قل لسعد أين معنى الامتثال
أين يا سعد ترى مغنى الجمال
أي حب تهت فيه مولعا
عدت من أفيائه ترجو المنال
قد ألفت العيش في أرجائه
زانك الوصل بهاتيك الظلال
لم تطق صبرا عن الحب ولا
عن كمال الحسن تبغي الارتحال
عدت يا سعد حزينا آسفا
شفك الوجد وأضناك الدلال
لم تكن ترجو لقلب خافق
عن هوى ليلى فراقا واعتلال
غير أني أهمس القلب ألا
عشت يا قلب تمام الامتثال
خضرة , حسن , مياه عذبة
تبهج النفس و تغري بالوصال
وتزيل الهم عن قلب به
حسرة حري وأنات طوال
عاد سعد وهو يهذي مغرما
ويمني النفس بالعود وقال:
(يارفيقي إن رحلنا هل لنا
عودة أخرى إلى مغنى الجمال ؟ )
إن يكن خيرا لعبد حاذق
أنفق العمر وأغنى بالخصال
فهو عود أحمد حيث المنى
في جنان الخلد يزهو بالمآل
تلك دار أزلفت طوبى لمن
نالها , والله يجزي بالنوال
قد أعدت بيد المولى وما
صانه المولى حري بالكمال
عرضها عرض السموات العلى
مع مداد الأرض خفضا والعوال
كل ما فيها نعيم ماثل
والروابي في ثراها كالخيال
نهر ماء غير آسن , مثله
لبن يجري , وفيها الخمر سال
عسل صفي يضفي روعة
كوثر أذفر بالحب ينال
زعفران أرضها والطين مسك
لؤلؤ حصباؤها .. أنى احتمال
شجر في ظله يجري الجواد
مائة أعوامه والظل طال
وقطوف قد دنت نعماؤها
في رياض طاب فيها الاعتدال
ونخيل قد تدلى باسما
ثمر منها, كأمثال القلال
كربها ذهب , وجذع أخضر
سعف منه كسى كل الرجال
جنتان أخذت زخرفها
بهجة , فيض , وحسن ودلال
فيهما أفنان أضحت بالجنى
تجمع اللذة من كل المحال
فيهما عينان قد سرحتا
جرتا ريا, وبالعذب الزلال
فيهما حور تجلى حسنها
دونك النهر بلحن الحور مال
ما ألذ العيش في جنات عدن
في حياة بؤسها ولى وزال
لا ترى العين بهاء مثلها
لا ولم تسمع ولم يخطر ببال
مع رضا الرحمن نحيي أنسنا
لا مع اللهو ومن فيه اختلال
ونمني النفس بالعود إلى
خير دار يصطفيها ذو الجلال
قل لسعد سر بنا نحو الهناء
فلهيب الشوق للجنات حال
هي ذي الدار التي من أجلها
نتنادى , فإلى مغنى الجمال