معلومة طبية
المغص عند الرضع

المغص عند الرضع من الأمور الشائعة جداً خلال الأشهر الأولى من العمر. وعادة ما يبدأ المغص خلال الأسبوع الثاني من العمر، ويستمر حتى الشهر الثالث إلى الشهر السادس. ويمكن أن يحدث المغص عند الأطفال الذين يرضعون رضاعة طبيعية (حليب الأم) أو صناعية (حليب الأطفال) على السواء. ورغم أن نوبات المغص قد تحدث في أي وقت من النهار أو الليل إلا أنها تبدأ عادة بعد العصر وتستمر بشكل متقطع طوال الليل وساعات الصباح الباكر، حيث ينام الطفل بعدها تاركاً والديه مرهقين، ومنهكي القوى.
أثناء نوبات البكاء هذه، يضم الرضيع يديه عادة بشكل قبضة، ويطوي مرفقيه وركبتيه، كما أنه يصرخ ويتألم. وكثيرا ما يكون بطنه منتفخاً قليلاً ومليئا بالغازات. والمغص درجات، منها الخفيف الذي يستمر لأقل من ثلاث ساعات يومياً، ومنها الأشد الذي يستمر لفترات أطول، ومنها ما يكون ملازماً للطفل أغلب ساعات اليوم.
وأسباب المغص الخفيفة عادة غير معروفة، وغالباً ما تكون مشكلة مؤقتة حلها الصبر، وبعض أدوية المغص المعروفة، المسكنة والمقللة للغازات، ومن الأمور التي تفيد عادة بالنسبة للمغص، وقد تهدىء من صراخ الرضيع هو أي تحريض خارجي رتيب للطفل، سواء أكان سمعياً كأن يشغل المسجل بصوت عالٍ نسبياً، أو القرآن، أو أي صوت آخر، أو تحريض ميكانيكي كوضع الرضيع في الكرسي الخاص بالرضع في السيارة، ومن ثم قيادتها، حيث ان حركة السيارة الرتيبة وصوت المحرك يجعلان الطفل يهدأ.
ومن المهم جدا أن يكون هناك من يساعد الأم خلال هذه الأيام الصعبة، ويحمل عنها الطفل أحيانا ليتركها ترتاح قليلا سواء أكان هذا المساعد زوجها أو إحدى قريباتها أو الخادمة. وعلى عكس ما يعتقد الناس، فإن حمل الطفل في هذا العمر لتهدئته لا يجعله يتعلم الدلال، كما لا ينصح أن يترك الطفل الممغوص ليبكي لوحده ساعات طويلة دون حمله.
كل ذلك على العكس من المغص الشديد الذي يستمر لأكثر من ثلاث ساعات يوميا والذي غالبا ما نجد له سبباً وبعلاجه يخف المغص أو ربما ينتهي كلياً. فمن أسباب المغص الشديد التي كشفتها الأبحاث الحديثة سببان هامان جدا وشائعان، أولهما الحساسية لبروتينات الحليب milk protein allergy سواء الاصطناعي أو حليب الأم. ويتمثل حل هذه المشكلة في تغيير الحليب الاصطناعي إلى حليب آخر خاص معدل البروتينات، حتى لا يسبب الحساسية، أو حليب الصويا، مع العلم بأنه من المهم جدا أن لا يتم تغيير الحليب من قبل الأهل، وإنما تغييره تحت إشراف طبيب اطفال على دراية بتركيب مختلف أنواع الحليب المتوفرة في السوق، في حين أن الحساسية لحليب الأم تكون أكثر تعقيدا، وغالبا ما تقتضي الضرورة وضع الأم على حمية من منتجات حيوانية معينة، خاصة الحليب البقري، واللحم الأحمر، والمكسرات. ويجب أن تكون هذه الحمية تحت إشراف ومتابعة طبيب الأطفال أو استشاري أمراض الهضم عند الأطفال. وتشخيص الحساسية لبروتينات الحليب سهل جدا، ويمكن أن يتم بفحص براز الرضيع، فإذا وجد فيه دم مجهري في اكثر من عينة، فإن ذلك يؤكد هذا التشخيص.
أما السبب الثاني الشايع للمغص فهو الارتداد المعوي المريئي Gastro -esophageal reflux الذي يسبب آلاما أسفل الصدر والحموضة عند الكبار، وما يعادل ذلك عند الرضع غير القادرين على التعبير بعد المغص والبكاء أحياناً، وتشخيص هذا الارتداد يحتاج إلى أخذ قصة مفصلة من الأهل عن طريقة البكاء، ووقته وعلاقته بالرضاعة ووضعية الجسم أثناء البكاء. كما أن وجود قصة عائلية في أحد الأبوين أو الأقارب للحموضة الشديدة أو الارتداد المعوي المريئي يساعد في التشخيص حيث تم الاكتشاف حديثاً أن الارتداد مشكلة وراثية، وتم تحديد المورثة التي تنقل هذا المرض من الآباء إلى الأبناء. أما علاج هذا الارتداد فأمر سهل آمن، وذلك باستخدام بعض الأدوية المضادة للحموضة.
ومن أسباب البكاء الشديد الأخرى التي لا تظهر إلا بالفحص السريري، وهي مرتبة على حسب شيوعها، ما يلي: التهاب الأذن الوسطى الذي يمكن أن يصيب حتى حديثي الولادة، وهو أمر نادر، والتهاب المجاري البولية، خاصة عند البنات، والمشاكل الخلقية في ضغط العين، وأمراض القلب، وهناك أسباب نادرة.
وفي الختام، فإن علاج المغص يبدأ بالتشخيص الصحيح، والتفريق بين المغص الخفيف المؤقت الذي يحتاج إلى الصبر، وبعض المسكنات الخفيفة، والمغص الشديد الذي يحتاج إلى علاج السبب.