تمضي إسرائيل في طغيانها وعتوّها وتجبّرها دون أن تجد قوة أخرى تردعها، ودون أن تلقى أعمالها الإجرامية أي إدانة واضحة وصريحة من العالم الغربي وعلى وجه الخصوص من الولايات المتحدة الأمريكية التي تكون شريكة لإسرائيل في كل أعمال القمع والقتل والتدمير التي تتم في الأراضي الفلسطينية، ويذهب ضحيتها الأطفال والنساء والشيوخ.
وفي كل يومٍ تحمل لنا وكالات الأنباء والقنوات الفضائية صوراً تدمي القلب عن الجرائم الإسرائيلية حتى أصبحنا متبلدي الأحاسيس نشاهدها وكأنما هي مسلسلات يومية نعتاد على رؤيتها ونتسلى بمشاهدتها.
ولعل جريمة قتل الشيخ أحمد ياسين تمثل قمة الطغيان الإسرائيلي وفي المقابل تمثل قمة الاستسلام والرضوخ العربي، لقد قتلت إسرائيل رجلاً مقعداً ليس له من سلاح إلا عقله وفكره وإخلاصه لوطنه وشجبه الغطرسة الإسرائيلية وتحديه لها.
قد قتلت إسرائيل أحمد ياسين بطريقة إجرامية وحشية، وتباهى زعماؤها بذلك العمل الإجرامي وتوعدوا بقية الزعامات الفلسطينية بالتصفية والقتل، وحظي ذلك العمل الإجرامي بتأييد صريح من الولايات المتحدة الأمريكية التي كان أقوى تأييد منها له، وأوضح تشجيع على ممارسة أمثاله استخدامها حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الذي اتخذ قراراً بالأغلبية لإدانة إسرائيل.
ونعجب هنا من التناقضات الأمريكية في الوقت الذي تنادي فيه الإدارة الأمريكية بضرورة إشاعة الديمقراطية، وإتاحة المجال للحريات الشخصية وتنتقد غالبية الدول العربية، نجدها تشجع كل عمل إرهابي، وكل عمل إجرامي لا أخلاقي منافٍ لحقوق الإنسان تقوم به إسرائيل.
لقد ذهب أحمد ياسين ضحية لوطنيته وإخلاصه وشجاعته من جانب ،ولتقاعس وانهزامية العالم العربي من جانب آخر، ثم نتيجة الهيمنة الإسرائيلية المستمدة من التشجيع والدعم الأمريكي.
وبعد أن ما يخفف عنا أن الشيخ أحمد ياسين مات شهيداً، ورفعت الأكف في كل العالم الإسلامي بالدعاء له بالمغفرة والرحمة وأن يسكنه فسيح جناته.
ولئن مات أحمد ياسين فإن روح المقاومة الفلسطينية ستظل باقية في نفوس الفلسطينيين الشرفاء أولاً، ونفوس كل الشرفاء من العرب والمسلمين ثانياً.
|