كان الملك عبد العزيز من بدء حياته والى ما بعد ظهور السيارات والطيارات كثير العناية بالخيول الأصيلة وكانت إسطبلات خيوله الخاصة في الرياض كما وصفها خبير بالخيل سنة 1355هـ (1936م) تحوي اشهر المرابط وقدر عددها يومئذ بنحو ألف فرس، قال: انها ترعى في أنحاء مختلفة من الصحراء منها 200 اختصها الملك بالتفضيل على سواها لأن معظمها من خيول أجداده فوضعها في واحة (الخرج) حيث تجد كفايتها من البرسيم الحجازي وتشرب من المياه الجارية من ينابيع الخرج.
وكان من أجود خيله في حروبه الأولى فرس يفضلها لركوبه اسمها (منيفة) قتلت في إحدى المعارك واستعاض عنها بفرس اخرى تسمى (الصويتية) ذكرها فؤاد حمزة في كتاب (قلب جزيرة العرب).
ونقل الدكتور مبروك حديثاً للملك عبد العزيز عن الخيل جاء فيه قول الملك: كانت الخيول العربية ضرورية جداً للبدو قبل عشرين عاماً حيث كان الغزو قائماً بينهم على قدم وساق. فكان البدوي لابد له من ان يقتني فرساً أو اكثر مهما يكلفه ذلك من غذاء وماء لها حتى حليب ابله فانه يؤثر به أفراسه على أولاده ونفسه، وذلك ليستطيع الكر بها على أعدائه والغزو عليها بما تصل أليه يده من غنيمة والنجاة بامتطاء ظهرها. اما الآن (1355هـ) (1936م) وقد اصبح الغزو اثراً بعد عين والبلاد آمنة لا يخاف الإنسان فيها على نفسه أو ولده أو ماله قل أو كثر، فليس هناك حاجة الى رباط الخيل لما يتطلبه ذلك من التكاليف الباهظة إذ لا يوجد ما يبررها.
ومن هذا يتضح ان البدوي كان حبه للخيل ناشئاً عن شدة احتياجه أليها بل كانت حياته مرتبطة بحياة خيله. ثم قال الملك: وكانت الخيل فيما مضى عدة من عدد الحرب لصاحبها إذ كانت وسائل المقاتلة بالسيوف والحراب والبنادق القصيرة المدى. اما اليوم وقد صارت الحروب بالبنادق البعيدة المرمى فقد اصبحت حياة الخيول وركابها عرضة للخطر المحقق حيث يلحقها رصاص هذه البندقية السريعة الطلقات البعيدة المرمى وسرعتها تفوق سرعة الخيل بمراحل. وقال راوي الحديث عن الملك بعد ذلك: وقد ذكر جلالته من قبيل التدليل ان الخيل لا يمكنها الفرار من البنادق البعيدة المرمى، انه بعد معركة أمكنه ان يعد 450 فرساً نافقة، وقال ان جلالته محب للخيل محبة عظيمة ولكنه يأسف لأن تطورات الزمن جعلت الخيل في إدبار والحديد في إقبال ولأن انتشار وسائل النقل الآلية انتشاراً متزايداً جعل الناس لا يرون ضرورة لتربية الخيل. قال سليمان الدخيل سنة 1332هـ (1913م): وفي الرياض من جياد الخيل ما لا ترى له أمثالا في سائر ربوع العرب.
وقال الجيولوجي (تويتشل) ان الملك عبدالعزيز وابناءه ومعظم البارزين من العرب السعوديين يلذ لهم ركوب الخيل والسباق وكثيراً ما يشاهدون في المسابقات في الرياض والطائف ومراكز اخرى حيث يشترك الأمراء أحيانا فيها ويملك الملك إسطبلا كبيراً يشمل على الخيول الأصيلة في اليمامة قرب الخليج. ثم لاحظ ان الخيول الموجودة في إسطبلات الطائف واليمامة قليلاً ما تروض.
وفي الرياض عدا خيل الملك عبد العزيز خيول معروفة الأصول جمعت وزارة الزراعة بعد وفاته طائفة منها في إسطبلات على الطريقة الحديثة سمتها (مركز تربية الخيول العربية) كتب أحد زوارها ان فيها 220 فرساً معظمها من الفصائل الأربع الأصيلة: الكحيلة والحمدانية والعبية والصويتية. وان في هذا المركز سجل خاص بالخيول وفصائلها يبين نسب كل فرس فيه. وتحدث ابن بليهد عن آبار تعرف باسم (الحمى) وهي أراض فسيحة، قال: حماها الملك عبد العزيز لخيله.
ومن الاحديات التي تقال فوق ظهور الخيل وتنسب الى الملك عبدالعزيز - رحمه الله - هذه المقاطع:
ياهجر يازين النبات
لاتحسب انا هاربين
ان طول الله بالحياة
لابدنا لك راجعين |
وكان رحمه الله يتمثل بهذا البيت:
ما يسلم الا اللي يعيل
والمنسدح كل وطاه |
وقال بعد معركة جراب:
عيوا يطيعون النصايح
وانا عن البوق اتدرا
ياللي تريدون المدايح
ما خير الا عقب شرا |
ويقول مشجعاً جيشه:
عيب على اللي يركب المشوال
ولا يروي الرمح الطويل
ما كل من ركب الفرس خيال
ان نهضن رهم الشليل |
وقال ايضاً:
مهبول يا قايل قضت
توه عمر دخانها
يطرد بها ورع صغير
وخيل بظهور حصانها |
وقال الملك عبد العزيز - رحمه الله - يمازح أحد فرسانه كبار السن:
خلى نياقه عقب شوف العين
ما به ردى الا علة الشيبان |
فرد عليه ذلك الفارس قائلاً:
الغوج رديته بتال الخيل
يوم ادبحن الخيل بالفرسان
لعيون من ريحه زباد وهيل
شامت عن الجاهل تبا الشيبان |
|