* بغداد - د. حميد عبد الله:
شكلت القوات الأمريكية في العراق فريقا استخباريا مهمته جمع الإشاعات التي يتداولها الشارع العراقي وتحليلها والوقوف على خلفياتها ودوافع انتشارها ودرجة مصداقيتها ورفع تقارير بالنتائج التي يتوصل إليها الفريق إلى جهات عليا في سلطات الاحتلال ودوائر الاستخبارات العسكرية والمخابرات الأمريكية (سي آي. أيه).
وقال مدير الفريق وليم بوتمان الذي أرسل إلى العراق في الخريف الماضي لترؤس الفريق إن فريقه يتكون من 6 محللين من الاستخبارات الأمريكية ومترجمين أمريكيين من أصل عربي و11 عراقياً من بينهم طبيب وأستاذ جامعي ومعظمهم من سكنة الأحياء الشعبية على أن يمثلوا الطيف الديني والطائفي العراقي إذ يشترط عمل الفريق أن يكون عدد من هؤلاء من الشيعة وآخرون من السنة ومجموعة من المسيحيين.
وقال بوتمان إن الفريق جاء استجابة لما بات يشعر به القادة العسكريون الأمريكان من أن الشائعات باتت تشكل خطرا أمنيا عليهم حيث تحول جهاز الدولة العراقية السابق إلى ماكينة لبث الإشاعة وعرض الدعاية وكأنها حقيقة وبمرور الزمن أصبح العراقيون فريسة للإشاعات المغرضة التي أصبح التصدي لها وتحليلها من أولويات قوات الاحتلال في العراق.
وأوضح رئيس الفريق أن فريقه يعكف الآن على دراسة وتحليل ثلاث شائعات أنتجها الشارع العراقي تتعلق بعملية تفجير فندق جبل لبنان في وسط العاصمة بغداد حيث تقول إحدى الشائعات إن صاروخا أمريكيا تائها هو الذي ضرب الفندق وتقول شائعة ثانية إن الفندق كان يقطنه الشخص الذي وشى بنجلي صدام عدي وقصي للقوات الأمريكية مما أدى إلى مقتلهما في تموز (يوليو) من العام الماضي وتقول شائعة ثالثة إن حزب البعث المنحل بدأ يمارس نشاطه السياسي من مقر سري في العاصمة البريطانية لندن وأنه سوف ينفذ العديد من العمليات المشابهة لما تم في فندق جبل لبنان خلال الأشهر التي ستسبق تسليم السلطة للعراقيين.
ويقول مدير الفريق إن تحليلا معمقا ودقيقا يجريه أعضاء فريقه على جميع التقارير الصحفية وما تبثه الفضائيات العربية والأجنبية من تقارير عن الوضع العراقي للخروج بنتائج وتوصيات عن تأثير الإعلام على الشارع العراقي من جميع الأوجه.
من جهته قال البريغادير جنرال مارك هارتلبيغ مساعد قائد الفرقة الأمريكية للمدرعة الأولى المسؤولة عن حماية أمن بغداد وأواسط العراق: إن الكثير من الشائعات أثبتت صحتها رغم أن الناس البسطاء في الشارع العراقي هم الذين اخترعوها وتداولوها ومن بينها مثلا أن العراقيين كانوا يقولون إن صدام حسين كان يعيش في مكان رث ومتواضع في مخبئه وقد ثبتت صحة هذه الإشاعة وتبين لنا أن سيارة أجرة كانت تنتظر صدام على مقربة من جحره مما يؤكد أنه كان يفضل العيش في أماكن متسخة ورثة لكي يكون في مأمن من خطر القبض عليه.
وأفاد هارتلبيغ ان العراقيين يأخذون على الأمريكان أنهم يعيشون في عزلة تامة عن الشارع العراقي حيث يحيطهم جدار من الخرسانة المسلحة يبلغ ارتفاعه 13 قدماً ويحيط بما يطلق عليه المنطقة الخضراء التي يعيش فيها القادة العسكريون الأمريكان أما ما تبقى من مساحة بغداد الشاسعة فهي منطقة يسميها الأمريكان بالمنطقة الحمراء ولا يعرفون عنها أي شيء وأن مهمة هذا الفريق هي نقل نبض الشارع العراقي إلى المسؤولين الأمريكان في العراق ومن ثم ترجمتها إلى قرارات سياسية وعسكرية وأمنية.
|