القلق مرض فتك بكثير من المجتمعات، فهو يصيب الرجال والنساء على حد سواء، لكنه قدم إلى بلاد المسلمين وانتشر فيها في هذه الأزمان المتأخرة.
ينتشر هذا المرض كلما جاءت الحياة المادية على حساب القيم المعنوية، ويتفاقم كلما غابت عن الوجود شريعة الإسلام بهديها وعدلها.
القلق خواطر لا حقيقة لها، وأوهام لا وجود لها، وشكوك لا أصل لها، فينقطع صاحبه عن الحياة، ويضعف بعد القوة، ويعتزل الناس بعد الصحبة.
أما دواعي القلق فتنحصر في التحسر على ماضٍ عمله الإنسان وهو عليه نادم، أو إشغال الفكر بمستقبل لا يدري ما الله صانع فيه، أو مواجهة واقع نازل لا يدري كيف الخلاص منه.
إن القلق من المستقبل حمق وسفه وإفساد للحاضر السعيد، فإساءة الظن والتشاؤم لا يليق بالمسلم الذي علمه الإسلام حسن الفأل وتوقع الخير.
وأما النوازل والوقائع الحاضرة فينبغي لكل مسلم أن يصبر ويحتسب رجاء ثواب الله وخوفاً من عقاب الله.
أخي القارئ الكريم: إن علاج النفس من القلق يبدأ من الإيمان الصادق بالله عز وجل { وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ}، وذكر الله عز وجل سبب لطمأنينة القلب وانشراح الصدر { أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}، أما الفزع إلى الصلاة فهو روح المؤمن وطمأنينته؛ فقد كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة (أرحنا بالصلاة يا بلال)، والدعاء سبب لإزالة الهم والقلق؛ فقد رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- رجلاً من الأنصار في المسجد قد ركبته الديون، ولزمته الهموم، فأرشده أن يقول إذا أصبح وإذا أمسى: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال).
وعلاج النفس من داء القلق عدم التطلع إلى ما عند الآخرين، والرضا والقناعة، ومنها الاعتدال في النظرة إلى الحياة، وأنها ليست دار مقر وإنما هي دار ممر، فلا تستحق أن يُقلق من أجلها.أخيراً، الاستغفار علاج رئيس لهذا الداء (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً).
إشارة:
وإذا اتقى الله امرؤ وأطاعه
فتراه بين مكارم ومعالي
( * ) الرياض |