عندما صدح صوت الحق وانطلقت الله أكبر تجوب سماء الأقصى معلنة وقت صلاة الفجر تحرك الشيخ الرمز المجاهد أحمد ياسين بعربته وهمته السامية العالية وإيمانه القوي يحمل معه جسمه المشلول.. كان الطريق مظلماً لكن سبحات وجهه وانشراح صدره ونور إيمانه -نحسبه والله حسيبه ولا نزكي على الله أحداً - مزقت الظلام وأنارت الطريق.. أثناء هذا النور وهذه السعادة المنتشية للشيخ وهو يستقبل أفضل الصلوات.. كان هذا المجرم شارون يتحرك كعادته في الظلام ويعد مجزرته وينتظر الذبذبات التي ترسلها خفافيشه وعملاؤه لتخبره بأن عربة الشيخ البسيطة تسلك هذا الطريق وتتحرك في هذا الاتجاه.. وعندما جاء موعد وفاة الشيخ- نسأل الله أن يكتبه من الشهداء - أطلق هذا الجبان (البالدوزر) زعيم عصابة الإرهاب في العالم من وراء جدره وقراه المحصنة صواريخه الثلاثة لتمزق جسم الشيخ الميت أصلاً وعربته التي تحمل أقدامه.. لكنها لن تقدر على روحه التي صعدت إلى الملأ الأعلى ولن تمزق نفسه وهمته وبذرة الخير التي زرعها في نفوس شعب الأقصى.. دولة صهيون بغطرستها وتعاليها وتقنيتها العالية وطائرات الأباتشي وصواريخها المتطورة قتلت الشيخ فعلاً لكنها لن تستطيع نزع حبه وصدقه وكفاحه وجهاده وقتل أفكاره من نفوس شباب الأقصى.. لن تستطيع تغييب ستين سنة من الكفاح والنضال والتأسيس والتأصيل والتربية الجهادية الإسلامية في طرد المستعمر والدفاع عن الأرض.
معادلة خاسرة ومعركة خائبة انهزمت فيها (يهود) وانتصر فيها الشيخ بصموده وصدقه وإخلاصه لقضيته وجهاده فشارون يفر من قطاع غزة بعد أن قذفه الأطفال بالحجارة ثم يمارس إجرامه وبشاعته بأحدث تقنية على الشيخ وهو رجل ضعيف مريض مقعد.
لا أدري أيها المجاهد المكافح كيف أكتب مأساتك وكيف أترجم على الورق بكاءنا وحزننا.. دموعنا غزيرة وجرحنا مؤلم وغائر.. معذرة أيها الرجل المجاهد الرمز فكلماتي تعجز وحبري يختلط بدمعي ولا أقول إلا: { إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ } .. حسبنا الله ونعم الوكيل.. اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيراً منها...
|