نشرت جريدة المدينة في عددها الصادر بتاريخ 9 محرم 1424هـ ان بعض الشركات الاستثمارية الأجنبية، كانت تعمل تحت غطاء المتاجرة بالتأشيرات، بمعنى ان هذه الشركات، كان عملها ينحصر في طلب التأشيرات، لفئات محددة من العمالة الأجنبية، نظير مبلغ محدد تأخذه مقابل التأشيرة، أو مقابل من استقدمته، لكي يعمل لحسابه الخاص، مقابل مبلغ معلوم تأخذه الشركة الوهمية شهرياً أو سنوياً من هذه العمالة!
وخطورة هذه القضية، أننا نشتكي من المواطن المتستر، الذي يرمي بصبيانه من العمال والمهندسين والمحاسبين في البلد، مقابل ان يأتيه كل واحد منهم، بحسنة شهرية أو سنوية، تتيح له ان يتمدد في منزله أو على شواطئ ماليزيا أو المغرب أو القاهرة، دون ان يشكو حاجة أو فقراً، فالمدد يأتيه غدقاً أينما كان، بفضل صبيانه الذين يزيدون أزمة أبناء البلد أزمة دون أي إحساس.
لم نخلص من هؤلاء حتى فتحنا الباب للمستثمر الأجنبي ليقوم بنفس الدور، لكن هذه المرة لجماعته وأحبابه، وإذا اكتفى هؤلاء، يمم نحو الهند والسند، مثله مثل المواطن الهمام، الذي يأكل ويشرب ويتمشى، من كد أو ذراع غيره!
ولكي نقرب الصورة علينا قراءة هذه الأسطر من خبر أو تقرير جريدة المدينة (كشفت مصادر مقربة من الهيئة العامة للاستثمار ان الهيئة تقوم بتشكيل لجان خاصة لدراسة مشكلة قيام بعض الشركات الوهمية بالتقدم للهيئة للحصول على تراخيص استثمار لمزاولة نشاطها بهدف المتاجرة في التأشيرات العمالية وإيجاد الحلول المناسبة لها. وعلمت (المدينة) ان هناك عدداً من الشركات الأجنبية التي تقدمت للهيئة بهدف الحصول على تراخيص رسمية لمزاولة نشاطها داخل البلاد، تعتبر شركات وهمية ووسيلة جعلت بهدف منحها تأشيرات عمالية من قبل الهيئات المعنية والمتاجرة بها فقط. وأكدت المصادر ان هذه القضية الشائكة طرحت أكثر من مرة في اجتماعات مسؤولي الهيئة، وكذلك الجهات المختصة بإصدار التأشيرات والسجلات التجارية واستقدام العمالة الوافدة)
هذا الخبر أوردنا أهم ما احتواه، يقدم لنا مؤشراً على الرغبة القوية في زيادة الاستثمارات الأجنبية في بلادنا، دون خطط كاملة، لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، يحتاج منا ان نضع ضوابط تكفل لأبنائنا -على الأقل- الذين يملؤون الشوارع والمنازل، بملفاتهم ان لا يكونوا وقوداً، لإعطائنا الحق للشركات الاستثمارية بان تستورد عمالتها دون ضوابط، فكافة دول العالم التي فتحت باب الاستثمار على مصراعيه، كان هدفها أولاً وأخيراً رخاء البلاد والعباد، وليس ان يقال ان بها استثمارات أجنبية بكذا مليار ريال أو دولار، تذهب أولاً بأول إلى بلد المستثمر الهمام وهي أرباح وفرص ربما لن يستطيع الحصول عليها بسهولة في بلاده.
إن أهم البنود التي حرصت عليها ماليزيا -على سبيل المثال- هي أن يحرص المستثمر الأجنبي قبل استلام مشروعه، على تأهيل العمالة المحلية، لتنخرط في ذلك المشروع، وهذا مافتح آفاقاً واسعة أمام المواطن الماليزي بعد أن توفرت له الوظيفة والتدريب عليها، أما شركات الاستثمار التي دخلت منذ سنوات، فقد رأينا ان العديد منها ضررها أكثر من نفعها، مثل شركات المقاولات الصغيرة والمطابع والورش، ولم نفرح لها إلا لأن أصحابها انتقلوا من خانة التستر، إلى خانة ان يكونوا الأصحاب الفعليين لأعمالهم، لكن بعض هؤلاء لم يخرجوا للأسف من ثوب التستر، وبدلا من ان يكونوا متسترا عليهم، أصبحوا هم متسترين، فرموا بمئات من العمالة الضارة والنافعة إلى السوق نظير أجر معلوم، مثلهم مثل المواطن الذي يأتيه رزقه من هذه المهنة الحرام!
إن كل شيء يجب ان يكون له ضوابط صارمة، فمستثمر واحد نزيه وفعال، يخدم أبناءنا ويدربهم ويقدمهم على غيرهم من العمالة الأجنبية، أفضل ألف مرة من مستمر عمالته من بلاده أو من أفراد عائلته. إننا نفاقم محنة أبنائنا، إذا لم نضع الخطط التي تكفل زيادة الاستثمار، جنباً إلى جنب مع التزام المستثمر، لوضع الأولوية لتوظيف وتدريب الشباب السعودي، بدلا من أن يكونوا الرقم المائة، بعد العامل الأجنبي!!
فاكس: 4533173 |