كل مدن العالم في العصر الحاضر ملوثة، ويوشك هواؤها أن يخنق السكان لكثرة ما يحتويه من أوكسيد الفحم.
وبديهي أن نسبة التلويث تختلف بين مدينة وأخرى على قدر عدد سياراتها. فإن الخبراء أثبتوا أن السيارة هي الآفة والسبب الأول في التلويث. ولا شك أن عناصر التلويث الصناعية كثيرة كدخان المصانع والفضلات المبثوثة في الجو والتدفئة المنزلية الخ.. إلا أن السيارة تحتل المرتبة الأولى إذ تمثل 40% على الإجمال من مجموع عناصر التلويث.
فإن السيارة تمثل 88% من مجموع عناصر التلويث في مدينة لوس انجيلس، و50 بالمئة في ديترويت، و6% فقط في لويسفيل.
وتأتي الولايات المتحدة في الطليعة ثم تليها أوروبا الغربية حيث تمثل السيارة 30% من عناصر تلويث المدن الكبيرة.
وهذا ما يفسر الاهتمام الشديد الذي تفرده الآن عدة دول ولاسيما فرنسا، للسيارة الكهربائية التي لا تبث في الجو لا أوكسيد الفحم ولا مركبات الرصاص.ويذكر أن فرنسا أنشأت حديثا وزارة جديدة سمتها وزارة حماية البيئة الخارجية. وطلبت هذه الوزارة من الحكومة أن ترصد لها موازنة سنوية قدرها نصف مليار فرنك فرنسي لمكافحة أضرار التلويث. وأعدت هذه الوزارة قانونا لمكافحة ضرر آخر من أضرار السيارات، هو الضجة!فإن السيارات لا تكتفي بنشر السموم في جو المدن بل تشحنه أيضا بضجة متواصلة ترهق الأعصاب. ولا يشك أحد من الأطباء أن الجلبة الصادرة عن سيارات الشحن وحافلات الأوتوبيس والدراجات النارية الخ.. إنما هي سبب من أسباب انتشار السكتة القلبية وعدة أمراض عصبية. بل قال بعضهم إن لهذه الضجة الدائمة في المدن صلة بتكاثر الجرائم!! وبتعاظم نسبة الانتحار.
ولكن كيف السبيل إلى إلغاء الضجة؟
من الوسائل التي يجري بها البحث، السيارة الكهربائية ثم إلزام أصحاب مصانع السيارات والدراجات الخ. بتجهيز هذه الآلات بمخفضات الصوت. فيبدو أن مثل هذه الأجهزة غير عسيرة على العلم الحاضر، إلا أنها تكلف غاليا.ومن الوسائل الآنية ريثما تتحقق هذه المشاريع، إلزام جميع أصحاب السيارات والدراجات، بعرض سياراتهم كل ستة أشهر على مراكز خاصة لكي يفحصها الخبراء ويصلحوا فيها كل ما ينشأ عنه تلويث أو ضجيج. فمن الملحوظ بالإحصاء أن 80% من السيارات في المدن الأوروبية والأمريكية محتاجة إلى تصليح.
وطلبت عدة دول أوروبية من المجلس الأوروبي الأعلى أن يدخل بندا على القوانين الجزائية ويلزم به كل دول أوروبا، بحيث يظهر مفهوم جنحة جديدة هي (جنحة قيادة سيارة في حالة سيئة).
وإن دلت هذه المساعي على شيء فإنما تدل على أن الأوساط المسؤولة في الدول الصناعية باتت شديدة القلق إزاء أضرار السيارة على صحة الناس. مع أن السيارة قد وجدت في الأصل لراحة الناس ورفاهيتهم!!
|