عزيزتي الجزيرة..
إن العوامل الضرورية لاستقرار الشعوب هي الأمن بشتى أنواعه، سواء الأمن الوطني أو الأمن الغذائي أو أمن المستقبل الذي تحدده المؤسسات المختلفة في أي بلد. ووطننا -ولله الحمد- ينعم بمقومات الطمأنينة والاستقرار، إلا أن ما حدث أخيراً من أعمال إرهابية غريبة هو ما يجعلنا ملزمين بتحمل المسؤولية لمحاربة مثل هذه الأفكار.. وما نحن بصدده اليوم هو ماذا أضافت المؤسسات التعليمية في تعريف الطالب بالنهج الصحيح لخدمة وطنه؟
حول هذا الموضوع كتب الأخ زيد سعد الشكري تحقيقاً للطلاب من جامعة الملك سعود وجامعة الإمام ومعهد الإدارة العامة. وكانت إجاباتهم متفاوتة حول التوعية لهذه الأفكار الغريبة المنحرفة. وتواصلاً مع هذا الموضوع، ولكن في مدارس التعليم العام، لنا وقفة. المناهج بريئة من أي فكر يؤدي إلى هذه الأعمال كما قال مَن يرمي بالسبب لهذه المناهج. لكن، وبهذه المناسبة، أنقل لكم ما دار من حوار بين أحد المعلمين وطالب في الصف السادس الابتدائي؛ حيث قال له المعلم ومن منطلق التشجيع: إن هذه المدرسة ستفقد أحد طلابها الذي يتَّصف بالأخلاق والأدب.. إلخ، أي أن هذا الطالب سينتقل للمرحلة المتوسطة العام القادم إن شاء الله. فرد الطالب بأنه غير مرتاح للدراسة عموماً، سواء مدرسته أو ما سينتقل إليه. المهم سأله المعلم: لماذا؟ قال: أريد أن أكون شهيداً.. فاندهش المعلم وقال: شهيداً.. أين؟ فقال: في الشيشان.. فرد عليه المعلم وقال: نحن في أمن وأمان، ولوطنك عليك حقوق تتمثل في حقوق والديك أولاً، ومواصلة التعليم لكي تقدم لوطنك ما قدمه لك، فإذا احتاجك الوطن للدفاع عنه ففي هذا الوقت كلنا نتمنى الشهادة.
عموماً لا نريد الإطالة، وهذه قصة حقيقية.. لماذا هذا التفكير عند هذا التلميذ وفي المرحلة الابتدائية؟! نحن لا نتهم أحداً، ولكن إلى متى ونحن نتشدق بالجهاد في المجالس وفي غيرها، وهؤلاء الصغار ينصتون لما نقوله ويأخذونه بجدية.. كثرة الهرج والمرج هي مصيبتنا، والكل يتشدق بما يحلو له، إن الجهاد هو جهاد نفسك لوطنك لأسرتك لتلاميذك لأقاربك، هذه عوامل مهمة لترابط المجتمع وحفظ أبنائه من المزالق.. نحن بحاجة إلى مراجعة النفس ونظرة متعمقة في مستقبلنا ووطننا وماذا يريد منا لكي تستمر هذه النعمة التي نحن فيها. لا نريد أن يكثر هرجنا فيحمس صغارنا على أشياء غير منطقية، وأشياء تعتبر حديث مجالس. الوطن بقادته وأبنائه بذلوا الغالي والنفيس لنصرة المسلمين في كل أصقاع الأرض مادياً ومعنوياً، وجهود الدولة مستمرة باسم هذا الوطن وأبنائه لكل الشعوب. إذاً إذا كنا نبذل الغالي والنفيس لكل المسلمين فحريٌّ بنا أن نبذل الغالي والنفيس لهذا الوطن قِبلة المسلمين.. إن هذه الأفكار الشاذة يجب علينا التصدي لها، ولن يتأتَّى ذلك إلا من خلال التوعية للتلاميذ والطلاب بهذه الأفكار المنحرفة.. والتوعية بالمقابل بأهمية الجهاد الوطني علماً وعملاً وبناءً وطاعة لله ثم لولي الأمر.. وأن التوعية بما يدور حولنا مهمة للصغار قبل الكبار.. ولا نخالف الحكمة القائلة (خير الكلام ما قل ودل).. حمى الله وطننا من كل سوء ومكروه.. والدعاء بالتوفيق لقادة هذا الوطن.. والله يحفظ الجميع.
حسن ظافر حسن الظافر
الأحمر - الأفلاج |