في مثل هذا اليوم من عام 1989، وصل الرئيس السوفييتي ميخائيل جورباتشوف إلى هافانا للقاء الزعيم الكوبي فيدل كاسترو في محاولة لتحسين العلاقات المتوترة بين الاتحاد السوفيتي وكوبا. ولكن شكوك كاسترو حول الإصلاحات الاقتصادية والسياسة التي كان يتبعها جورباتشوف في الاتحاد السوفيتي، بالإضافة إلى حقيقة أن اقتصاد روسيا المريض لم يعد بإمكانه تقديم مساعدات اقتصادية كبيرة لكوبا، حالت دون الوصول إلى اتفاقات مثمرة.وجدير بالذكر أن العلاقات بين الاتحاد السوفيتي وكوبا كانت قوية للغاية منذ أوائل الخمسينيات عندما أعلن كاسترو أن نهج حكومته يسير وفق مبادئ ماركس ولينين. وخلال السنوات التالية، قام الاتحاد السوفيتي بتزويد كوبا بكميات كبيرة من المساعدات العسكرية والاقتصادية، إلا أنه منذ صعود جورباتشوف للسلطة في الاتحاد السوفيتي في عام 1985، ساءت العلاقات بشدة مع كوبا؛ حيث راودت كاسترو شكوك كبيرة حول سياسات جورباتشوف، وغالباً ما كان ينتقد جهوده لتطبيق سياسات اقتصاد السوق الحرة والديموقراطية في الاتحاد السوفيتي.ففي خطاب له في ديسمبر 1988، حذَّر الرئيس الكوبي من أن دولته قد تواجه صعوبات تأتي من معسكر الأعداء وصعوبات تأتي من معسكر الأصدقاء. وعلاوة على ذلك، فإن الاقتصاد السوفيتي الضعيف لم يعد بإمكانه تقديم نفس مستويات المساعدة التي كانت تحصل عليها كوبا في السابق. وكانت زيارة جورباتشوف محاولة لمعالجة الحواجز السياسية بين الدولتين الشيوعيتين.هذا وقد رحَّب كاسترو بجورباتشوف بحرارة شديدة، إلا أن اللقاء الحار برد سريعاً عندما اتضح أن جورباتشوف يأمل في إقناع كاسترو بعمل إصلاحات سياسية واقتصادية، وأنه قام بهذه الرحلة لكي يوضح أن المساعدات السوفيتية سوف تنخفض في السنوات القادمة.وعند مغادرة جورباتشوف، كانت مراسم الوداع طبيعية وحارة، ولكن ليس أكثر من ذلك، ولم يكن لدى جورباتشوف متسع من الوقت لدراسة العلاقات السوفيتية الكوبية. وبعد فترة قصيرة واجه الاتحاد السوفيتي عدم استقرار سياسي واقتصادي، واستقال جورباتشوف في ديسمبر 1991 بعد أن أدَّت سياساته التي انتقدها كاسترو إلى انهيار الاتحاد السوفيتي.
|