في مثل هذا اليوم من عام 1977م اندفع حوالي خمسمائة ألف شخص إلى الشوارع الرئيسية في قلب القاهرة حيث شيعت جنازة المطرب المصري الشهير عبدالحليم حافظ الذي توفي عن ثمانية واربعين عاما.
ولم تشهد العاصمة المصرية مثل هذه الجموع الغفيرة منذ وفاة ام كلثوم اشهر مطربات العالم العربي منذ حوالي عامين.
وخرج عدد غفير من الجماهير كان اغلبها من الشباب الذين بدا التأثر واضحا عليهم وساروا في هدوء.وقد اتخذت اجراءات امن مشددة على طول الطريق الممتد من مسجد عمر مكرم إلى جامع شركس في وسط القاهرة.
واشترك في تشييع المطرب عبدالحليم حافظ عدد من الشخصيات الهامة على رأسها ممدوح سالم رئيس الوزراء ووزير الداخلية ورجال الفن والأدب في مصر.
وكانت الجماهير قد احتشدت في مطار القاهرة حيث تمكنت من الوصول الى ممر الهبوط الذي هبطت فيه الطائرة البوينج التابعة لشركة مصر للطيران التي حملت جثمان المطرب الراحل الى ارض وطنه.
ويقول الاطباء الذين كانوا يشرفون على علاج عبدالحليم حافظ في لندن انه قد لفظ انفاسه الاخيرة متأثرا بنزيف داخلي حاد زاد من خطورة مرض اليرقان - الصفراء - الذي لم يكن المطرب المصري قد برأ منه بعد.وكان المطرب الأول في مصر والعالم العربي يعالج في العاصمة البريطانية بصفة منتظمة لعلاج كبده الذي تليف اثر اصابته بمرض البلهارسيا في صباه.
وذكرت صحف القاهرة ان فتاتين مراهقتين حاولتا الانتحار في العاصمة المصرية حيث القت احداهما بنفسها من الطابق السادس للمنزل الذي كان يقطنه المطرب الراحل.
وكان من المقرر تشييع جنازة عبدالحليم حافظ في الساعة الواحدة بعهد الظهر بالتوقيت المحلي ولكن السلطات رأت انه من الافضل تقديم هذا الموعد حتى لا يتفق موعد الجنازة مع ساعات الذروة ويشل حركة المرور تماما في الشوارع الرئيسية بالعاصمة.وعندما خرج نعش الفقيد من جامع عمر مكرم تعالت صرخات الحزن وتردد هدير من العويل والنحيب.
وسارت فرقة موسيقية تعزف الالحان الجنائزية خلف السيارة التي تحمل رفات عبدالحليم حافظ. ولكن صيحات الجماهير الهيستيرية كانت تشق عنان السماء فتطغى على اصوات الآلات الموسيقية.
وفشل عدد كبير من الجنسين من الشباب في القاء نظرة اخيرة على رفات مطربهم فاخذوا يرددون شعارات تعبر عن لوعتهم لفقدان عبدالحليم حافظ. وعبدالحليم حافظ واحد من اشهر مطربي العالم العربي ولقد مات عن ثمانية واربعين عاما.. ومنذ 1956 اجريت له اثنتا عشرة جراحة في الكبد والمعدة والامعاء والقلب.
وولد عبدالحليم حافظ عام 1929م في قرية الحلوات واتم دراسته في معهد الموسيقى وبدأ حياته الفنية عازفا وعين مدرسا للموسيقى في طنطا عاصمة الدلتا.
وفي 1950 اذاع راديو القاهرة اول اغنية له وتقاضى عنها اجراً قدره خمسة عشر جنيها مصريا. وكان اخر افلامه (أبي فوق الشجرة) الذي وصل اجره فيه الى خمسة وعشرين الف جنيه مصري - ستين الف دولار تقريبا -.
|