أَسَارِيَ بَرْقٍ رَوِّ قُبَّتَهَا دَمَا
كَأَنَّ بُكَاهَا رَاعَشَ الْقَلْبَ عَنْدَمَا..
أَلا لَيْتَ لِي قَلْبَيْنِ.. فِي أَرْضِ غَزَّةٍ
بَكِيُّهُمَا.. يَبْكِي.. فَيَدْعُو.. فَيَسْلَمَا..
وَآخَرُ فِي مِعْرَاجِهَا الْقُدْسِ مُونِقٌ
بِعِطْرِ صَفِيِّ اللَّهِ.. فِي الْقُدْسِ حَوَّمَا..
فَعَرِّجْ.. فَدَيْتُ الْمُزْدَهَى صَوْبَ طَابَةٍ
وَحَيِّ نَبِيَّ اللَّهِ شَخْصًا وَأَعْظُمَا..
وَحُمْ حَوْلَ رُكْنِ الْبَيْتِ وَاقْرَأْ سَلامَهُ
وَمُهْجَتَهُ.. الأَقْصَى أَسِيتُ وَسَلَّمَا..
نَهَارَ أَسَانَا.. لَيْلَةُ الْوَرْدِ نَوَّرَتْ
مُنَعَّمَةً بِالْوَرْدِ.. تَاجًا وَمَبْسَمَا..
أَمِنْ آلِ يَاسِينَ.. الْغَدَاةَ مُجَانِبٌ
صَبَابَةَ غَيْمِ الشَّامِ فِي الْجَفْنِ غَيَّمَا..
عَلَيْكَ سَلامُ اللَّهِ.. يَاسِينُ.. كَمْ جَرَى
بِكَ اللَّيْلُ دَمْعًا سَاهِرًا لَوْ تَكَلَّمَا..
أَدِرْهَا الْحُمَيَّا.. أَتْرَعَ الصُّبْحَ كَأْسَهَا
مُضَوَّعَةً.. مَنْ حَاسِبٌ مِسْكَهُ دَمَا..
شَتِيتَانِ.. مَوْجُوعُ الأَرَائِكِ سُهِّدَتْ
لَيَالِيهِ.. لَكِنْ هَلْ شَهِيدٌ تَأَلَّمَا..
فَلا وَالَّذِي تَغْدُو مَلائِكُ قُدْسِهِ
مُسَبِّحَةً.. وَالطَّيْرُ.. أَكْوَانُهُ فَمَا..
رَوَاحًا إِذَا الْوَاحَاتُ هَفْهَفَ مَاءَهَا
بِمُقْلَةِ رَاءٍ دَمْعُهُ.. مُقْلَةً فَمَا..
فَيَا آلَ يَاسِينَ.. الْحِجَازُ مُسَاعِفٌ
بِلَيْلَةِ دَاعٍ.. قَدْ أَهَلَّ وَأَحْرَمَا..
وَنَجْدٌ وَقَلْبِي وَالْجَلِيلُ أَوَانِسًا
وَنَخْلاً.. حَمَامُ الْبَيْتِ رَفَّ بِ(زَمْزَمَا)..
وَبَاكٍ يَمَانٍ مُسْتَهِلٌّ بِرُكْنِهِ
بُكًا أَوْدُعًا.. لَوْنَانِ وَازْدَحَمَا ظَمَا..
ظَمًا لَوْ نَوَاحِيهِ أَهَلَّتْ بِمَائِهَا
تَصَفَّى غَمَامًا بَاكِيًا -بَعْدُ- هَوَّمَا..
بِغَزَّةَ.. هَلْ شَمْسٌ تَبَلَّجَ صُبْحُهَا
عَلَى كَبِدٍ حَرَّى.. فَيَا صُبْحُ قَلَّمَا..
أَسِينَا.. بَكَيْنَا.. إِنَّمَا اللَّيْلُ مُوْحِشٌ
أَلا لَيْتَ لِي قَلْبَيْنِ.. بَدْرَيْنِ رُبَّمَا..
عَلَى أَنَّ وَمْضًا فِي سُهَيْلٍ بَدَتْ بِهِ
مَوَاجِدُ.. لَكِنْ أَجْهَشَتْ أَوْ كَأَنَّمَا..
فَهَلْ فِي الثُّرَيَّا مِنْ ظَمَا الشَّامِ لَوْعَةٌ
وَمِنْ حُزْنِ (يَافَا) أَلْبَسَتْهُ (يَلَمْلَمَا)..
وَهَلْ سُجَّعًا هَذِي الْحَمَامَاتُ قُلْ لَهَا
أَتَسْجَاعُ طَيْرٍ.. مُفْرِدٍ بَانَهُ.. لِمَ..
أَأُفْرِدَ هَذَا الْبَانُ.. مَا بَانُ رَوْضَةٍ
يَمَانِيَّةٍ إِلاَّ تَجَاوُبُهُ.. الظَّمَا..
وَبِالْغَوْرِ.. مَاذَا.. هَلْ بَكَى الْبَانُ رَوْعَةً
عَلَيْكَ سَلامُ اللَّهِ.. يَاسِينُ.. كُلَّمَا..
تُسَبِّحُ أَفْلاكٌ وَطَيْرٌ وَبَانَةٌ
وَرَفُّ شِفَاهٍ ذُبَّلٍ آدَهَا اللَّمَى..
وَنَجْمَةُ لَيْلٍ فِي غِلالَتِهَا صَفَتْ
وَأُخْرَى غَشَاهَا اللَّيْلُ بِاللَّيْلِ مُفْعَمَا..
أَمِنْ مُقَلَةٍ شَامِيَّةِ اللَّوْنِ.. جَارِيًا
عَلَى حَزَنٍ.. ذَا الْوَقْتُ يَنْدُبُ لُوَّمَا..
فَيَا لَوْمُ غِبْ.. لا غَيَّبَ اللَّهُ أَنْجُمًا
تُذَكِّرُنَا وَعْدًا حَبِيبًا وَأَنْجُمَا..(1)
فَمَا شَجَرٌ إِلاَّ تَحَدَّثَ.. غَيْرُهُ
(أَغَرْقَدُهَا).. جُذُّوهُ خَلُّوهُ أَبْكَمَا..(2)
فَلا سِتْرَ إِلاَّ الرِّيحُ شَابَ بِهَا الْفَضَا
وَلا سِتْرَ إِلاَّ الرِّيحُ صَدْيَانَ أَجْثَمَا..(3)
تَأَوَّبُ فِي رَجْرَاجَةٍ مِنْ صَفِيرِهَا
وَتَحْجُلُ مِسْكًا -مِنْ قَدِيمٍ- مُنَعَّمَا..
فَيَا مِسْكَهَا -الْفَارُوقُ- صُبِّحَ غُدْوَةً
بِخِنْجَرِ شَيْطَانٍ.. أَمِسْكًا وَسُمِّمَا..
لَكَ اللَّهُ -يَاسِينُ- الضُّحَى فِي غِلالَةٍ
مِنَ الشَّوْقِ.. هَبْنِي الْمِسْكَ.. أَصْبَحْتَ صُوَّمَا..(4)
فَرَوَّاكَ رَبِّي كَوْثَرًا.. قُلْ مَعِينُهُ
أُحَيْلَى وَأَشْهَى.. وَالْمُصَفَّى تَعَنْدَمَا..
أَلا لَيْتَ.. كَمْ فِي (لَيْتَ) مِنْ وَجْدِ عَبْرَةٍ
وَمِنْ حُرْقَةٍ أَسْيَانَةٍ.. لَوْ تَنَعَّمَا..
أَفِي الشَّامِ حَارَتْ كُلُّ عَيْنٍ فَإِنَّهَا
يَمَانِيَّةٌ حَيْرَى فَتَشْفِيكَ عَنْدَمَا..