذي لا يحسن الحديث إلا عن المعلم فقط! بل ومن المنتسبين إليه مع الاسف.
أولاً: إن نصاب المعلم الأربع والعشرين حصة هو ما تتبع تطبيقه مراكز الإشراف التربوي واقسام الاحتياج والتوزيع، والمادة العشرون من القواعد التنظيمية تنص على ان المعلم يدرس النصاب المقرر من الحصص كاملا مع شغل حصص الانتظار، وهو حكم على الغالب عدا معلمي الصف الأول. وما يتحدث عنه السعيد ان هذا غير الواقع، فربما ينطبق على وضع إدارة تعليم المحافظة التابع لها فقط.
وما ذكره من تميز وإبداع معلمين كلفوا بالنصاب كاملاً، فهذا قياس غير صحيح، ولو سألنا ذلك المبدع لذكر لنا كم هي الاربع والعشرون حصة تحد من زيادة إبداعه وغزارة عطائه، فالمدة الزمنية لليوم الدراسي لا تقل عن ست ساعات زمنية مليئة بالعطاء وعدم التوقف ليست بالأمر الهين الذي يدفع للعطاء والابداع بشكل متواصل في عالم الإنسان. ونصاب المعلم الأربع والعشرون حصة أقول بكل أمانة: فوق طاقة من تقدم في التعليم، فلا يمكن مقارنته بالمعلم الحديث في العملية التربوية، والحاجة ملحة إلى وضع نظام معلم أول حسب سنوات الخدمة، وهي تجربة أثبتت نجاحها في الدول التي طبقتها.
ثانياً: ذكر الاستاذ ان اجازة المعلم ربطت بالطالب، وهذا غير صحيح إطلاقاً؛ فالمعلم يبقى في مدرسته بعد اجازة الطلاب اسبوعاً، ويبدأ عودته قبل عودة الطلاب بثلاثة اسابيع حسب النظام، مع ان الإداريين والذين ينطبق عليهم مسمى معلم يتم توزيع العمل في الاجازة عليهم حتى يسهل مراجعة المدرسة أثناء الإجازة حسب ما جاء في المادة 96 من القواعد المنظمة.
ثالثاً: حول توضيح شيء من معاناة المعلم، إن من أصعب المهمات توضيح الواضحات! والمعلم هنا الإداري والمدرس، أين يضع المعلم عمل خمس ساعات يومياً من العمل الشاق (بدني- ذهني- نفسي)، أين يضع المعلم تلك الجهود الكتابية بداية من الكتابة على السبورة إلى الكتابة على مقررات الطلاب الدراسية إلى تصحيح الواجبات إلى متابعة سجلات الواجب اليومي إلى كراس التحضير إلى سجل المتابعة إلى كتابة سجل قيد الطلاب وسجل الوارد والصادر وسجل خروج الطلاب وسجل الزيارات إلى سجلات النتائج إلى سجل غياب الطلاب وحضورهم إلى سجل الإرشاد وسجل المخالفات اليومي وسجل المكتبة، إلى إعداد الأسئلة وتصحيحها، إلى الإشراف اليومي إلى المناوبة إلى التخلص من الأثاث التالف في مكانه.. هذا جزء من المعاناة، ولو طلب المزيد سيجد ذلك.
رابعاً: ما ذكر السعيد من أن النشاط الذي يطلب من المعلم تخيير، وليس إلزاماً، غير صحيح، فكيف يكون النشاط تخييراً وهو من بين بنود تقييم الأداء الوظيفي لكل معلم، بل ان هناك (5) درجات من درجات الأداء على القيام به، ويتعلق بها درجات أخرى من تحمل المسؤلية والقيام بالاعمال الموكلة به.
هل المدير الفاضل يستطيع ان يحذف ذلك من استمارة تقييم الاداء؛ لأن ذلك تخيير وليس الزاماً؟؟؟
بعد هذا يمكن مقارنة عمل الموظف بعمل المعلم، ومقارنة سلم الرواتب بين هذا وذاك. إن الإنصاف شعارنا نحن المسلمين، لماذا لم يقارن بين المعلم والموظف من حيث بدلات العمل (والسكن) والتأمين الصحي والعلاقات والمكانة الاجتماعية وطبيعة العمل؟!
ختاماً، إن حال كاتب المقال لا يخلو من حالتين: أن يكون بعيداً عن حقيقة عمله، وتلك مصيبة، أو أنه لا يعلم بأحوال المعلمين خارج محافظة عفيف، وكتب عن الجميع، فالمصيبة أعظم.
أشكر لكل معلم تربوي ما يقوم به من جهود عظيمة ليصنع الرجال، ويبني العقول، ويشيد لهذا الوطن الطاهر المجد؛ لينير الطريق، ويزرع الأمل، ويحيي الحب والنماء؛ فتنمو رياض المعرفة، وتثمر زهور العلم، وكل ميزة أو تقدير حصل عليه المعلم فليس بالكثير في حقه.
فواز بن محمد بن حمد العشيوي
وكيل مدرسة نور الدين زنكي | 
