* رام الله - نائل نخلة:
تسود أجواء من الرعب والخوف الشارع الإسرائيلي في أعقاب اغتيال مؤسس حركة المقاومة الإسلامية الشيخ أحمد ياسين.
وأكدت مصادر اعلامية ان الشوارع والمطاعم والمجمعات التجارية والباصات والأماكن العامة في الكيان خلت من السكان والمارة تحسباً من قيام حركة (حماس) بتنفيذ عمليات ضد أهداف يهودية في أعقاب التهديدات القاسية التي أطلقها الجناح العسكري للحركة (كتائب الشهيد عز الدين القسام) وعدد من فصائل المقاومة انتقاما لاغتيال الشيخ ياسين، والذي هدد بقتل مئات المستوطنين الصهاينة.
وعلق أحد الصهاينة قائلا : إن شارون لا يهمه الأمر فهو يجلس في مكتب ومنزل محصنين محاطا بحراسة أمنية مشددة، بينما نبقى نحن الهدف الأسهل لعمليات (حماس).وفي هذا الإطار تتوقع أجهزة الأمن الصهيونية، موجة غير مسبوقة من العمليات الاستشهادية.
وقال أحد المحللين : إن العملية زادت من تعقيد الأوضاع وقلبت الجرة على فمها.فيما قالت الصحافة الصهيونية : إن (حماس) تخطط لعملية كاسحة تقتل مئات الصهاينة، فيما أعربت صحف أخرى عن خشيتها من أن حركة (حماس) تمتلك سلاحاً سرياً قد تستخدمه للانتقام من الكيان.وقالت مصادر اسرائيلية إن قوات الاحتلال نشرت العديد من الوحدات العسكرية لحراسة المؤسسات والتجمعات السكانية والتجارية، كما شددت الحراسة على المسؤولين والشخصيات الصهيونية.وأضافت هذه المصادر أن قوات الاحتلال استعانت بالمتطوعين من السكان المدنيين للقيام بالحراسة، كما نشرت أعداداً كبيرة من الكلاب المدربة على كشف المتفجرات ونصبت الحواجز العسكرية على مداخل المدن الصهيونية وفي داخلها فيما انتشرت أعداد كبيرة من قوات الاحتلال في محطات الباصات وتقوم بعمليات تفتيش وتدقيق في هويات الأشخاص.
هذا ويُستدل من استطلاع للرأي العام الصهيوني، أجرته الصحف العبرية أن الغالبية العظمى من الصهاينة يؤيدون عملية اغتيال زعيم ومؤسس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الشيخ أحمد ياسين. وفي الوقت ذاته يتوقعون ازدياداً غير مسبوق في عمليات المقاومة الفلسطينية.وبحسب الاستطلاع الذي نشرته جريدة (معاريف) العبرية فإن 61 في المائة من الجمهور الصهيوني يؤيد عملية اغتيال الشيخ أحمد ياسين، في حين قال 43 في المائة منهم إنهم يؤيدون اغتيال رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات.
كما يتضح من الاستطلاع أن الجمهور الصهيوني لا يؤمن بأن تؤدي هذه الجرائم والاغتيالات إلى ردع الفلسطينيين ومنع القيام بعمليات ضد أهداف صهيونية، حيث يبين الاستطلاع أن 55 في المائة من المشاركين في الاستطلاع يتوقعون ازدياد العمليات ضد إسرائيل، وفقط 9 في المائة توقع انخفاضها بأعقاب عملية الاغتيال.
وأفاد 32 في المائة من المشاركين في الاستطلاع أن عملية الاغتيال كانت خاطئة وستجر الموت إلى الصهاينة.
هذا وأشار 81 في المائة من المستطلعين أن عملية الاغتيال ستزيد من العمليات الفدائية الفلسطينية وستجلب الويلات للدولة العبرية.
وقالت مصادر استخبارية في جهاز الشاباك الصهيوني ان جهاز الشاباك تلقى خلال اليومين الماضيين أكثر من خمسين إنذارا باقتراب وقوع هجمات استشهادية وأضاف نفس المصدر أن قوات الاحتلال أعلنت حالة التأهب القصوى منذ ثلاثة أيام ولازالت هذه الحالة في ازدياد مستمر.
وأضاف انه تم وضع حراسة خاصة على عدد غير محدد من الوزراء وأعضاء الكنيست صهاينة وقادة الجيش الصهيوني كما تم زيادة الوحدات الصهيونية العاملة في المناطق بواقع كتيبتين أو ثلاث لكل منطقة في الضفة الغربية.
هذا وقد كثف أفراد الشرطة الصهيونية من تواجدهم في شوارع المدن الرئيسية بحيث لا يرى فيها إلا أفراد الشرطة وحرس الحدود والقوات الخاصة فيما ظلت الشوارع خالية من المارة خاصة في مدينة القدس وتل أبيب وغيرها.
هذا وقد أظهرت استطلاعات الرأي التي أجرتها عدد من الصحف الصهيونية مدى الخوف الذي يعاني منه المجتمع الصهيوني بعد اغتيال الشيخ ياسين حيث أعربت نسبة عالية ممن شملتهم الاستطلاعات أنهم كانوا يعانون من الخوف سابقاً والآن زادت هذه النسبة لديهم أكثر.
46 عملية فلسطينية قيد التنفيذ
ومن جهتها توقعت مصادر عسكرية وأمنية صهيونية رفيعة المستوى أن تشهد الدولة العبرية موجة غير مسبوقة من العمليات الفدائية الفلسطينية الانتقامية على اغتيال زعيم ومؤسس حركة المقاومة الإسلامية (حماس، مشيرة إلى أن هناك أكثر من 46 عملية فدائية فلسطينية قيد التنفيذ).
وقالت مصادر أمنية صهيونية إن بحوزة أجهزة الأمن 46 إنذاراً خطيراً بشأن تنفيذ عمليات تفجيرية كبيرة ضد أهداف صهيونية. وتشير بعض التقديرات إلى احتمال استهداف صهاينة في الخارج.
بانتظار (أم العمليات)
وأكدت مصادر صحفية عبرية أن عملية الاغتيال أسفرت عن شلّ الحركة في مختلف القطاعات في أرجاء الدولة العبرية، وذلك خوفاً من تنفيذ العديد من عمليات الانتقام الفتاكة.
وقال الصحفي الصهيوني ناحوم برنييع : رد الصهيونيون على اغتيال الشيخ (أحمد ياسين) باهتمام بالغ، فقد امتنع الناس عن ركوب حافلات الركاب، لم يذهبوا إلى المراكز التجارية، وأمضوا الكثير من الساعات مع أولادهم في البيوت.. لقد اجتمع شعب بأكمله حول أجهزة التلفاز، منتظراً العملية التي ستكون أماً لكل العمليات.
وأعرب صحفي صهيوني عن تأييده المطلق لاغتيال الشيخ أحمد ياسين، إلا أنه أكد أن هذه العملية ستؤدي إلى قتل العديد من اليهود، متسائلاً عن عدد اليهود الذين سيقتلون بسبب اغتيال الشيخ ياسين؟.
وقال ناحوم برنييع في مقال له نشر في جريدة (يديعوت أحرونوت) العبرية (لا يؤمن أحد في الجهاز الصهيوني، ولا حتى (رئيس الوزراء الصهيوني آرائيل) شارون، بأن عملية اغتيال الشيخ ستقلص الإرهاب (عمليات المقاومة الفلسطينية). هذا الأمر لا ينطوي على استراتيجية معينة، وإنما هو نتاج الإحباط المرير وازدياد صعوبة النظر في عيون الناخبين).
مقابل ذلك كله، يتابع الصحفي برنييع، (هناك الكثير من المخاطر: التخوف من اشتعال هبة شعبية أخرى على شاكلة تلك الهبة التي نزلت علينا بعد قضية النفق، وبعد زيارة شارون إلى الحرم القدسي. وهناك التخوف من وقوع عملية كبرى، والتخوف من اندلاع حرب دينية، إسلامية - يهودية، والتخوف من التعرض للجاليات اليهودية، من اسطنبول وحتى بوينس آيريس. الشيخ ياسين يتحمل المسؤولية عن موت مئات اليهود في حياته، والسؤال الذي يجب أن يقلقنا الآن، هو كم عدد اليهود الذين سيقتلون بعد موته؟)، على حد تعبيره.وأكدت جريدة (هآرتس) العبرية في تحقيق صحفي أن من وصفته برئيس جهاز الاستخبارات في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وقصدت به مسؤول كتائب (عز الدين القسام)، الجناح العسكري للحركة، لن يواجه أي صعوبة في اختيار الأهداف الاستراتيجية الصهيونية لتوجيه ضربات انتقامية لاغتيال الشيخ أحمد ياسين.
وقالت : إن رئيس الاستخبارات في حركة حماس، الذي يبحث الآن عن عملية انتقامية ضخمة على اغتيال أحمد ياسين ليس بحاجة لبذل جهد كبير، كل ما عليه أن يفعله هو مشاهدة البرامج التلفزيونية بعد عملية أشدود وتصفح الصحف منذئذ وجمع المعلومات التي لا تقدر بثمن حول الأهداف الاستراتيجية (الصهيونية).مشيراً إلى أن تلك المعلومات تشمل الحديث عن أهمية هذه المواقع وأماكنها الدقيقة ونقاط الضعف، وكيفية الوصول إليها.
وسعى التحقيق الصحفي إلى إثبات مدى هشاشة الأمن الصهيوني عملياً قائلة: (المراسلون (الصحفيون) النشطون قاموا بإدخال قنابل وسيارات مفخخة وهمية إلى المؤسسات الطبية والى مطار بن غوريون حتى يبرهنوا عن سهولة الدخول إليها.. في منطقة التقطير في مركز المصانع القابلة للاشتعال بصورة خاصة نجح رجال الشرطة في إدخال شاحنة مفخخة وهمية إلى أحد (الأهداف الاستراتيجية) في البلاد.وفي تجربة أخرى ألقى رجال الشرطة عبوة كبيرة على جدار أحد المواقع.
الحدث صور بكاميرات الحراسة ولم يصل أي رجل أمن أو حارس إلى الموقع بالرغم من ذلك).
وتابعت القول: (جهاز الحراسة والأمان في منشآت الطاقة ليست خاضعة لأي رقابة أو حراسة. سائقو الشاحنات المرهقون الذين يحملون المواد الخطيرة يوقفون شاحناتهم بجانب منازلهم في المساء. وزارة الأمن الداخلي أعلنت عن أن أسلوب الوقاية الحالي للمنشآت الاستراتيجية قد أثبت إفلاسه). كما أشارت إلى أن جريدة (معاريف) العبرية أعدت جدولا مع صور ستة أهداف استراتيجية لعملية تفجيرية ضخمة: أبراج عزرائيلي، محطة الطاقة في عسقلان، محطة الغاز في (بي غليلوت)، البرلمان، مراكز التقطير في حيفا ومطار بن غوريون).
وتساءلت الصحيفة ( هل تساوي عملية التصفية هذه ما سيتلوها من عمليات انتقامية مجنونة، ستحدث لاحقا؟ هل يعادل ذلك التعرض مرة أخرى للشجب من كل حدب وصوب في الوقت الذي نُعد فيه العدة للرحيل عن غزة بكل مستوطناتها؟).
هذا ونشر في صحيفة (يديعوت أحرونوت) مقالاً تحت عنوان (رثاء للموتى القادمين) من الصهاينة، وذلك في العمليات الانتقامية القادمة رداً على اغتيال زعيم ومؤسس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الشيخ أحمد ياسين.
وقال الكاتب اليهودي يغئال سيرينا في مقاله إن من قرر قتل الشيخ أحمد ياسين على باب المسجد (قرر في الوقت نفسه موت كثيرين آخرين.. كان يستطيع بالدرجة نفسها، في لحظة قرار التصفية أن يسحب من قائمة إحصاء السكان أسماء كل الصهاينة الذين سيدفعون حياتهم ثمنا للتصفية).
ومن جهته فقد تحدى كاتب صهيوني رئيس الوزراء الصهيوني آرائيل شارون ووزير حربه شاؤول موفاز، بأن يجلس أي منهما في مطعم أو مقهى أو أن يبديا جرأة على الصعود في حافلة نقل عمومية، في أعقاب تدبيرهما لعملية اغتيال الشيخ أحمد ياسين.
ففي مقال له قال الكاتب ب. ميخائيل، وهو أديب يوصف بأنه ذو توجهات يسارية، (لو كان شارون زعيماً حقيقياً، لو كان موفاز رجلاً حقيقياً (...)، لكانا يعلنان بصوت جهوري أنهما أيضاً في الأسابيع القريبة سيسافران في الحافلات فقط).وتحداهما أن يأكلا في المطاعم، أو أن يتنزها بلا حراسة في الشوارع، أو حتى أن يجلسا يومياً لاحتساء القهوة على رصيف في المدينة الكبيرة.
وقال ميخائيل عن شارون وموفاز (ليس دمهما أكثر حمرة من دم أي مواطن آخر، وموتهما لن يكون أكثر مأساوية من موت كل ساكن آخر، وأعضاؤهما ليست أكثر قداسة من أعضاء أي بشر آخر).
|