Friday 2nd April,200411509العددالجمعة 12 ,صفر 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الفرح المفاجىء الفرح المفاجىء
فهد الحوشاني

أحياناً تنتاب الإنسان حالات من الفرح المفاجىء حيث يشعر بتيارات من السعادة الغامرة تسري في أعضاء جسده، هذه السعادة سماوية المنشأ وليست أرضية, انها هبة من الله تعالى ليست مصادرها مادية محسوسة بل روحانية أتت لتعيد له الفرح الذي كاد أن ينساه, حاول كثيراً أن يجد له طعماً في الأشياء من حوله ولكنها فشلت أن تحقق مبتغاه، فكل ما حوله أصبح عادياً انطفأت فيه المواقد المشتعلة ولم تعد تهب منها تلك النسمات المرحة المترجرجة التي كان يعرفها فيما مضى على الأقل عندما كان صغيراً حيث كان يعاشر الفرحة ليل نهار فكل ما حوله كان ممتعاً متلألئاً. في هذا الزمان لم تعد الأشياء تثير الفرح لذلك فالله سبحانه وتعالى لم ينسه حيث أرسل إليه هذا الشعاع الروحاني المحمل بالكترونات البهجة لتسري في جسده الذي بدأ يتسمم وتنتشر فيه بكتيريا منغصات الحياة، والتي ينقلها الدم لتستقر في كل أجزاء الجسم الذي لم تعد له الطاقة نفسها التي تمكنه من المقاومة فأصبح مرتعاً سهلاً ومستقراً مفضلاً للأمراض الجسمية والنفسية، وهذا بسبب أن الإنسان في هذا العصر لم يعد يفرح كما يجب، ولهذا فمتى ما شعر الإنسان أنه لم يعد يفرح كما يجب وكل ما حوله بدأ يفقد إثارته وحلاوته فإن الله سبحانه وتعالى لن ينساه وسيرسل إليه فيضاً من كراماته ليغسل بها أدران نفسه وأكدارها ليرى الحياة أكثر صفاء ونقاء بعد أن اعتمت في عينيه.
اذا كنت ممن يعانون من انطفاء الفرح لديك فإن عليك منذ الآن أن تواصل البحث عما يفرحك وستجد ذلك حتماً بفعل الخير. وعند ذلك ستشعر أن الحياة تغيرت ألوانها التي اعتدت عليها ورغم ذلك فلن تنقطع عنك تلك النفحات الفرائحية التي تأتيك دون سبب ظاهر. ولكن عند ذلك ستكون أطول مدة وأعمق أثراً لأنها وجدت جسداً ونفساً يتقبلان قوافل الفرح لأن تلك النفحات الفرائحية المرسلة لا تتعامل مع النفس والأجساد الصدئة والملوثة بكدر الحياة.
لكن إذا شعرت بذلك الفرح العارم يغزوك فحاول أن تنعزل عن الناس, خذ مكاناً نائياً وبعيداً عنهم, استمتع بتلك الجرعات الهنية, انفرد بالفرح واجعله ينفرد بك، خذ أكبر قدر منه, املأ جوفك وحنايا قلبك, تمسك به أكبر وقت ممكن، أهرب به من عيون الناس الحارة وابعده عن أصحاب الجباه المقطبة فهي عدوة الفرح، ابحث عن مكان هادىء, اصنع لنفسك طقساً يتناسب مع قدوم ذلك الزائر الجميل, اجعله يكتسح أكبر قدر ممكن منك, اعطه مفاتيح نفسك ليلج إلى دواخلها ويطهرها ويعيدها إلى صفائها ونقائها واتزانها, اجعله (يبرمجك) من جديد, دله على خريطتك الداخلية, دعه يسري في أعضائك وعندها انطلق الى حياتك وحاول أن تبتعد أكبر مسافة تستطيعها عن تلك (الناقلات) البشرية المحملة باطنان من الهم والأسى والمشاكل كي لا تنتقل إليك العدوى وتعكر صفو أيامك وتسكب فرحتك في رحلة العمر التي من الأفضل ألا نعيشها إلا ندماء للفرح.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved