الذي يكتب ينشد المديح أما الذي يكتب عن الكرة فحسبه أن ينجو من اللوم، هذا لسان حالي دائما كلما فكرت أن أكتب عن الكرة، فأنا أستمتع بالكرة وأرى أنها شيء يستحق الكتابة عنه، خصوصا إذا جاءت الكتابة متباعدة، فمتعة الناس لها قيمة نوعية تستحق النظر. مشكلتي أني متورط دائما بالكتابة عن الهلال والنصر، هذا شيء محظور إلا إذا ألقى الإنسان بقلمه في خدمة أحد الناديين، وأنا لا أميز كثيرا بين الهلال والنصر؛ فكلاهما فريق عريق يستحق التشجيع، وان كانت نتائج الفريقين تميز بين الفريقين عند الكتابة. على كل حال ليس لدي شيء أقوله بخصوص الهلال والنصر فنتائج الفريقين هذا الموسم متشابهة ولا أظن أن أياً منهما سوف يخرج ببطولة.
لم تشأ الظروف ان أكون في المملكة في أول تجربة للتحكيم الأجنبي ولكني سمعت من بعض الشباب بالصدفة في احد المطاعم (خارج المملكة) أن التجربة لم تكن ناجحة ويردون ذلك إلى ان التحكيم في السعودية شكل نفسية اللاعب السعودي؛ حتى أصبح اللاعب السعودي لا يجيد اللعب إلا إذا كان الحكم سعودياً. فحسبما يقولون كان توقع اللاعبين السعوديين مختلفا عن أداء الحكم، فجاءت مباراة الأهلي والاتحاد هزيلة، الله أعلم ما الذي حدث في تلك المباراة لكني أسأل ما الذي دفع اتحاد كرة القدم إلى الاستعانة بالأجنبي وهو الذي يردد كل تلك السنوات أن الحكم السعودي أصبح ناضجا ولا يمكن الاستعانة بالاجنبي، حتى بلغ الأمر ببعض المسؤولين إلى الضرب على وتر الوطنية، ما الذي تغير أخيرا؟ يمكن أن أرجع هذا التوجه الجديد الى عاملين: الأول النتائج السيئة التي ظهر بها المنتخب السعودي في كأس العالم الأخيرة، والثاني التصريحات المتكررة لبعض المسؤولين في الأندية وهو ضغط لا يمكن تجاهله، فالأول وأقصد نتائج المنتخب في كأس العالم الأخيرة كانت ضربة كبيرة للكرة السعودية ولكن رغم مرور سنتين لم نر أي تغيير في هيكلية الكرة السعودية حتى الآن، ولا أشك أبدا أن الكرة السعودية وصلت إلى نهاية تطورها حسب المعطيات القائمة وقد سبق أن قلت إن روح المنافسة التي تحرك الكرة في المملكة ما زالت متوقفة عند منافسة الأشقاء في الخليج ولم تتبلور بعد نظرة أكثر اتساعا للدخول في منافسة أوسع.
عندما يصل الشيء إلى نهاية تطوره يصير أمامه حلان إما أن يغير الاستراتيجية التي يسير عليها ويفتح لنفسه آفاقا جديدة وإما أن يواجه التراجع، فقدر الأشياء كلها إما التجدد والتطور وإما التفسخ والانحلال، الشيء الذي لا يختلف عليه اثنان هو أن النادي السعودي ما زال يقوم على نفس البنية الادارية والاقتصادية التي كان عليها أيام المؤسسين، فعلى سبيل المثال لا يعود تسيد فريق الاتحاد الكرة في المملكة هذه الأيام إلى تغير في هيكلية نادي الاتحاد وإنما صادف أن كان رئيسه على استعداد لأن يدفع من جيبه الخاص أكثر من رؤساء الأندية الأخرى وهذا التفوق الاتحادي مرهون بشخص واحد أو عدد محدود من الأشخاص برحيلهم ربما يعود هذا الفريق الكبير إلى قاع الدوري دون أن يشعر أحد بذلك، فقوة كل فريق تقوم على مصادفة وجود رئيس على استعداد لأن يدفع أكثر من غيره، وإذا استمر الوضع على ما هو عليه فسوف تواجه كثير من الفرق الوطنية مرحلة التلاشي أو الاضمحلال، وأرشح لذلك فرق الشرقية التي تواجه صعوبة في ايجاد الممولين، فالكرة السعودية مع الأسف تعيش زمنين متناقضين، فبنية الفرق الإدارية والمالية تعيش زمن الحياييل والحواري وتطلعات الشباب، ونظرتهم للكرة تعيش في زمن آخر مختلف.
فاكس 4702164 |