ثوري كما تشائين..
اغضبي كما تريدين...
انفعلي.. ارتعدي.. فما عادت كلماتك تعنينا..
وما عادت قدسيتك.. سلاحاً.. يزلزل كياننا..
كلماتنا ماتت.. عواطفنا جمدت.. أحاسيسنا انعدمت..
فهل نحب.. من غير عواطف وأحاسيس؟..
وهل نحيا من غير خوف ومتاريس؟...
آهاتنا اختنقت.. نيراننا خمدت.. .وجذوتنا انطفأت..
واحترقنا.. وما بقي إلا ما رمادنا..
سواداً نخربش.. به حروفاً غير مفهومة.. ترسم انهزامنا..
وندمدم في أذنك فلسطين.. وبكل أسف..
ما زلنا مهزومين.. حتى الأعماق مهزومين.. مخذولين.. مقهورين
أرواحنا تئن.. في النزع الأخير.. تلفظ..
(سامحينا فلسطين)
فإلى الآن.. لم نستطع.. أن نضمك.. إلى صدورنا..
لم نستطع أن نزرع فيك.. همسة عزّ..
ولا حتّى.. أن نضع.. في رحم حريتك جنين..
***
حلم من ورق
في كل ليلة.. يزورني طيفك..
يدعوني.. يراودني..
يرسمك جنّة جميلة.. من سعادتي دانية..
قصيدة شعر.. على قلبي حانية..
حلماً أحيا في جنباته.. لا أريد أن أصحو منه ثانية...
وأبقى نائمة.. غافية.. وفي أحضانه حالمة..
أردد معاني الحرية.. أثرثر بكلمات الحبّ الشجيّة..
وأبقى نائمة..
يستفزُّ مشاعري.. يهزّ كياني..
ويغريني.. لأحيا عالما.. أرفع رأسي فيه كريمة.. عزيزة..
ولكن.. وللأسف.. أبقى نائمة..
لا.. لا.. تحاولي إيقاظي..
فكلمات الحريّة.. فقدت سحرها.. خارت قوتها.. وقد كان من قبل طيفها ينعشني..
ومن أعمق نوم يوقظني..
وقصائد الكرامة.. غابت روحها.. وما عادت كالسابق تحييني..
لا أدري.. إلى متى سأبقى غافية..
وعلى أريكة ماضيك.. مرتمية..
فأنا أدمنت النوم.. وما عدت أجد سواه شافيا..
***
هجرة إلى.. ؟؟!
لملمت أوراقي.. حزمت أمتعتي.. وإلى المجهول اتجهت..
ومشيت.. ومشيت.. خمسين عاماً..
أكَلت المسافات مقاومتي..
وأفنت غبار الطرقات والاتفاقات.. ذاكرتي..
وتهت في الخمسين عاماً.. وضعت عن وجهتي..
إلى أين أسير؟.. وإلى متى؟.. إلى متى؟.. سينتهي حر هذا الهجير؟..
ومن بعيد لاح.. بارق منير..
سارعت الخُطا.. تفقدت هويتي.. حفظت اسمي.. ورددت وبتواصل..
مسلمة.. عربية.. هذا أصلي..
وعند جدار الضوء.. وقفت.. وبشموخ.. واعتزاز.. كل أوراقي.. عرضت..
هذا جواز سفري.. تلك خارطة أرضي.. وذاك رسم بيتي..
هنا كل تاريخي.. وهنا مدرج طفول.. .وقبل أن أكمل..
صوت غريب أسكتني.. وبحدة أوقفني...
أوراقك غير رسمية.. أمزورة أنت؟ أو منفصمة الشخصية؟
ثرت.. ثرثرت..
أنا.. أنا فلس.. أنا عربي.. أنا مسلم..
اصمتي أجابني.. ماذا قلت؟.. إرهابيّة لا بدّ أنت...
إلى القتل.. إلى العنف.. دائما دعوت..
أنا؟.. أنا؟..
لم ينتظر إجاباتي.. وما هزّته.. لحظة.. انفعالاتي..
وبقيود الخيبة كبّلني..
من أرسلك.. ما وجهتك؟.. ما غايتك؟..
من دعمك؟.. .من خطط لك؟..
جيوش أحاطت بي.. وأسلحة لا أعرف نوعها.. .وكم عددها.. وجهت نحوي..
وصرخت وبلا وعي انتفضت..
يا صانعي السلام.. الرأفة بي..
يا مدّعي الحرية.. فكّوا قيدي..
يا.. يا.. ومع رجع الصدى.. ردّ صوتي..
وقادوني.. إلى أين؟ إلى أين؟.. يا ديمقراطيي العالم.. تأخذوني..
ارحموني.. فقد تعب مني المسير.. وان مني السفر..
أما آن لي.. وبعد خمسين عاماً.. أن أحطّ رحلي..
وبشفقة.. همس أحدهم.. في أذني..
قد آن الأوان لأن ترتاحي..
ففي غوانتنامو..
آخر محطة.. وبعدها.. وإلى غيرها..
لن ترحلي..
هزار سلوم |