يعتبر المسكن، بعد الحصول على الوظيفة، الهاجس المؤرق للمواطن في محل إقامته، وبالذات الشباب المتطلع للاستقرار الأسري والحياة الكريمة؛ لذا جاء اهتمام الدولة كبيراً من خلال المساهمة الفعالة في إيجاد المساكن المناسبة للأسر السعودية، فنال هذا القطاع المهم توجه بعض الجهات الرسمية بإنشاء آلاف الوحدات السكنية متزامناً مع تدفق قروض الصندوق العقاري بداية نهضتنا المباركة.
وإذا كان لصندوق التنمية العقارية اليد الطولى والدور الرائد في تشييد آلاف المباني، فإن قطاعات أخرى ساهمت أيضاً في إقامة العديد من المدن وبناء آلاف الوحدات السكنية من القطاعين المدني والعسكري، مما حدّ من ظهور أزمات السكن في معظم مناطق المملكة التي تعاني منها كثير من الدول.
وشهدت الآونة الأخيرة انطلاقة صادقة تبين ما قد تعانيه بلادنا مستقبلاً من أزمة سكنية، فكانت الدراسات المقدمة من المختصين والجهات المسؤولة بمستوى الحدث المتوقع، لا سيما أن الحصول على المسكن أهم جبهات معالجة الفقر؛ مما دفع بالمسؤولين ورجال الأعمال للمساهمة المباشرة والفعالة في بناء الوحدات السكنية الخيرية لمساعدة الأسر المحتاجة.
ولكن ماذا عن آلاف الشباب الذين ينتظرون دورهم في الحصول على قروض صندوق التنمية العقارية؟
سؤال تصعب الإجابة عليه إذا نظرنا لحال الصندوق حالياً، وعجزه عن تحقيق رغبات المواطنين بالسرعة الممكنة، والصعوبات التي تحد من مقدرته على تلبية حاجات المواطنين الملحّة للسكن؛ نتيجة عوامل تراكمت لأكثر من عقدين مضيا، أبرزها وأهمها اعتماده الكلي على دعم الدولة، وعدم الدخول في مجالات الاستثمار الواسعة لتطوير رأس ماله، وتهاون بعض الجهات المسؤولة تجاه استحصال ديونه ممن لم يلتزموا بالوفاء بالسداد، أجد أن مشاركة المواطنين، خاصة المتقدمين في الحصول على قروضه، أمر مهم في دفع عجلة الإقراض السريع من خلال إيجاد آلية ألخصها فيما يلي:
أولاً: بما أن فترة الانتظار طويلة قبل الحصول على القرض، أتمنى أن يتم إعفاء طالب القرض مستقبلاً من إحضار صك ملكية الأرض، بحيث يكتفي بالمستندات الثبوتية التي تبين هويته وعمره عند التقديم.
ثانياً: إنشاء إدارة لتطوير رأس مال الصندوق تتولى الاستثمار العقاري على النحو التالي:
أ- شراء المخططات السكنية والأراضي الخام وتطويرها ثم بيعها.
ب- الدخول مع الشركات الرائدة في الاستثمار العقاري.
ج- فتح المساهمات العقارية أمام المواطنين.
د- شراء وإقامة المجمعات السكنية والتجارية.
ثالثاً: تتم تغذية إدارة تطوير رأس المال عن طريق استحصال مبلغ ألف (1.000) ريال من المتقدمين للصندوق بطلب الخدمات التالية:
أ- المتقدم بطلب قرض.
ب- المتقدم بطلب تغيير الأرض.
ج- نقل رصيد القرض من مقترض إلى آخر يحل محله (المبايعات).
رابعاً: للفقرة (أ) و(ب) يعاد المبلغ المستحصل من المواطن مع الدفعة الرابعة من دفعات القرض بعد الموافقة عليه. أما الفقرة (ج) فيحتسب المبلغ من آخر قسط يتم تسديده من القرض.
خامساً: بعد اطلاعي على آخر تقرير سنوي أصدره الصندوق ورصدي الدقيق لما تضمنه من إحصائيات، فإن المتوقع الحصول عليه من هذه الرسوم يصل إلى ستين مليون (60.000.000) ريال سنوياً، تكون بداية الانطلاق إلى مجالات الاستثمار العقاري الرحبة.
سادساً: تضاف أرباح الاستثمار الى رأس مال الصندوق مع بداية كل سنة مالية، وبذلك يتوالى ارتفاع رأس مال الصندوق بحيث يتوقع أن تصل الزيادة خلال الخمس سنوات الأولى الى نصف مليار ريال.
ختاماً، أتمنى أن تجد هذه الدراسة التي تمثل (وجهة نظر شخصية) الاهتمام من المسؤولين واللجان العقارية ليعود الصندوق كما كان رافداً مهماً في دعم التنمية العقارية وتحقيق الرخاء لآلاف المواطنين الذين يحلمون بالحصول على المساكن الحديثة، سيما أنهم يعيشون بين نار انتظار قروض الصندوق ونار أسعار القطاع الخاص الخيالية. والله من وراء القصد.
|