لقد سبقني في التحدث في هذا الموضوع الكثير من الذين قدروا وعرفوا المدى البعيد الذي توصلت إليه هذه القضية أو بالأحرى هذه المشكلة وهي مشكلة غلاء المهور.
إنه من الغريب حقاً أن تنقلب الأمور رأساً على عقب، فبعد أن كان مهر الفتاة لا يتعدى المائة ريال أصبح الآن بآلاف الريالات، حقاً أن لكل عصر قيمته ولكن قيمته المعقولة، ثم أن المهر ليس هو في الواقع قيمة، وإنما صداق ليس للأب فيه أي شأن وإنما يخص الفتاة وحدها.
إنني أعتقد أن الآباء لاسيما البعض منهم أصبحوا يتفاخرون بمهور فتياتهم، انصرفوا عن التفاخر في الأشياء المستحبة إلى التفاخر بمهر بناتهم، فيجب على آبائنا أن يراعوا مصلحة فتياتنا ويقدروا ظروف شبابنا وأن يجعلوا هذه المشكلة نصب أعينهم.
تذكّر أيها الأب بكم تزوجت أم هذه الفتاة؟ وكيف كنت تتمنى أن يخفض والدها من المهر ريالاً واحداً لتكسبه وتستطيع الزواج.. فمن الشهامة العربية عدم المساومة في مهر الفتاة المسكينة.. ولم يكن الزواج مشكلة الشاب في عهدكم الماضي كما هو الآن.
وأعلم بأن المهر الذي تصرفت به كيفما تريد بأن البركة والخير منزوع منه إذا أدخلته في مخزنك لأنه ليس لك فيه حق، إنه من حقها ومن شؤونها.
أيجوز هذا أيها الآباء الأعزاء، قد يبلغ البعض منا من محدودي الدخل العقد الرابع من عمره وهم لم يتزوجوا بعد؟.. من أين يتحقق لهم الزواج وأمامهم عقبة كبرى يحتاجون لتخطيها وقتاً طويلاً؟.. أم أنكم تعتبرون إخفاض المهر نقصاً بحق الفتاة أم تعتبرونه عيباً، قائلين بنت فلان تزوجت بمبلغ كذا وكذا.. فهذي
هي الجهالة بمعانيها الحقيقية.
|