في نهاية أي (دوري) أو (موسم) رياضي يدور الحديث حاداً ومنفعلاً عن مسألة: (الإدارة) في الأندية الرياضية، وقد يثير الحديث استقالة إدارة نادٍ ما!، وواقع التحليل والتفسير لا يخلو في نسبته الكبيرة من الحقيقة لسبب جوهري لا أحد يفاصل حوله، وهو ان الإدارة في النادي هي كل شيء، هي الكلّ في الكلّ، فالإدارة يمكن ان تكون السبب والدافع وراء التسيّب والتساهل وعدم المبالاة، ثم في التراخي والتنصل والإخفاق، كما انها يمكن ان تكون بالسهولة كلها (الإِكسير) الذي يَهَبُ النادي بمن فيه وما فيه وما حوله الحيوية والفاعلية، والصدق في العطاء ومن ثمّ الفوز والتفوق.
لقد تحدّث عبر الصحف كثير من الأعضاء واللاعبين ومن له صلة بما وراء اللافتات والعناوين عن أسباب الإخفاق لدى كثير من إدارات الأندية، وفي كل مرة وفي كل حديث كان ترتيب المسألة (المادية) وتنظيمها حسب المنطق والقانون والحقوق.. كأن يأتي في ديباجة الإفصاح، وفي صلب موضوعه، وفي خاتمة نتائجه وما سوف يؤدي إليه.
من المؤسف - أيها السادة - أن تكون الحياة الرياضية بما تعنيه في أنديتنا مبنية على الدعاية والإعلان، وعلى التصريحات والعبارات التي لا رصيد لها، وعلى مسألة الادعاء وإثبات الحضور!!
ومن الطَّبعي جداً ان ما سبق لا تُختَصُّ به الإدارات في الأندية الرياضية، وإنما ينسحب على إدارات أندية أخرى فنية وثقافية، حيث يشترك الثقافي والرياضي في الإحساس العميق بهضم الحقوق، وعدم التقدير، الأمر الذي يؤدي بهما حتماً إلى الانشغال بمعضلة مواجهة نفقات الحياة التي لا تقبل الأعذار وأنصاف الأمنيات، والنتيجة المؤكدة لذلك هي: موت الرغبة في الإبداع، والشعور بانعدام الجدوى من الالتزام والتضحيات، ومن ثَمَّ الوصول إلى المصير المحزن وهو الإخفاق والتوقف، وهذا ما يفسّر، أو يجيب عن ذلك السؤال الأزلي: لماذا تأخر ركبُنا عن اللّحاق بمبدأ التفرغ، والاحتراف؟ ولماذا نفاجأ - في كثير من الحالات - بأن اللاعب الفلاني أو الإعلامي الفلاني أنه مرتبط وظيفياً بجهة قد لا يكون لها علاقة بفنه ومهارته؟!
على أي حال: في الوقت الذي لا نعمِّمُ فيه ما سبق على جميع إدارات الأندية ونقرّ فيه ونعترف بان هناك ما يشبه الاستثناء - في الوقت نفسه، ندعو إلى ان يكون هناك فكر إداري داخل الأندية، فكر إداري خلاّق له علاقة بتنمية الإنسان، واستثمار القدرات البشرية، وتحقيق المكاسب، وإيجاد التوازن الفعلي بين مسألة النفقات والإيرادات، لأنّ كارثة حقيقية حتمية ستقع عندما يختل ميزان الأخذ والعطاء لأيّ سبب كان، تماماً.. مثل إصراري على ان ما سَبَق ليس ضخماً ولا كبيراً على أيّ إدارة مهما كانت محدودة أو صغيرة، لكلِّ سياق وقدرات وآليات.
|