قال لي: كيف يمكن أن ننفث روح الحياة في امرأة تشبه دمية البلاستيك؟ كيف يمكن أن نحرك فيها كوامن الإحساس بأنوثتها, والشعور برقتها ودفء عاطفتها مع زوجها وأبنائها؟
قلت له: المرأة شعور حيٌّ متدفِّق، وعاطفةٌ جياشة, ورقَّة وحنان, المرأة دفءٌ عاطفي يذيب جليد الحياة, فكيف تكون من البلاستيك؟ إنها قلب خافق, وعقل مفكر, وإحساس رقيق, وأُنوثةٌ ساحرة هي سرُّ جمالها وكمالها, وسرُّ قوتها وعظمة شخصيتها, فكيف تشبِّهها بدميةٍ من البلاستيك؟
قال: أؤكد لك أن من النساء من هي - في أحيانٍ كثيرة - كدميةٍ باردةٍ لا حياة فيها ولا رُواء, تغفل عن حقيقة طبيعتها وجبلَّتها, وتتمرَّد على معاني رقَّتها وأنوثتها, وتظن أنَّ رجاحة العقل والنجاح في الحياة وقوَّة الشخصية لا تتحقق إلا بالتنكُّر لطبيعة المرأة, وحينما تفعل ذلك تصبحُ باردة كالبلاستيك, لا طعم لكلامها, ولا جمال لصوتها الأنثوي, ولا يجد زوجها منها سوى ملامح شخصيةٍ باهتة, تثير السَّأم, وتفتح باب الملل, وتقضي على جمال الحياة بروتينها الذي يكتم الأنفاس، وبجمودها الذي يجعل الأجواء من حولها مفتقرة إلى هبَّات النسيم, وأشذاء الأزاهير, وأنداء صباحات الربيع البديع.
قلت له: ربما كان الزوج هو السبب في هذا الذي تقول, فهي لا تتحوَّل إلى هذه الحالة الجامدة الباردة إلا لأنها قد وجدت من تعامل زوجها معها ما يدفعها إلى ذلك, ويحوِّلها إلى هذه الطبيعة (البلاستيكية) الباهتة.
قال: أنا أعلم أن من الأزواج من هو كما ذكرت, هم يتفاوتون في ذلك بين مكثرٍ ومقلّ, وبين مبالغٍ ومقتصد, ولسنا هنا بصدد الحديث عن طباع الأزواج الذين لا يرعون لحياتهم الزوجية حرمةً, ولا ينظرون إلى زوجاتهم نظرة الحب والعطف والحنان, فهؤلاء لهم طريقتهم التي لا يجيزها شرع، ولا يقرُّها عقل, وإنما نتحدَّث هنا عن نساءٍ يملكن من رقتهن ومشاعرهن, وأنوثتهن ما يجعلهن جديراتٍ بأن يحولن حياتهن مع أزواجهن إلى سعادةٍ وهناء, ومع ذلك فإنهن يخرجن من ذلك كلِّه إلى جمود العاطفة القاتل, وبرود المشاعر المزعج, وتنصرف أنظارهنَّ إلى أنفسهنَّ, وتتجه عنايتهن إلى ملاحقة أخطاء أزواجهنَّ, فما ترى عيونهنَّ إلا ما يدعوهن إلى النُّفْرة والخلاف, ثم تتضخَّم هذه الأحاسيس عندهن حتى يصبحن مثل (دمية البلاستيك) لا طعم ولا لون ولا رائحة, وينسين أنَّ المرأة قادرةٌ - بشيء من الصبر - على إشاعة روح الحب في منزلها, وإزالة كثير من الحواجز بينها وبين زوجها, ونشر الإحساس بالدفء العاطفي في عشِّ الزوجية الذي يحتاج إلى نسمات الحنان والحب, ونكران الذات.
قلت: ربَّما كان حديثك هذا بسبب حالةٍ خاصةٍ تعيشها, ولا شك أن المسؤولية مشتركة بينك وبين زوجتك, مع أنَّ للزوجة دورها الأكبر في صناعة الحياة الهادئة الهانئة في منزلها, وهذا ما قد تغفل عنه بعض النَّساء, فيكون سبباً في الخلاف والشقاء.
إشارة:
عناءٌ تلاقيه النفوس وأعباء
إذا لم يكن للحبل شدٌّ وإِرخاءُ |
|