Wednesday 31th March,200411507العددالاربعاء 10 ,صفر 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

مستعجل مستعجل
أمورنا.. دقيقة جداً
عبد الرحمن بن سعد السماري

من مشاكلنا.. أن بعض أمورنا.. غير دقيقة..
** خذ مثلاً.. لسن الميلاد للذين ولدوا قبل وجود المستشفيات وشهادة إبلاغ الولادة الرسمية من المستشفى.
** قبل سنين.. يأتي أحدهم ويسجل عمره حسب هواه.. فإن كان محتاجاً إلى وظيفة وعمره صغير.. قال عمره (18) سنة.. بينما عمره عشر سنين.. وإن كان قد طوى الأربعين.. قال عمره عشرون.. وقد يكون عمر البعض قد زاد عشراً أو زاد عشرين.
** وكنت قبل أيام.. أشاهد زميلاً يقرأ خبر الوفيات.. الذي يُنشر يومياً مع أعمار المتوفين.. ويحاول إيجاد معدَّل لعمر الوفاة خلال شهر أو شهرين.. ليعرف متوسط الوفاة.. فقلت له.. إن الأعمار المنشورة.. لا تمثل الواقع أبداً.. بل هو العمر الرسمي الموجود في البطاقة.. وهو في الغالب.. لا يعكس الواقع أبداً.
** والمشكلة... أن بعض الشيِّاب الذي صغَّر نفسه ثلاثين سنة.. وهم الأكثر.. إذا راجع الطبيب وعمره الحقيقي (90) سنة.. قال إن عمره خمسون سنة.. وهذا بدون شك.. خطر على صحته.. فوق أنه يُعطي معلومة مضللة تضره عند التشخيص.. وعند إعطائه العلاج.. لأن جرعة العلاج للتسعيني.. ليست كجرعة العلاج للخمسين.. أو (لِبُوخمسين!!).
** ويقال.. إن مجموعة مبتعثين قبل عدة سنوات.. لما وصلوا لإحدى الدول الغربية.. وجدوا.. أن كلهم مولودون في (1-7) فقال مسئول التسجيل (طالعين من مكينة تفريخ!!) بمعنى.. أنكم.. كيف ولدتم كلكم في 1-7؟!
** ولهذا.. تجد بعض الشيَّاب.. خدم في الدولة (55) سنة أو ستين سنة.. ذلك أن عمره الحقيقي (85) سنة أو أكثر.. ومازال يعمل.. بل وهناك من يطالب بالتمديد.
** ومن أمورنا الدقيقة أيضاً.. عند توقيع الحضور أو الانصراف.. فالحضور.. يوقع كل موظف ساعة الحضور (7.30) حتى لو حضر الساعة العاشرة.
** ويقال.. إن أحد المفتشين دخل إحدى الدوائر.. فوجدهم كلهم موقعين الحضور (7.30) بينما عددهم يفوق المائة موظف فقال (الإخوان جايين في باصٍ دفعة واحدة؟!!) إذ يستحيل وصولهم كلهم في الساعة (7.30).
** نعم.. مشكلتنا.. عدم الدقة.
** نحن لسنا دقيقين.. ويذكرني ذلك.. بحكاية ذلك الأخ (العربي) الذي أوقفه المرور وأراد التحقق من هويته فسأله.. هل اسمك فلان؟
** قال (تأريباً) يعني (تقريباً) فاستغرب رجل المرور.. وسأله مرة أخرى.. هل هو اسمك أم لا؟
** فقال.. نعم.
** مشكلتنا.. أن أكثر أمورنا من فئة (تأريباً) فتجد أحدهم له أكثر من عمر في ملفه الطبي.. بل ربما تجد مجموعة إخوان أشقاء.. الكبير مسجل أصغر من إخوانه الصغار.. وأمورهم العمرية متداخلة ولا يضبطها ضوابط.. بل ربما تجد أبعد من ذلك.. عندما تجد أباً لا يفصل بينه وبين ابنه الأكبر في السن.. سوى سنتين أو ثلاث.. بل ربما تجد الابن الأكبر.. أكبر من والده في التابعية.
** الأمور كلها تقريبية جداً.. والمسألة كلها.. زيادة ثلاثين سنة أو نقص ثلاثين سنة.
** المسألة.. بسيطة للغاية.. ولهذا.. فإن قضية تاريخ ميلاد فلان.. قضية نسبية غير دقيقة.. لا تُعطي أي مدلول أبداً..
** ولهذا.. تجد الكثير من الناس.. وتحت هذا التفاوت غير الدقيق في السن.. تجد أكثرهم (يدعي) أنه مكبَّر في التابعية.. وأن عمره الحقيقي.. أصغر من ذلك بكثير.. ويندر.. أن تجد شخصاً يقول لك.. إن السن المثبتة في التابعية هي العمر الحقيقي له.. بل أكثرهم.. يُصر إصرارا عجيباً.. على أنه (مكبَّر) في التابعية.. حتى لو كان = أي هذا الشخص (يْدَقْ له.. الماء!!).
** بل تجده قبل عشر سنوات يقول: إنه مكبَّر سنتين.. وبعد عشر سنوات يقول: إنه مكبَّر خمس سنوات.. وهكذا يزداد (التَّكبير) في سنه.. كلما تقدمت به السن.. حتى يصل إلى أنه (كبَّر) عشرين سنة وهكذا يزداد مع مرور الوقت.
** والمشكلة الأخرى.. و(الَِّلي ما لها دْوا) لبعض (الشيَّاب) أنه يغضب غضباً شديداً و(يولِّع) ويرتفع ضغطه.. ويضيق صدره.. ويتصبب عرقاً.. فيما لو تحدثت عن سنه وقلت.. إنك في الستين أو السبعين.. ويصر أنه أصغر من ذلك.. وهناك من يهزُّ يده في وجهك ويقول بغضب: (انت مْوَلِّدْني.. يا.....؟!!)
** إذا أردت أن تُغضب أحدهم.. فقل له: كم عمرك يبو فلان؟ وإذا أردت أن ترفع ضغطه.. أو أنك (مشتهي الطْقاق) فقل له.. (يوم حرب السْبِلِه.. كم عمرك يبو فلان؟!).
** بعضهم.. أبناؤه أحيلوا إلى التقاعد.. ويصر على أنه لم يلامس السبعين أبداً..
** وبعضهم.. له أحفاد في الخمسين.. ويصر على أن بينه وبين الثمانين.. مسافة ليست قريبة.
** نحن نسخر من النساء في هروبهن من ذكر العمر وحساسية ذكر السن عندهن.
** واليوم.. طوال الشوارب.. صاروا أسوأ من العجز.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved