* فلسطين المحتلة - بلال أبو دقة :
أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلي، أريئيل شارون، خلال جلسة لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، ظهر أمس (الاثنين)، أنه سيقوم فور عودته من الولايات المتحدة بعرض خطة الانفصال عن الفلسطينيين من جانب واحد، على الحكومة الإسرائيلية للمصادقة عليها، وأنه إذا لم تحظَ خطته بتأييد غالبية أعضاء الحكومة، فإنه سيشكل حكومة بديلة في اليوم نفسه.. موضحاً أنه ليس من المناسب إدخال المواطنين في دوامة الانتخابات، كما لا يمكن إبقاء الشعب دون حكومة..
وأضاف شارون قائلاً : يؤسفني جدًا إذا قررت الكتل اليمينية الانسحاب من الحكومة، فالائتلاف الحالي تركيبته جيدة.. مشيرا إلى أنه إذا قررت الحكومة الانسحاب فإنها تقدم على خطوة خاطئة، مع ذلك إذا انسحبت كتل اليمين في الحكومة سأشكل حكومة بديلة فورًا.. وتابع شارون يقول : إنه تبنى توصية الأجهزة الأمنية الإسرائيلية فيما يختص بمحور (فيلادلفي) الفاصل بين مصر وفلسطين، وأن قوات الجيش الإسرائيلي لن تنسحب منه، كما أن دولة الاحتلال ستبقي سيطرتها، أيضًا، على ميناء غزة البحري، ومطار غزة الدولي..
وأكد شارون على أن وفدًا أمريكيًا سيصل إلى اسرائيل في نهاية الأسبوع الحالي، وسيتوجه بعدها إلى الولايات المتحدة لعرض تفاصيل الخطة على الرئيس الأمريكي، جورج بوش، مضيفاً: أنه ينوي عرض الخطة على الحكومة والكنيست للمصادقة عليها في أعقاب موافقة الأمريكيين عليها..
ومن بين القضايا التي تطرق إليها شارون خلال جلسة لجنة الخارجية والأمن، موقف الإدارة الأمريكية من خطة فك الارتباط مع الفلسطينيين، مواصلة سياسة الاغتيالات، وسياسة الحكومة إزاء تصاعد التوتر على الحدود الشمالية مع لبنان..
كما عرض شارون تقريراً عن لقائه الأخير بالملك الأردني، عبد الله الثاني، والاستعدادات الإسرائيلية لإمكانية تنفيذ عملية ضخمة ضد أهداف إسرائيلية ويهودية خارج إسرائيل.. يذكر أن شارون سيتوجه في الرابع عشر من أبريل / نيسان القادم إلى الولايات المتحدة للقاء الرئيس جورج بوش والمسؤولين في الإدارة الأمريكية للتباحث في فك الارتباط، والمقابل الذي ستحصل عليه اسرائيل جراء ذلك..
وكان شارون قال الأحد الماضي في جلسة وزراء حزب الليكود : إن هناك علامات تشير إلى جسر الهوة بين مواقف إسرائيل والولايات المتحدة بشأن خطة فك الارتباط مع الفلسطينيين، وإن تقدماً قد تحقق في المحادثات التي أجراها مدير مكتب رئيس الحكومة، دوف فايسغلاس، في واشنطن..
وعقد شارون اجتماعاً لوزراء حزبه حزب الليكود من أجل استكمال بحث خطة فك الارتباط مع الفلسطينيين.. وفي هذا السياق، انتقد وزير الخارجية الإسرائيلي، سيلفان شالوم، خلال جلسة مع وزراء الليكود ورئيس الحكومة، أريئيل شارون، نوايا تنفيذ خطوات أحادية الجانب بقوله: لا يمكن عمل أي شيء دون وجود شريك ودعم دولي وفي حالة غياب الاتفاق الداخلي.. مضيفاً: يجب أن يكون هناك اتفاق داخلي في الشعب الإسرائيلي وفي الليكود..
وكان عضو الكنيست الإسرائيلي، يوسي سريد من حزب ميرتس اليساري، وجه خلال جلسة لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست الإسرائيلي، يوم أمس (الاثنين)، انتقادات حادة إلى رئيس الحكومة، أريئيل شارون، في أعقاب قيام المدعية العامة الإسرائيلية، عِدنا أربيل، بتقديم مسودة لائحة اتهام ضد شارون، وأيضًا، في عقب قرار المحكمة العليا الإسرائيلية، صباح أمس بإلزام جلعاد، نجل شارون، بتسليم كل المستندات والأشرطة المتعلقة بالتحقيق في قضية الجزيرة اليونانية.. وقال سريد لشارون خلال الجلسة : كيف يُمكنك أن تُدير دولة في الوقت الذي تخيم فيه غيمة من الفساد فوق رأسك..؟!!، كلنا نعلم أنه عندما نواجه مشكلة شخصية، فإنها تؤثر علينا، تشوش تفكيرنا، ونستصعب القيام بواجبنا كما هو مطلوب.. وتابع يقول: إذاً كيف يمكن لرئيس الحكومة أن يقوم بمهامه في الوقت الذي قد توجه فيه ضده أخطر تهمة قدمت ضد شخصية إسرائيلية رفيعة حتى الآن..
وكانت صحيفة هآرتس الإسرائيلية نشرت صباح أمس تقريرا، رصدته الجزيرة، جاء فيه : ان شارون قال لرجل الأعمال اليهودي دافيد أبيل : إن الجزيرة بأيدينا، في إشارة إلى الجزيرة اليونانية، وذلك في محادثة جرت بين الاثنين في الفترة التي اشغل فيها شارون منصب وزير الخارجية ووزير البنى التحتية سابقاً.. وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن هذا الكلام ورد في النص ذاته الذي قال فيه أبيل لشارون إن ابنك جلعاد سيربح أموالا طائلة..
واستناداً إلى تقرير (هآرتس)، فإن رد شارون في تلك المحادثة كان : لقد حصلنا عليها (الجزيرة اليونانية)، وفسرت أوساط في مكتب المدعية العامة الإسرائيلية هذا القول كإشارة من جانب شارون إلى أنه زود آبل بما يحتاجه، وأنه (شارون) يتوقع الحصول مقابل ذلك على رشوة.
وقالت الصحيفة : إن ورود هاتين الجملتين في محادثة واحدة يشكل دليلا هاما للغاية يتضمنه ملف التحقيق ضد شارون، واحد الأدلة القوية التي آلت إلى اقتناع النيابة العامة بان ثمة مكان لتقديم لائحة اتهام ضد شارون.
وتأتي جملة (الجزيرة بأيدينا) لتنفي ادعاء شارون بأنه لم يكن ضالعا في دفع مصالح أبيل بما يتعلق بالجزيرة اليونانية..
ونسبت الصحيفة إلى مصادر في النيابة العامة الإسرائيلية، قولها : إن مقولة (الجزيرة بأيدينا) تشير إلى أن شارون ابلغ أبيل بأنه قام بقسطه فيما يتعلق بالجزيرة، ويشتبه في انه أومأ بذلك لأبيل بان يسدد المقابل ويدفع مبلغا من المال لعائلة شارون..
وعندما سُئل شارون في أثناء التحقيق معه حول هذه الجملة رد قائلاً : انه لا يذكر السياق الذي وردت فيه، وقال إن هناك إمكانية أنها قيلت في سياق المزاح غير الجدي..!!! غير أن النيابة العامة في اسرائيل لا توافق على هذه التسويغات، وقالت مصادر في النيابة : انه لا يمكن التعامل مع هذه الجملة وكأنها قيلت بسذاجة تامة، خصوصا أنها قيلت في المحادثة ذاتها التي وعد خلالها ابيل شارون بإعطاء عائلته المال..
وذكرت الصحيفة العبرية أن دليل (الجزيرة بأيدينا) ينضم إلى عدد من الأدلة التي حصلت عليها النيابة من خلال تنصت سري، إضافة إلى شهادات قدمها موظفون في (دائرة أراضي إسرائيل )، استند إليها سبعة من كبار الموظفين في النيابة العامة في قرارهم بخصوص التوصية بتقديم لائحة اتهام ضد شارون..
يشار إلى أن المدعية العامة الإسرائيلية، عدنا أربيل، سلمت، الأحد الماضي، المستشار القضائي للحكومة، ميني مزوز، توصياتها القاضية بتقديم لائحة اتهام ضد شارون، فيما يتعلق بقضية (الجزيرة) اليونانية.
وأرفقت أربيل توصياتها بمسوّدة لائحة اتهام تتضمن بنود الاتهام الموجهة إلى شارون، وهي تلقي الرشوة من رجل الأعمال دافيد أبِل.
وتتضمن مسوّدة لائحة الاتهام التي قدمت ضد شارون تهمة تلقي الرشوة من دافيد آبِل، ومساعدته في قضية (الجزيرة اليونانية ) وفي تحويل أراضٍ تابعة له من أراضٍ زراعية إلى أراضٍ مخصصة للبناء..
وفي سياق متصل، أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية، صباح أمس الاثنين قراراً يلزم جلعاد شارون، نجل رئيس الحكومة الإسرائيلي، أريئيل شارون، بتسليم الشرطة كل الوثائق والأشرطة التي بحوزته، والمتعلقة بقضية (الجزيرة اليونانية).. وكان جلعاد قد قدم استئنافًا إلى المحكمة العليا يطالب فيه بإلغاء قرار المحكمة المركزية بهذا الشأن..
وكان القضاة قد ألمحوا، خلال الجلسة الأخيرة، التي عقدت بهيئة مؤلفة من خمسة قضاة، إلى أن جلعاد شارون يتملص من التحقيق.
هذا ويخشى الفلسطينيون من أن تدفع هذه التهم الموجهة لشارون وعائلته إلى ارتكاب المزيد من الجرائم في الأراضي العربية المحلة ؛ لإحالة الأنظار عن ملفات الفساد التي يغرق فيها وعائلته، كي تتصدر وسائل الإعلام الإسرائيلية موضوعات أخرى غير موضوعات فساد عائلة شارون.. وكان مسؤولون فلسطينيون قد أعربوا عن خشيتهم من تصعيد الاعتداءات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين وقيادتهم في أعقاب نشر فضائح شارون وتأجيل القمة العربية في تونس، مؤكدين: نخشى أن تشهد الأراضي الفلسطينية المزيد من التداعيات الخطيرة والتصعيد والاعتداءات الإسرائيلية وتكثيف الاستيطان وبناء الجدران.
وفي هذا السياق، أفادت صحيفة هآرتس الاسرائيلية صباح أمس الاثنين استنادا إلى مسودة وثيقة المقابل الذي ستمنحه الإدارة الأمريكية لإسرائيل ؛ أن الإدارة الأمريكية رفضت الاعتراف بمصطلح الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة، مقابل انسحاب إسرائيلي من قطاع غزة واخلاء أربع مستوطنات في شمال الضفة الغربية في إطار خطة فك الارتباط التي أعلن عنها رئيس حكومة اسرائيل، أريئيل شارون..
وحسب الصحيفة: جرى التفاوض على المطالب الاسرائيلية خلال تواجد الوفد الإسرائيلي، برئاسة مدير ديوان رئيس الحكومة، دوف فايغلاس، في واشنطن الأسبوع الماضي..
وبحسب المسودة التي عرضتها صحيفة هآرتس ورصدتها الجزيرة : فان الولايات المتحدة غير مستعدة للإعلان صراحة بأنها ترفض المطلب الفلسطيني المتعلق بحق العودة للاجئين الفلسطينيين.. ونقلت الصحيفة عن مصادر إسرائيلية قولها : إن الإدارة الأمريكية مستعدة للإعلان بان يعود اللاجئون إلى الدولة الفلسطينية العتيدة فحسب، كما تدرس الإدارة إمكانية التعهد لإسرائيل بعدم إلزامها، في إطار الحل الدائم، بالانسحاب إلى خط وقف إطلاق النار للعام 1949، أو ما يسمى بالخط الأخضر.. وحسب ما رشح من تقارير إسرائيلية رصدتها الجزيرة : أن شارون تحدث هاتفيا مساء الأحد الماضي إلى رئيس حزب العمل الإسرائيلي، شمعون بيرس، المتواجد حالياً في الولايات المتحدة، وطلب منه المساعدة في تعزيز المقابل الذي ستحصل عليه اسرائيل من الولايات المتحدة مقابل فك الارتباط..
وكان وزير المالية الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي يعتبر من أشد المعارضين لخطة الانفصال قال خلال جلسة وزراء حزب الليكود حول خطة الانفصال الإسرائيلي عن قطاع غزة : إنه يحظر على إسرائيل قبول الإرهاب مقابل الانسحاب، واضعاً ثلاثة شروط من أجل تأييده لخطة فك الارتباط ؛ وهي: أن يتم بناء جدار الفصل العنصري قبل القيام بأي انسحاب من قطاع غزة، بما في ذلك بناء الجدار المحيط في المستوطنات الإسرائيلية، إضافة إلى شارع 443.. والشرط الثاني : إعلان الولايات المتحدة عن رفضها المباشر لحق عودة اللاجئين الفلسطينيين.. أما الشرط الثالث: ترتيبات أمنية خاصة تتيح لإسرائيل كامل السيطرة على المعابر الحدودية وتضمن لها حرية التصرف في كل مكان داخل قطاع غزة..
ووجه وزير المالية الإسرائيلي، انتقاداً شديد اللهجة للخطة، وقال: عندما نسمح للإرهاب بتحقيق نصر ما فإن مكانته تتعزز، بالضبط كما حصل عندما أدى انسحاب إسرائيل من الجنوب اللبناني إلى اندلاع الانتفاضة الفلسطينية، وأضاف : انسحاب أحادي الجانب قد يزيد من طموحات الإرهابيين، وبشكل خاص في الضفة الغربية، يحظر علينا تنفيذ هذه الخطوة دون مقابل سياسي..ثم عاد نتنياهو وتطرق إلى شروطه لدعم خطة شارون، وقال إن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين هو الذي يدفعهم (يقصد الفلسطينيين) إلى ممارسة الارهاب، بهدف القضاء على الدولة الصهيونية وطردنا من هنا ؛ مضيفا : انه يجب القضاء على حق العودة والعمل على إزالته عن جدول الأعمال الدولية..
وقال نتنياهو خلال كلمة له أمام اجتماع دائرة التجارة والصناعة : إن ومن أجل القضاء على الارهاب، يجب القضاء على الأمل الذي يحرك هذا الارهاب، أي حق العودة.. وقال هذا الوزير اليمني الليكودي : إن إعلان الولايات المتحدة بشكل علني ومباشر عن معارضتها لحق العودة هو شرط أساسي لتنفيذ خطة فك الارتباط.. مضيفا : بأن شروطه الثلاث ضرورية لضمان بقاء الدولة اليهودية، وانه يجب التعامل مع شروطه كصفقة واحدة متكاملة من أجل تنفيذ خطة فك الارتباط، وبدون هذه الشروط لا يمكن تأييد الخطة.
وكانت مصادر في ديوان شارون قدرت أن الثمن الذي ستحصل عليه إسرائيل من الولايات المتحدة مقابل انسحابها الأحادي الجانب من قطاع غزة سيحسم الموضوع، حيث تأمل الأوساط المقربة من شارون في أن يعترف مستشارو الرئيس الأمريكي بحق إسرائيل في دخول قطاع غزة لدى مطاردة ( القنابل الموقوتة n مصطلح تطلقه اسرائيل على رجال المقاومة) ؛ كذلك تأمل الأوساط المقربة من شارون أن تقوم الولايات المتحدة بتليين موقفها المعارض لمسار الجدار الفاصل، الذي يتسبب بمآس إنسانية للفلسطينيين، وكذلك اعتراف واشنطن بضرورة تعزيز تواجد الكتل الاستيطانية الكبيرة في الضفة الغربية..
وتقول مصادر سياسية إسرائيلية : إن أربعة وزراء من حزب الليكود حتى الآن، يؤيدون خطة الانفصال بشكل واضح، وهم : إيهود أولميرط، شاؤول موفاز، تسيبي ليفني، وغدعون عزرا، ويعارض الخطة من داخل حزب الليكود كل من : يسرائيل كاتس، تساحي هنغبي، داني نفيه، عوزي لنداو، وناتان شرانسكي ؛ بينما يبدو أن كلاً من الوزراء بنيامين نتنياهو، سيلفان شالوم، ليمور ليفنات، ومئير شيطريت يميلون إلى كفة المعارضة..
ويقول الوزراء الإسرائيليون المعارضون لخطة الانسحاب الأحادي الجانب من قطاع غزة: السؤال الذي يطرح نفسه هو، ما هي الانعكاسات التي ستترتب على الانسحاب الإسرائيلي.. نحن لا نعتقد أنها ستؤدي إلى تفوق إسرائيل سياسياً أو أمنياً..
في المقابل يقول المؤيدون لخطة الانفصال والانسحاب من غزة : إنه بسبب التفكير في مصلحة إسرائيل، سنضطر إلى التنازل عن مناطق لم نعتقد في السابق أننا سنضطر إلى التنازل عنها.. وفي هذا السياق، تبدي مصادر في ديوان رئيس الحكومة الإسرائيلية اقتناعها التام بأن الوزراء الذين يميلون إلى رفض الخطة سيؤيدونها في نهاية الأمر.. كونهم سيضطرون، إن عاجلاً أو آجلاً، إلى تأييدها، لأن رئيس الحكومة سيتخذ في إطارها خطوة سياسية تاريخية.. وباستثناء أشخاص فرادى، لا يمكن لأحد أن يبقى في الخلف.
|