من النعم العظيمة التي أنعم الله بها علينا في هذه البلاد، نعمة البيئة الصالحة، فالصلاح هو الأصل في مجتمعنا ولله الحمد، وإن حصل خلاف ذلك فإنما هو من الطوارئ والحوادث التي تطرأ وتحدث في كل مجتمع من المجتمعات فيجب علينا أن نشكر الله عز وجل على هذه النعمة وأن نتكاتف ونتعاون على أن تبقى لنا بيئتنا صالحة ولا نسمع ولا نسمح للعابثين والحاقدين والحاسدين، وأن نكون يدا واحدة في وجه كل عابث وحاقد وحاسد.
ومما لا شك فيه أن للعيش في البيئة الصالحة اثراً فعالاً ومنافع لا تحصى من أهمها وأبرزها الإعانة على الطاعة، والبعد عن المعصية، ولهذا جاءت الأدلة من الكتاب والسنة تبين أهمية ذلك، ففي القرآن أمر الله عز وجل بالهجرة، وهي الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام، فقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا} وأما في السنة فالأحاديث كثيرة جدا منها قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما ان تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً منتنة).
فوجود المسلم في مجتمع صالح، يعينه على طاعة ربه، ويساعده على البعد عن معصية خالقه، وتأمل أخي القارئ الكريم ذلك المجتمع الذي ما عرفت البشرية مجتمعا اصلح منه ولا وطئ الأرض مثله بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال: (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم) ففي ذلك المجتمع الرباني، الذي بلغ فيه التكاتف والتآخي والتناصح ذروته ومحبة الله والرغبة في الجنة نهايتها، كان العاصي تضيق به الأرض بما رحبت، لأن الذي حوله كلهم صالحون فلذلك فيذهب بنفسه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم تائبا يريد أن يطهره، فيقف بين يديه يقول: طهرني يا رسول الله، أقم عليّ الحد، والحد اما قتل أو رجم او جلد أو قطع يد كما في الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه: أن امرأة من جهينة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حبلى من الزنا، فقالت: يا رسول الله، أصبت حدا فأقمه عليّ فدعا نبي الله صلى الله عليه وسلم وليها فقال: (أحسن إليها فإذا وضعت فأتني) ففعل فأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فشد عليها ثيابها ثم أمر بها فرجمت، ثم صلى عليها، فقال له عمر رضي الله عنه :تصلي عليها يا رسول الله وقد زنت! قال صلى الله عليه وسلم: (لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت أفضل من أن جادت بنفسها لله جل وعلا؟).
فنسأل الله جل وعلا أن يديم لنا صلاح مجتمعنا وأن يحفظ لنا أمننا إنه على كل شيء قدير.
حائل- ص.ب 3998 |