بقدر ما كان الفرح العارم بموافقة الحكومة ممثلة في وزارة الثقافة والإعلام بقيام كيان نقابي مهني احترافي للصحفيين السعوديين، بقدر ما كان الترح من العوار الذي عطل مسرة تمام قيام الجمعية، وذلك بسبب ما جرى من اعتساف تكييف منطوق الأنظمة من اللجنة التأسيسية التي تطوعت مشكورة للقيام بأعمال التأسيس، هذه اللجنة قد قامت نيابة - غير اختيارية ولا تفويضية-، ولا مشاحة في هذا كعمل تطوعي، فقد جاء هذا وفق ما يقضي به نظام المؤسسات الصحفية الصادر بالمرسوم الملكي م - 20 لعام 1422هـ الذي صدرت لائحة تنفيذية لأحكامه بقرار وزير الإعلام رقم م-و- 5144 لعام 1422هـ. لقد نصت المادة 27 من اللائحة التنفيذية على:
1- (للصحفيين العاملين في مجالات العمل الصحفي في هذه اللائحة إنشاء هيئة تمثل نشاطهم بعد تقديم طلب للوزير وفق الإجراءات الأولية:
أ - يقوم العاملون في المجالات الصحفية بتشكيل لجنة تأسيسية مؤلفة من عشرة أشخاص على الأقل يمارسون ذات النشاط، ويحددون من يمثلهم لتقديم الطلب واستكمال إجراءات الترخيص.
ب- يقدم ممثل اللجنة التأسيسية طلبا موقعا من عدد من الصحافيين يمثلون القطاعات الإعلامية التي تمارس العمل الصحفي في المملكة.
2- بعد موافقة الوزير المبدئية على إنشاء الهيئة، على ممثل اللجنة التأسيسية استكمال الإجراءات المتممة للتراخيص وفق الآتي
أ- تعمل اللجنة التأسيسية على إعداد مشروع اللائحة الأساسية للهيئة وتحدد مهامها واختصاصاتها وكل ما يتعلق بأمورها.
ب- يعرض مشروع اللائحة على الوزارة لإبداء الملاحظات عليه، وتقوم اللجنة بأخذها بعين الاعتبار.
ج- تدعو اللجنة التأسيسية ممارسي العمل الصحفي لتقديم طلبات الانتساب للهيئة وفق استمارة توافق عليها الوزارة وتحدد مدة لتقيم الطلبات.
د- يرفع رئيس اللجنة التأسيسية إلى الوزارة قائمة بأسماء أصحاب الطلبات، ومهنهم وجهة عملهم وأعمارهم، وغير ذلك من المعلومات.
هـ- بعد موافقة الوزارة على قائمة طالبي الانتساب تدعو اللجنة التأسيسية أولئك الذين قدموا طلبات الانتساب لعقد الاجتماع لإقرار لائحة عمل الهيئة واختيار أول مجلس إدارة لها.
و- يرفع رئيس مجلس إدارة الهيئة إلى الوزير لائحة عمل الهيئة بعد ان تقرها الجمعية العمومية، وذلك لاعتمادها وإصدار ترخيص للهيئة لتمارس بموجبه نشاطها رسمياً.
ز- يكون للهيئة محاسب قانوني ينظم حساباتها وفق الأصول المحاسبية.
3- تنتهي أعمال اللجنة التأسيسية بعقد أول جمعية عمومية، وتقديم اللجنة تقريرا مفصلا عما قامت به إلى الجمعية العمومية.
وهنا فإن النصوص النظامية التي تنظم دستورية العمل من قبل اللجنة التأسيسية واضحة وضوح الشمس، لكن لأمر ما لم يتضح له منطق ولا تبرير نجد أن اللجنة الموقرة قد خرجت عن نطاق العمل الموكل إليها القيام به دون سند نظامي أو تفويض من المنتمين للعمل في المجالات الصحفية. فقد بدأ التخبط بعد إعلانها بنشر أسماء المتقدمين للطلبات، وهي هنا تعني أن وزارة الثقافة والإعلام قد اطلعت عليها، ولم تبد أي ملاحظات عليها، وبداية التخبط هو محاولة فرض هيمنة كاملة لرؤساء التحرير للترشيح لمجلس الإدارة الذي قاومه الكثير من المنتمين لمجالات العمل الصحفي، كما تقول نصوص نظام المطبوعات والمؤسسات الصحفية ولائحتيهما التنفيذيتين، مما حدا بالانسحاب الجمعي للسادة رؤساء التحرير من الترشح، وهو انسحاب باطل دستوريا لأنهم قد ترشحوا مع غيرهم من المنتمين في مجالات العمل الصحفي، وبالتالي فليس لذلك الانسحاب مشروعية في بطلان سلامة الترشح والانتخابات كما كتبت عن ذلك في حينه، وهنا فلا نستطيع الحكم بنزاهة وبراءة الانسحاب، ولكن لا تأثير له على دستورية ومشروعية الانعقاد الانتخابي. ولذا جاء التأجيل مبررا بإتاحة الفرصة لمن يرغب في الترشيح، لكن ما ظهر من عمل غير نظامي ولا سند له من منطق ولا دستور هو قيام اللجنة التأسيسية بتعريفات لمن يكون الصحفي او العمل الصحفي، كما افرز تقرير اللجنة استبعاد أكثر من 50% من المتقدمين - صحفي - إعلامي ذكورا وإناثا واقتصار الامر على من يعملون في مجال التحرير في الصحف والمجلات الصادرة عن المؤسسات الصحفية فقط، وهذا امر ليس لهم حق في العمل به او التطرق اليه لأنه من اختصاص الحكومة التي تمثلها وزارة الثقافة والإعلام. بل إن هذا تعد صارخ في ممارسة عمل تشريعي سيادي للدولة ولا مشروعية لاحد في ممارسته دون تفويض ممن له الصلاحية الدستورية في اصدار الانظمة ولوائحها وتفسيرها. فقد نص نظام المطبوعات في المادة الاولى في الفقرة 3 الى تعريف الصحفي:
(كل من اتخذ التحرير الصحفي مهنة له، سواء أكانت اصلية أم اضافية) وفي الفقرة 4 عرف النظام الصحيفة: (كل مطبوعة ذات عنوان ثابت تصدر بصفة دورية او في المناسبات في مواعيد منتظمة او غير منتظمة، كالجرائد والمجلات والنشرات) وفي الفقرة 7 عرفت المطبوعة (كل وسيلة للتعبير، مما يطبع للتداول، سواء أكان كلمة أو رسما، ام صورة، أم صوتا).
وفي هذه النصوص النظامية الرد على تجاوز ممثل اللجنة التأسيسية الزميل العزيز الدكتور عبدالله الجحلان في تبريراته في المؤتمر الصحفي في مركز البابطين نهاية الاسبوع الماضي في أحاديثه الصحفية وهو عندي رجل فاضل وثقة لكني اتحفظ على أهليته في الحديث عن شيء ليس له في ذلك صلاحية وبالذات في تفسير النظام؟ فالقاعدة القانونية تقول: (لا يملك حق تفسير النظام الا من اصدر النظام او خول له ذلك) والمرجع هنا رئيس مجلس الوزراء او وزير الثفافة والإعلام.
ولعل المزيد من الايضاح في عدم صحة كل تبريرات اللجنة التأسيسية هو من نفس الأنظمة فقد اشارت المادة 6 من نظام المطبوعات بالنص (للجهات الحكومية والمؤسسات التعليمية والبحثية، والجمعيات العلمية، والأندية الأدبية والثقافية، والمؤسسات الصحفية الأهلية، اصدار مطبوعات غير دورية في مجال اختصاصاتها وتحت مسؤوليتها).
وعرفت مادة 1 من اللائحة التنفيذية لنظام المطبوعات والنشر التداول وأوعية المعلومات، والمادة 2 وصفت الأنشطة الخاضعة لأحكام نظام المطبوعات، والدعاية والاعلان والعلاقات العامة والخدمات الصحفية.
وحددت المادة 42 من نفس اللائحة ضوابط الخدمات الصحفية والمادة 61 مكاتب الدراسات والاستشارات الإعلامية، المادة 62 العلاقات العامة والمادة 63 مطبوعات الجهات الحكومية والعلمية والثقافية والصحفية.
بل لقد حددت المادة 78 الصحف المحلية: (تشمل جميع الصحف والمجلات التي تصدر داخل المملكة من قبل المؤسسات الصحفية او الجهات الحكومية او العلمية او الثقافية او الجهات الأهلية او الافراد حسبما ورد في النظام، وفي هذه اللائحة (وحددت المادة 83 ضوابط اصدار الصحف والمجلات من قبل الجهات الحكومية والعلمية والثقافية).
ونصت المادة 1 فقرة 4 من اللائحة التنفيذية من نظام المؤسسات الصحفية بتعريف للصحفي: (كل من يمتهن الصحافة بشكل دائم سواء أكان العمل في مؤسسة صحفية او منشأة إعلامية).
ونأتي هنا الى ما هو اكثر وضوحا في الرد الوافي على تجاوزات اللجنة التأسيسية على الانظمة وعلى العاملين في مجالات العمل الصحفي كما يقول النظام. لقد كان نص المادة 20 من اللائحة التنفيذية لنظام المؤسسات الصحفية كما يلي:
1- الصحفي هو من يتخذ الصحافة المكتوبة او المسموعة او المرئية مهنة له يمارسها في إحدى المنشآت الإعلامية ذات العلاقة بالعمل الصحفي.
2- يعتبر صحفيا كل من يسهم في العمل الصحفي لخدمة الخبر واعداد وتصميم المادة الصحفية لنشرها من محررين وكتاب ومراسلين ومترجمين ومحققين ومصورين ومصممين ومصححين ومعلقين ورسامين وخطاطين ومخرجين ويشمل ذلك:
1- العاملين في المؤسسات الصحفية.
2- العاملين في مؤسسات اصدار الصحف والمجلات خارج نطاق المؤسسات الصحفية.
3- العاملين على وظائف صحفية لدى الجهات الحكومية، والتعليمية والثقافية التي تصدر مطبوعات دورية.
4- العاملين في مكاتب الخدمات الصحفية ويمارسون أعمالا مرتبطة بمتابعة وخدمة الخبر ونشره في الصحف والمجلات ومراسلة الوسائل الإعلامية المحلية والاجنبية وفق احكام نظام المطبوعات والنشر ولائحته التنفيذية.
5- العاملين في الإذاعة والتلفزيون في إدارات الأخبار ويمارسون أيا من الأنشطة ذات الصلة بالعمل الصحفي.
6- العاملين في وكالة الأنباء السعودية على أي من الأنشطة الوارد ذكرها.
7- اي أنشطة صحفية أخرى تقرها الوزارة، او تقترحها هيئة الصحفيين وتوافق عليها الوزارة.
وهنا فإن استبعاد اي صحفي من قبل الهيئة التأسيسية يعد عملا خارج نطاق صلاحيتها واختصاصها بل هو تعد على النظام وعدم اكمال لما احتج به من النصوص المبتورة، واعتساف التكييف بما يلحق الضرر بكل العاملين في مجالات العمل الصحفي التي سبق ايضاحها بالنصوص النظامية من الأنظمة واللوائح التنفيذية، ففي هذا تدليس وعدم مصداقية حتى في اسناد المرجعية النظامية بأمانة النقل والعقل.
وهنا فبقدر العتب على رئيس اللجنة التأسيسية الأستاذ العزيز تركي السديري وبقية الزملاء الأعزاء الاعضاء، ومع بالغ الشكر لتفهمه بعد الاجتماع لما شرح له ووعده بمعاودة الدراسة والنقاش، فإن اللوم كل اللوم على موظفي وزارة الثقافة والإعلام الذين اشتركوا في أعمال اللجنة التأسيسية انهم لم يبينوا منطوق الأنظمة، ولعلي اطالب معالي وزير الثقافة والإعلام بلومهم والتحقيق معهم في هذا الخلل في تمثيل الوزارة التي هي ممثلة للحكومة والسياسة الإعلامية التي هي جزء من سياسة الدولة. وهذا لا يمنع من تقديم الشكر لوكيل الوزارة للإعلام الداخلي مسفر المسفر الذي اوضح لي عند استقبالي في مكتبه عقب اللقاء بيوم ان الامر مازال تحت الدراسة المتعمقة ولم يصدر أي شيء رسمي من الوزارة بعد.
والعذر من زميلنا العزيز الدكتور عبدالله الجحلان في تذكيره ان اول المتضررين من تطبيق ما يراه في تعريف الصحفي هو نفسه فهو عضو هيئة تدريس في جامعة الإمام معار لمؤسسة اليمامة وليس متفرغا، ولا نريد له ان يكون كالتي نقضت غزلها أنكاثا، وكذلك الحال مع رئيسي تحرير صحيفة الندوة وسعودي جازيت اللذين يعملان كذلك في إحدى الجامعات في جدة. ولا عيب او ضير في الرجوع للحق، فليس الامر في العمل في المجالات الصحفية هو منظور وظيفي بل اداء وانتماء مهني وليس في النظم التي سبق ايرادها ما يمنع الجمع بين العمل الصحفي وغيره من مصادر الرزق، وفقا لمقتضى منطوق الفقرة 2 من المادة 23 من اللائحة التنفيذية لنظام المطبوعات الصحفية.
وهنا فإن الأمر مرفوع بالطلب الى وزير الإعلام بوقف أعمال اللجنة التأسيسية التي ظنت ان العمل الصحفي هو مقصور على المؤسسات الصحفية مخالف لما سبق سرده من النصوص النظامية. ونطالب بتشكيل لجنة تأسيسية تمثل فيها كل النخب العاملة في مجالات العمل الصحفي من العاملين في الإدارات الحكومية والأهلية ومراكز الاستشارات والدراسات الإعلامية والاعلانية والتسويقية المرئية والمسموعة والمقروءة، فلا شك أن ما تم ممارسته من قبل اللجنة وبالذات من الدكتور عبدالله الجحلان عمل جانبه الصواب والتوفيق، ولا يخدم مصلحة وطنية، وبالذات ومرفق مجالات العمل الصحفي عمل فكري راق يمثل النخب الفكرية الشابة المتعلمة والمثقفة التي هي رأس الهرم في مؤسسات المجتمع المدني، الذي سيكون لاحقا لما هو قائم من الجمعيات العلمية التي يزيد عدد المشتركين فيها اليوم عن 50 الف رجل وامرأة في التاريخ والآثار والجغرافيا والهندسة والطب والإعلام والاتصال وغيرها.
ولا نريد ان تكون هيئة الصحافيين حجر عثرة أمام الانتخابات البلدية، ولعلي استرعي انتباه ونظر معالي الدكتور فؤاد الفارسي وزير الثقافة والإعلام الى ان عدم وقف ما جرى من تجاوز سوف يستدعي التقدم من الأكثرية بطلب تأسيس لجنة بديلة وهيئة ايضا وفقا لما تقضي به الأنظمة السابق الاشارة اليها.
ولعل الجهات الحكومية التي تصدر مجلات شهرية او دورية هي من الضخامة بمكان مقارنة مع بعض الصحف والمجلات التي تصدرها المؤسسات الصحفية.
فمجلة المعرفة التي تصدرها وزارة التربية والتعليم توصل معلومات وتثقيفا مهنيا معرفيا لحوالي مليون معلمة ومعلم؟ وكذلك مجلة الدفاع والحرس الوطني والأمن وقافلة الزيت والفيصل والعربية والمنهل والإعلام والاتصال والحج والنقل والمواصلات وغيرها.
أليس عيباً ونقصاناً مهنياً وأخلاقياً أن ينكر على رموز وطنية قدوة ومثال في مجال العمل الصحفي أن يكونوا صحفيين؟ ماذا لو أراد عبدالله بن خميس ان يكون عضوا في جمعية الصحفيين السعوديين؟ هل سوف نقول: إنه قد ترك العمل في الصحافة؟ وماذا نقول عن تصدر اسمه ترويسة صحيفة الجزيرة انها مؤسسها؟
ماذا عن عبدالله بن إدريس أحد أعلام الصحافة والثقافة؟ ماذا عن حامد مطاوع، عبدالله مناع، محمد وهشام علي حافظ، عبدالله نور، عبدالله خياط رضا لاري، محمد سعيد طيب، محمد الشيباني، محمد العجيان، فهد العرابي الحارثي، ساعد العرابي الحارثي نبيه الانصاري معن حمد الجاسر، عثمان العمير، عبدالرحمن الراشد، محمد الحارثي، خيرية السقاف، عائشة المانع، عائشة ابو الجدائل، هتون الفاسي، جهير المساعد، سهيلة حماد، طيبة الادريس، هداية درويش سلمان.
*باحث ومستشار إعلامي
|