قد يكون المهتمون بقضايا سوق العمل المختلفة بما فيها التداعيات الاقتصادية السلبية المرتبطة بانتشار ظاهرة البطالة والتواجد العشوائي المكثف للعمالة الأجنبية أكثر الناس سعادة بصدور قرار فصل وزارة العمل عن الشؤون الاجتماعية، وقد يكون رجال الأمن في مناطق المملكة المختلفة أكثر الناس تطلعاً للنتائج الايجابية التي ينتظر أن ترتبط بطبيعة المشاركة المستقبلية لعنصر العمل المحلي وبالاجراءات التي قد تتخذ للحد من التواجد غير المقنن للعمالة الأجنبية، وفي كل الأحوال فإن المواطن السعودي الذي يتعايش مع المعطيات الاقتصادية والاجتماعية للمرحلة الحالية يتطلع إلى ان يكون لهذا القرار آثار عملية على متغيرات الاقتصاد الوطني وعلى المتغيرات الاجتماعية للأسرة والمجتمع السعودي خاصة بعد أن أثبتت التجربة عدم كفاية الامكانيات المتاحة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية لتغطية الاحتياجات المتزايدة للخدمات الاجتماعية التي ترتبط بالتغيرات الهيكلية في مكونات التنمية الاجتماعية والاقتصادية السعودية، وعلى الرغم من عدم اتضاح الصورة النهائية حول الترتيبات العملية اللازمة لتطبيق القرار على أرض الواقع إلا أننا نستطيع أن نحدد الهموم الوطنية التي نتمنى ان تحظى بعناية وتركيز المسؤولين في الوزارتين (العمل، والشؤون الاجتماعية) حتى نكفل لهذا القرار بعده التطبيقي العملي الذي يتناسب وتطلعات المسؤولين والمستفيدين من المواطنين والمقيمين في المملكة. ومما لاشك فيه فإن أكبر هم يواجه ويقلق أصحاب القرار والمواطنين يتمثل في ارتفاع معدلات العاطلين عن العمل من أبناء وبنات هذه البلاد مما يعرض النسق التنموي للخطر ويهدد المرتكز الأمني ويعصف بالتطلعات الاقتصادية والمجتمعية التي تشكل محوراً هاماً من محاور التنمية الوطنية، وبالتالي فإن على وزارة العمل الوليدة ان ترتقي إلى مستوى التطلع الوطني وان تعمل على وضع الآليات الملائمة لزيادة مشاركة عنصر العمل المحلي في العملية الانتاجية وتخفيف الاعتماد على العمالة الأجنبية التي لا تهدد واقعنا ومستقبلنا الاقتصادي فحسب ولكنها تؤثر حتى على مكونات الثابت الأمني الذي هو الأساس لاستقرار المجتمع ونهضته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.إن على هذه الوزارة ان تعي ان المرحلة الحالية تخضع لمتغيرات ذات ابعاد وأشكال مختلفة ولاعتبارات تتجاوز حدود الاعتبار الاقتصادي الذي ظل في السابق أساساً لصناعة القرار المتعلق بتوطين الوظائف كما ظل في السابق يتصدر التبريرات التي يعتمد عليها بعض رجال الأعمال في رفضهم لتوظيف الأيدي العاملة الوطنية، وفي ذات الوقت عليها أن تعي ضرورة تهيئة الشباب بمثاليات وسلوكيات العمل في القطاع الخاص وضرورة عمل الترتيبات التي تقضي على حالة عدم استقرار وانضباط الأيدي العاملة السعودية التي يعاني منها أرباب العمل، وضرورة تفعيل دور عقد العمل كضابط عملي لحركة عنصر العمل المحلي وكعامل مهم لتحقيق الاستقرار اللازم. لقد كنا في السابق نعاني من وجود مكثف للعمالة الأجنبية وفي نفس الوقت تزايد مستمر لعدد العاطلين عن العمل من أبناء وبنات الوطن مما يوحي ببراءة الاقتصاد السعودي من المشكلة ويولد القناعة بوجود خلل ما في آلية إلحاق الشباب بفرص العمل المتاحة وهذا يعني ضرورة مراجعة هذه الآلية والعمل على رفع كفاءتها الميدانية بعيداً عن التبريرات غير المنطقية التي تهمل في كثير من الأحوال الأبعاد الاجتماعية والأمنية والفكرية المرتبطة بظاهرة البطالة والتواجد العشوائي للعمالة الأجنبية.إننا نتمنى كمواطنين أن نرى نشاطاً فاعلاً في ميدان سوق العمل يضمن للشاب والشابة السعوديين مصدر رزق كريم على أرض هذه البلاد المباركة ويحقق لبلادنا الاستقرار المنشود في المجال الاقتصادي والاجتماعي والأمني.
إشارة: شهد سوق العمل السعودي في السنوات الأخيرة تطورات نوعية أثمرت عن تفاعل ملحوظ بين عنصر العمل المحلي ومجالات العمل المختلفة وهذا يجعلنا وبتجرد كامل نقدم الشكر للرجال المخلصين وفي مقدمتهم معالي وزير العمل والشؤون الاجتماعية وسعادة وكيل الوزارة لشؤون العمل وسعادة أمين عام مجلس القوى العاملة والعاملين معهم الذين تعاملوا مع توجيه قادة هذه البلاد بكفاءة عالية وبوطنية صادقة، فلهم منا جزيل الشكر ووافر التقدير ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله.
|