* تحقيق - منيف خضير:
منذ صدور لائحة تقويم الطالب في 6- 8-1419هـ، وهي موضع جدل الأوساط التربوية والآن وقد مضت ست سنوات على تطبيقها لا تزال الأصوات ترتفع تارة بالمطالبة بالنظر فيها، وتارة أخرى بتغييرها، ويعد موضوع الاختبار نقطة الخلاف الواسعة فيما يراه المربون العاملون في الميدان، فبعد أن كانت الاختبارات الفصلية تتكرر على الطالب ثلاث مرات، أصبحت مرة واحدة في منتصف الفصل؛ وهذا قلص الفرص في نظر بعض التربويين لتعويض أي اخفاق.
******
وزارة التربية تدعو باستمرار معلميها والطلاب وأولياء الأمور إلى النقاش الهادف لعلاج أي تقصير وصولاً لتحقيق أهداف تخدم كل الأطراف؛ من هنا كان هذا التحقيق الذي استضفنا فيه الإداري والمرشد والمعلم والطالب وولي الأمر، فإلى البداية:
من المعارضين لفكرة النظام الحالي وهو تخصيص خمس (5) درجات للمشاركة والواجب وتخصيص خمس عشرة درجة (15) لاختبار منتصف الفصل الأستاذ علي بن حمود الفريح - وكيل مدرسة، حيث يؤكد على انعدام الفرص، ويقول: أعارض بشدة فكرة النظام الحالي الذي لا يتيح للطلاب فرصا أخرى لتعويض الاخفاقات التي قد يتعرضون لها؛ فالنظام الحالي لدرجات الفصلين الدراسيين الأول والثاني يقصر أعمال الفصل على اختبار فصلي واحد وهذا عيب في النظام.
ويضيف: تخيلوا إذا تعرض طالب ما لظرف طارئ سواء كان صحياً أو نفسياً أو غير ذلك مما لا يوجب إعادة الاختبار رسمياً وأخفق هذا الطالب في تحصيل درجة مناسبة من الدرجات الخمس عشرة كيف سيكون وضعه؟!
ناهيك عن الضبابية التي تكتنف الدرجة المخصصة للمشاركة والواجبات وهي خمس درجات فهي غير واضحة وتخضع لاجتهادات المعلمين المتباينة من مدرسة لأخرى ومن معلم لآخر، وبالتالي تصبح الدرجات تقديرية تخضع لأهواء المعلم - أحياناً - أما في النظام السابق فكانت الدرجات كالتالي (3) للمشاركة، (4) للواجب، (8) للاختبار. وهذه الدرجات واضحة لا تحتاج إلى دليل.
يزيد الضغوط
أما رجيعان الشمري - ولي أمر طالب - فيرى أن اقتصار درجة الطالب لأعمال الفصل الواحد على اختبار من خمس عشرة درجة أمر يضاعف من رهبة الاختبار، ولا يقلل من رهبته كما تزعم وزارة التربية!
ويرى الشمري أن هذا النظام أوجد في كل منزل في المملكة حالة استنفار توازي تلك التي تنتابنا أيام الاختبارات النهائية (الفصلية)، وتؤكد في هذه الحالة على دور الآباء والأمهات في تشجيع أبنائهم على المذاكرة وعلى الجد والاجتهاد وتوفير الأجواء المناسبة لهم والثناء عليهم حتى يعطيهم ذلك دفعة معنوية ويرفع من مستوياتهم التحصيلية. والنظام السابق (3-4-8) على سبيل المثال يذوب هذه الرهبة، أما اختبار الفرصة الواحدة فلكم أن تتصوروا مشاعر من يخوضه.
انخفاض مستويات التحصيل
الطالب عبد العزيز إبراهيم العنزي - الثالث الثانوي - يعارض بشدة النظام الحالي لدرجات أعمال الفصل ويقول: النظام السابق كانت الفرصة فيه تتكرر للطالب بشكل أكثر، والفرق واضح بين نظام يعطي الطالب ثلاث فرص وبين نظام يقصر فرصته على مرة واحدة.
ويعزز العنزي فكرته مضيفاً: والطالب الذي يتعرض لظروف طارئة أيام اختبار منتصف الفصل ويخفق في الاختبار يفقد فرصة التعويض نهائياً، وهذا ليس عدلاً من المنظور التربوي. وعن تأثر مستواه - باعتباره طالباً متفوقاً - بهذا النظام أجاب: كان مستواي التعليمي أفضل بكثير في السابق فالمدة الفارقة بين الاختبار النصفي والنهائي كفيلة بأن تمسح كل ما اكتسبه الطالب من معلومات لأنها طويلة نوعاً ما.
كيف قضت على الشبح؟
وتتفق معه المعلمة (بدور) في انخفاض مستوى ابنها بعد تطبيق النظام الحالي حيث فقد الطالب ارتباطه المتكرر بالمادة عن طريق الاختبارات والواجبات، أما الآن فهو يصب كل جهده في اختبار منتصف الفصل وجهده الآخر في الاختبار النهائي وتخيلوا معي (30) درجة لاختبار منتصف الفصل للفصلين و(60 درجة للاختبار النهائي للفصلين)، المجموع 90 درجة من أصل 100 درجة مخصصة للطالب، وكل هذا وزارة التربية تدعي أنها قضت على شبح الاختبارات!
المعلم إبراهيم بن يحيى جغدمي يرى أن النظام السابق يعطي فرصة أكبر فهو من مؤيديه ويؤكد على نقطة مهمة وهي أن النظام الحالي أهمل الواجبات المنزلية التي كان يخصص لها (4) أربع درجات وكانت هذه الدرجات بمقدار عند الطالب يحرص عليها ويهتم بها وتساهم في ربطه بالدرسين الجديد والقديم على حد سواء وهي وسيلة لتحقيق أهداف كل درس، ناهيك عن أهميتها في اشغال وقت فراغ الطالب وتدريبه على الاطلاع والكتابة وممارسة بعض المهارات؛ فعلى وزارة التربية أن تعيد النظر في تقسيم الدرجات، وأن تعطي الفرصة للطالب من خلال عدة اختبارات فصلية.
مميزات الاختبار الحالي
ونظراً لأن كل نظام له من يؤيده ومن يعارضه, فمن مؤيدي هذا الوضع الحالي الأستاذ صالح بن محمد الخليوي - مرشد طلابي - حيث يرى أن هذا الاختبار بفكرته الحالية يتيح للمعلم الفرصة لوضع أسئلة تقيس كافة المهارات محققة شروط الاختبار الجيد، كذلك توفر له الوقت المناسب للتصحيح، ولا ننسى أن هناك فرصة لإعادة الاختبار للطلاب الذين لديهم أعذار مقنعة ومقبولة رسمياً، فهو يمنح مزيداً من الوقت للإدارة وللمعلمين لعلاج الأخطاء. أيضاً للنظام الحالي مميزات أخرى كثيرة، من أبرزها إزالة شبح الاختبارات من خلال تكرارها على الطالب ثلاث مرات أو مرتين مثل الأنظمة السابقة، فالنظام الحالي لا يضع الطالب في أجواء مشحونة من كثرة الاختبارات وكأنها المقياس التحصيلي الوحيد للطلاب، وهذا بلا شك يتيح فرصة للأسرة لرعاية أبنائها بعيداً عن كثافة الأعمال التي يسببها نظام الاختبارات السابق، ناهيك عن سهولة الاختبارات وما يترتب عليها من سهولة المذاكرة لدى الطلاب لأن الاختبار الفصلي مرة واحدة.
الطالب خالد بن سالم سفر المندهة يتفق مع مؤيدي الاختبار الفصلي بشكله الحالي ويرى أن النظام الحالي له تأثير ايجابي على مستواه التحصيلي حيث يقول: كثرة الاختبارات تنتج عنها كثرة احتمال الخطأ وبالتالي كثرة احتمال ضياع مزيد من الدرجات.
ويضيف: لا أنكر ايجابيات النظام السابق الذي كان يساعد الطالب على الاستذكار الجيد في اختبارات نهاية الفصل؛ لأنه استذكر دروسه طوال الفصل وهذا لا شك يخفض الجهد والوقت كذلك، ولكن أيضاً يمكننا أن نتغلب على هذه الميزة القديمة بالمذاكرة أولاً بأول. وفيما يتعلق بقول البعض عن انعدام الفرص؛ فالوضع يمكن أن ينسحب على الوضع الحالي فالظروف لا يمكن أن يتنبأ بها الشخص وهذا الكلام مردود على أصحابه من الناحية العلمية وإن كان صحيحاً كحالة يمر بها العديد من الطلاب كواقع اجتماعي مجرب.
تغيير النظام الحالي
الأستاذ سعد بن محمد الشمري - معلم بالمرحلة المتوسطة - يرى قصر الدرجة إلى عشر درجات بدلاً من خمس عشرة درجة، ويؤكد على أهمية وضع جدول يتسع له وقت الطالب للمذكرة بدلاً من تكديس المواد في فترة زمنية محدودة مثلما هو معمول به الآن.
ويضيف: لا بد من عمل تهيئة مناسبة للطلاب وتوعية مستمرة بأهمية المذاكرة أولاً بأول، معتبراً أن تقييم التجربة فيه نوع من الصعوبة من جهة تداخل العوامل المؤثرة والمتعلقة بالاختبارات، لكنها في عمومها جيدة متى ما فعلت جوانب التأثير في الطالب، وخاصة البيت والأسرة فهم أصحاب دور مهم لتحفيز الطالب على استثمار وقته وتنظيمه من خلال الاختبارات.
الأستاذ صابر بن علي عثمان يوسف - معلم لغة إنجليزية - يرى أهمية التغيير للنظام الحالي مشيراً إلى أهمية العودة إلى النظام السابق لتحقيق عدة جوانب تربوية وفنية مثل تحقيق مبدأ الشمولية عند صياغة الاختبار وعند التدريس لكل المقرر المدرسي، كذلك التنوع في فقرات الاختبار لتقيس كل مهارات التعلم، وأيضاً للتحقق من الفروق بين الطلاب، وملاحظة أهمية كل ذلك في تحفيز الطلاب على تحسين المستوى التحصيلي بصفة دائمة. ويرى الأستاذ صابر أهمية تفعيل درجة الواجبات المنزلية في جميع المراحل.
أما الطالب محمد بن صالح الخليوي - المرحلة المتوسطة - فيرى أن الحلول عديدة للاستفادة من النظامين السابقين، ومنها توسيع الفترة الزمنية للاختبارات وخفض درجة الاختبارات لعشر درجات - مثلاً - ولا بد من عمل أسبوع تمهيدي للاختبار الفصلي من خلال اختبارات شفهية وتوعية الطالب بأهمية الاستذكار والمتابعة. ولا بد كذلك من توحيد جدول الاختبارات لتتعادل الفرص بين الفصول بحيث لا نخلق مشكلات جانبية تؤثر في كل نظام فنحسب أن ذلك من سلبيات النظام نفسه.
لائحة تقويم الطالب
صدرت لائحة تقويم الطالب بموجب الموافقة السامية الكريمة لخادم الحرمين الشريفين رئيس اللجنة العليا لسياسة التعليم رقم 836-م وتاريخ 6-8-1419هـ بناءً على قرار اللجنة العليا لسياسة التعليم رقم 10-ق-ع وتاريخ 1-6- 1419هـ. ومن أبرز الملامح الرئيسة للائحة تقويم الطالب أنها حددت عدد الاختبارات باختبار في منتصف الفصل وآخر في نهايته، وقللت الدرجات التي تعطى لأشياء لا يمكن تحديدها بدقة مثل النشاط والمشاركة والواجبات (خمس درجات فقط) وتوزيع الدرجات لكل مادة كالتالي (5) درجات للمشاركة + (15) درجة لاختبار منتصف الفصل + (30) درجة لاختبار نهاية الفصل بينما كان التوزيع في اللائحة القديمة كالتالي:
(15) درجة للمشاركة + (35) درجة لاختبار نهاية الفصل الدراسي. وورد في إصدارات وزارة التربية (لماذا..؟ تساؤلات حول لائحة تقويم الطالب الجديدة) أن هذه اللائحة سميت كذلك إشارة إلى أن مفهوم التقويم أشمل وأعم من مفهوم الاختبار الذي لا يعدو كونه أداة من أدوات التقويم، كما أن في ذلك إشارة إلى أهمية عدم اعتبار الاختبار هدفاً للعملية التعليمية. ولعل في ذلك ما يخفف من الآثار النفسية السلبية الناجمة عن عدم النظر إلى الاختبارات نظرة واقعية في إطار فهم صحيح للتقويم وللاختبار.
وفي شوال ورد: هل ستزيل هذه اللائحة رهبة الاختبارات والقلق الناتج عنها؟ ورد: تضمنت اللائحة في مادتها الثالثة مبادئ وأسسا للتقويم لو طبقت كما أريد لها لخفت حدة التأثير النفسي للاختبارات على الطلاب، إنها الممارسة التي ستزيل رهبة الاختبار..). وتحدث معالي وزير التربية والتعليم أ. د. محمد بن أحمد الرشيد حديثاً مقتضباً عن اللائحة في مقدمتها (طبعة 1419) جاء فيه: (... لقد انطلقت فكرة مشروع لائحة تقويم الطالب من مبادئ أساسية أهمها: تصحيح المفهوم السائد عن الاختبارات التي أصبحت - للأسف - غاية في حد ذاتها، مما أثر بصفة مباشرة على كفاية التعليم، وارتفاع مستوى القلق والرهبة من الاختبارات، لذلك سعت اللائحة الجديدة إلى التقليل من عدد الاختبارات الميدانية...) وترى الوزارة (في اصدارها الآنف الذكر) أن اللائحة هي نتاج عمل مشترك لعدد من المختصين، وهي قابلة للتقويم كل أربع سنوات، واعتبرت الوزارة أن الجدل فيما ورد فيها هو مضيعة للوقت مشددة في الوقت نفسه على عدم قفل باب التفكير في شؤون اللائحة وتلمس الأصوب على أن يفسح المجال للتجربة ثم ترصد نتائجها ومؤشراتها ومن ثم يصار إلى تقديم اللائحة في الوقت المناسب.
|