فاز الاتحاد.. وحصد العميد كعادته كأس ولي العهد - حفظه الله - أمام ملايين المشاهدين والاف الحاضرين في نهاية الأسبوع المنصرم ، إنه ليس بالخبر الجديد أو المعلومة المختلفة, فقد تعود (النمور) منذ سنوات على مناخ البطولات وإرهاصات المباريات النهائية ذات الوزن الجماهيري الثقيل, وتعودت جماهير الاتحاد من فريقها ما تعودته القبائل العربية في تاريخها من فارسها النبيل الذي يكون دوماً في مقدمة القافلة . ولا أحتاج هنا إلى مزيد من المماحكة بذكر عدد المباريات النهائية التي كان الاتحاد طرفاً فيها ولا حاجة لي بذكر عدد المرات التي قطف فيها هذا (الفارس النبيل) كأس ولي العهد.
لذا فإن العرس الذي يزدهر في قلوب الاتحاديين منذ مساء الجمعة الذهبي الأصفر هو أشبه بعرس دائم ومترسخ في جينات عشاق هذا النادي ويجري في عروقهم مجرى الدم (وهذا ليس غروراً أو كبرياء لا والعياذ بالله) بيد انه شكل عذب وممتع من العشق المزمن الذي ولد معنا بلون اصفر حتى (عندما يسقط هذا الفارس النبيل) من على صهوة جواده بهزيمة ما أو بخيبة ما في بطولة ما فإن اي اتحادي لا يملك أن يستبدل لون دمه الأصفر بأي لون آخر مهما كانت الألوان الأخرى مبهجة ومغرية ومحفزة للعيون, فمن ظل صابراً عشرين عاماً دون بطولة وتجرع هزائم شتى خلال هذه السنين ولم يصمت لسانه عن النشيد والشيلات خلف (العميد) ويصدأ بريق ذهب دمه لا نحتاج إلى وصفه اليوم بالمحب الوفي لناديه العميد ، بل إنه عاشق مغرم وما أجمل العشق لهذا (العميد).
أعود إلى ما دعاني إلى وصف هذا الفوز بالفعل الاعتيادي لدى (نمور) الاتحاد وأنه العتبة الأولى في مدرج البطولات الأخرى التي تنتظر (العميد) إن هو أحسن (نفسياً وفنياً) التعامل معها.
فقد شدني خلال مباراة الجمعة المهمة التي خاضها قطبا كرة القدم (في عروس البحر الأحمر) تحت رعاية سمو ولي العهد (يحفظه الله) ذلك السلوك الأخلاقي الراقي الذي أضفي على تعامل اللاعبين من الفريقين مع مجريات المباراة.
حيث وجدنا القوة والجدية دون عنف أو حقد، ولاحظنا السرعة والانقضاض على الكرة دون ان يكون هناك انقضاض همجي على أقدام اللاعبين وبلا استهداف مباشر لإصابة لاعب من هذا الفريق من قبل لاعب من الفريق الآخر، فقد كان اللقاء رائعاً بحق كان الجميع يحرث المستطيل الأخضر في كل إتجاه بحثاً عن الكرة ورغبة في الفوز والفوز المستحق، والحق أننا في الملاعب السعودية في حاجة ماسة إلى مثل هذه الروح وزيادة بثها في نفوس لاعبينا ومسؤولي أنديتنا الذين يعود السبب اليهم في كل الذي يحدث داخل الملاعب من معارك وتداخلات عنيفة بين لاعبينا بسبب الشحن النفسي الخاطىء والمريض الذي يغذون به مشاعر لاعبيهم وثقافتهم الرياضية.
ايضاً ما شدني في لقاء العرس الكروي السعودي بين فريقي الاتحاد والأهلي. ذلك الحضور الجماهيري المفرح والمبهر للناديين على استاد الملك فهد رغم المعاناة التي قد واجهتهم للحضور من مدنهم ومناطقهم البعيدة عن العاصمة الرياض.
حيث شدوا الرحال من الغرب والشمال والجنوب والشرق جاؤوا يحملهم عشقهم (الأصفر) أو (الأخضر) وقد كان حضورهم في المباراة مدهشاً منح اللقاء الكروي الكبير مزيداً من الروعة والتميز وإن كنت أتمنى ان تتراجع اللجنة المسؤولة عن الملاعب السعودية عن قرارها بمنع اصطحاب الجماهير (مكبرات الصوت) التي عودتنا من خلالها الجماهير (وخاصة الاتحادية) على أهازيجها الشجية الطروبة التي تشنف آذاننا معها وتجعلنا سواء كنا داخل الملعب أو خارجه نعيش متعة المباراة ومشاعر التنافس الكروي الشريف.
مع العلم أن هذه اللجان التابعة لرعاية الشباب يمكنها أن تأخذ تعهدات رسمية من الاندية ومسؤوليها بعدم استخدام هذه (المكبرات الصوتية) إلاَّ من قبل رؤساء رابطة المشجعين فقط ومن أناس تثق بها إدارات الاندية.
وأخيراً اكد الاتحاد حقاً من خلال نتائجه الأخيرة انه استوعب فنون الاحتراف وأتقن مسؤولياتها تماماً وبخاصة خلال الموسم الرياضي الحالي الذي نحن في أيامه الأخيرة ، فهو يلعب في كل مباراة باسلوب يتناسب معها ومع الهدف الذي يبتغيه منها إن كانت المباراة نهائية فهو يلعب بعقل وتوازن وهدوء دون استعراض ودون عشوائية يظل كذلك حتى اللحظات المناسبة فيقطف هدفه ويفوز دون خسائر كثيرة من اللاعبين ودون جهد لياقي كبير وإذا ما شعر بأنه وصل إلى بر الأمان وأحس بخضوع وخنوع من فريسته زاد هجومه الشرس كما هو (نمر) لا يهاب فيزيد من غلته ويقطف أكثر من هدف وإن وجد عنادا! ومواجهة من خصمه وضراوة اكتفى بما قطف وخرج مبتسماً وبريق ذهبه يلمع في عيون محببه.
*التلفزيون السعودي - القناة الأولى |