من الأمثلة الصارخة على عدم احترام حقوق المستهلك عدم تمكينه من التأكد من معرفة تفاصيل الفاتورة التي يدفعها ثمناً لمشترواته لكونها مكتوبة باللغة الإنجليزية في معظم الأحيان، لكنها في كل حال تعطى له عند دفعه لما هو مطلوب منه كتقليد استوردناه مع آلات (الكاشير) التي استوردناها ولم نستطع أن نجعلها تكتب بلغة من تتعامل معهم. ولا إشكال في الموضوع طالما أن الثقة عامل مهم في إنجاز التعاملات الاقتصادية تعمل على خفض تكلفة اتمامها وزيادة الكفاءة والإنتاجية. وهذا عامل يضاف إلى سابقه، والذي يرى في إعادة أجزاء الريال مضيعة للوقت وتعارضاً مع السرعة والإنتاجية.
وتصبح الأمور أكثر إثارة للسخرية عندما يكون المحاسب أيضاً غير متقن للإنجليزية، وفي هذه الحالة ما علينا إلا الرجوع إلى جهة عليا في حال ورود استفسار أو تساؤل. والحل الجذري والحالة هذه إما احترام أحد مسلمات الوطنية وما هو معلوم منها بالضرورة وهو أن لغة هذا البلد ولغة أهله هي العربية، أو تطوير مناهجنا التعليمية لتستوعب وتتمكن من التعامل مع متطلبات العصر الذي نعيش فيه والتي منها ضرورة كون فواتير المحلات باللغة الإنجليزية.
والغريب أن كتابة الفواتير تتم باللغة الإنجليزية على الرغم من كون كثير من العلامات التجارية عربية لكنها تكتب بحروف لاتينية، وليست الفواتير وحدها هي التي تكتب باللغة الإنجليزية بل إن كثيراً من تفاصيل الحملات الدعائية ما تكتب باللغة الإنجليزية مما يؤدي إلى إيهام المشتري أحياناً بوجود عروض ترويجية معينة لكنه يكتشف أنها عروض اسمية وليست حقيقية وعند الاستعلام عما هو مكتوب باللغة العربية يفاجأ بأن المرجعية في حال الإختلاف او سوء الفهم هي الإنجليزية. والأشد من هذا أن الأسعار وأسماء المنتجات وأنواعها وأوزانها وأحجامها في الأوقات العادية في غالبية المراكز التجارية نكتب أيضاً باللغة الإنجليزية.
هذه التصرفات وإن كانت تتعارض مع أبسط حقوق المستهلك فإنها أيضاً تتعارض أيضا مع أحد مبادىء المنافسة وهو إمكانية الحصول على المعلومات وسهولته عن المنتجات وأسعارها وأنواعها إلى غير ذلك من المعلومات المؤثرة في قرارات المستهلكين.
وهذه الأمثلة لا تعني أن الخروقات لحقوق المستهلكين محصورة فيها فمتى ما عولجت انتهت المشكلة، بل لابد من توافر مجموعة أخرى من العوامل التي تدعم هذه الإصلاحات وتؤازرها. فمثلاً من حق المستهلك أن يتمكن من الموازنة بين أسعار الأنواع المختلفة للسلعة الواحدة عن طريق الموازنة بين أسعار الوحدة المعيارية الواحدة للأنواع المختلفة. وبعبارة أخرى يفترض أن يكون واضحاً في البطاقة الموضوعة على الرف - سعركيس الأرزذي العلامة التجارية (أ) بالإضافة إلى سعر الكيلو الواحد منه وهكذا بالنسبة لبقية العلامات التجارية. كما أن من حق المستهلك أن يتعرف على المعلومات الغذائية وأية تحذيرات صحية للسلعة التي يشتريها بالإضافة إلى محتوياتها مرتبة بطريقة منطقية ومعيارية.
ومن حق المستهلك ايضا متى شعر بعدم الرضا من منتج ما أن يتمكن إن رغب في ذلك - من الاتصال بالمنتج - بكسر التاء - أو الموزع أو المستورد بدون تكلفة وإبلاغه مضمون شكواه، وفي المقابل لابد وأن يجد من يتفهم طبيعة مشكلته ويحاول جادًا ومخلصا التفاعل معها وحلها وتعويضه إن لزم الأمر. وإذا كان إحترام حقوق المستهلكين من قبل المنشآت التي تعيش درجة من درجات المنافسة أمراً يستلزم مزيداً من الاهتمام فإن الأمر آكد في حالة المنشآت الاحتكارية والتي غالباً ما تتلاشى عندها حقوق المستهلكين لإنعدام المنافسة ولعدم وجود الإطار القانوني الذي يحميهم من تجاوزاتها. ولا شك أن التدخل الحكومي في مثل هذه الحالة ضروري وإلا فشريعة الغاب ستكون هي المسيطرة.
وفي جميع الأحوال يفترض أن يتوافر للمجتمع منظمات وهيئات مستقلة تتمتع بالاعتراف والغطاء القانونيين اللازمين لتمكينها من أداء أعمالها تكون مهمتها التعريف بحقوق المستهلكين وحمايتها والدفاع عنها وتنويرهم تجاه القضايا ذات العلاقة، فحماية المستهلكين لم تعد مجرد التأكد من تاريخ الصلاحية، بل أصبحت أكثر تعقيداً من ذي قبل ولعل أكثر الأمثلة وضوحاً معاناة المجتمع مع شركة الإتصالات وأسعارها الخيالية. والتي لا تقارن باسعار الشركات الأخرى سواء في الدول المتقدمة أو النامية ومعاناته أيضاً شركات التأمين والتي تتضمن في إبتكار الحيل والألاعيب للتملص من الوفاء بإلتزاماتها، وما ذاك إلا لغياب المنظمات المطالبة والمدافعة عن حقوق المستهلكين، ولعدم وجود الرادع القانوني الفعّال الواضح.
|