* لماذا، السَّلاحف البحرية؟
* الهُنود، مثلا، يصيدون (الشِّرمْب) ويستخدمون في ذلك شباكاً خاصة، تزيد من حصيلة الصيد.. وهي شباك، تم اختراعها وتطويرها في الدول المتقدمة. وتتعلق السلاحف البحرية الغبيَّة المسكينة في هذه الشباك، دون قصد منها ودون تخطيط من الصيادين. وهي سلاحِفُ، يقولون، إنها منقرضة، وجديرة بالحماية من الاستئصال.
* جماعات حماية البيئة في الدول المتقدمة ذوو قلوب رحيمة وعواطف رقيقة، ولذلك تطالب هذه الجماعات بِمَنع استيراد (الشَّرمب)، الذي يتم اصطياده بهذه الطريقة.
* طبعاً، سيزعج ذلك كثيراً، زبائن المطاعم الفاخرة في نيويورك وشيكاغو ولوس أنجلس وباريس. ولكنه أكثر ازعاجا للصيادين الفقراء من الهُنود والآسيويين الآخرين، وغيرهم.
* هؤلاء الفقراء، لا يُضْمرون عداءً ولا ضَغينةً للسَّلاحف البحرية. ولو تركتهم لشأنهم لتركُوها لشأْنها وهم يُريدون أن يكسبوا رزقهم ورزق أولادهم، ولا يفهمون لماذا تعارضهم سيدة غربيّة مخمليّة، أو يَشْجُبُهم سياسيٌّ أمريكي سمين، أو يكرههم أطفال المدارس في ضاحية اميركيَّة ناعسة.
* أنصار البيئة الغربيون غالباً، هم من أكثر المتحمسين في شوارع المدن المتحضرة، وهم أعلى المتظاهرين أصواتاً وأشدهم عنفاً، وقضيتهم تشمل قائمة طويلة من المخلوقات بما فيها الحيتان، والضفادع والأفيال والغوريلا والصقور والسلاحف البحرية، وعدد كبير من الأشجار والنباتات والحشرات.
* ومن المناسب الإشادة بهذه العواطف النبيلة، تجاه مخلوقات الله جميعها. ومع ذلك فإن هذه العواطف الجياشة تجاه الحيوانات ، والنباتات والحشرات، لا تسد أفواه مئات الملايين من شعوب العالم الثالث، التي تقتات أرزاقها من خشاش الأرض، ولا تجد بدائل جيدة ،في نشاطات اقتصادية أخرى ذات جدوى خاصة في ظل سياسات حمائية متعجرفة تحاصر صادراتها الأخرى إلى الدول الصناعية المتقدمة.
* إن صرخات البيئيين يجب أن توجه للسياسيين الغربيين وإلى نقابات العمال والتجمعات الاحتكارية في بلادهم. وهي يجب أن توجه كذلك إلى المؤسسات التمويليّة الدولية والوطنية التي تتقاعس عن تمويل مشاريع البيئة الأساسية: والنشاطات الاقتصادية البديلة والفعّالة. ويجب أن توجه كذلك إلى الأنماط الاستهلاكية المترفة والفاخرة والمسرفة في المجتمعات المتقدمة.
* احترامي الشديد لحق كل سلحفاة بحرية في الحياة الآمنة المطمئنة، وإشفاقي الصادق على كل سلحفاة بحرية يلقي بها حظها السيىء في شباك صياد هندي.
*ومع ذلك فاحترامي أكبر لحق كل طفل وفقير هندي في اقتيات رزقه، والحصول على ما يسدُّ رمقه.
* وإشفاقي، بلا شك أكبر على فقراء العالم الثالث الذين يلقي بهم حظهم السيىء في شباك أنصار السلاحف البحرية.
|