لا أظن أن القارئ الكريم بحاجة إلى أن أذكر له ما ألفه علماء العرب (وغيرهم) من كتب تتحدث عن أنساب وسلالات الخيل العربية الأصيلة؛ فقد كتب الكثير من المصنفات بدءا من الكتاب الشهير لابن الكلبي وكتاب الأسود الغندجاني وحتى يومنا هذا والكتابات لم تتوقف عن أنساب الخيل العربية الأصيلة وأماكن وجودها وما بقي من هذه السلالات؛ ومن أشهر كتب المعاصرين في هذا المجال كتاب أحمد مبروك عن الخيل العربية الأصيلة التي شاهدها في إسطبلات الملك عبدالعزيز رحمه الله وأنجاله الكرام، وهو كتاب مطبوع متداول بعد أن أعادت (مشكورة) دارة الملك عبدالعزيز نشر هذا الكتاب؛ وللشيخ حمد الجاسر رحمه الله كتاب قيم في هذا المجال (وهو في أصله مترجم) ولأخينا الباحث المميز سعود الهاجري كتاب مترجم في هذا المجال في طريقه للطبع بإذن الله.
ولابد من إشارة بل إشادة بالجهد الكبير الذي تبذله مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالرياض بهذا الموضوع حيث صدر عنها أكثر من كتاب في هذا المجال ومن أبرزها (ببلوجرافيا) شاملة بما كتب عن الخيل، وهي محاولة جادة وموفقة لاستقصاء ما كتب في هذا المجال من القديم والحديث.
ما تقدم ذكره هنا لايخفى على الكثير من محبي الخيل وعشاقها لكن ما أردت أن أذكره هنا أن هناك جمعا من كبار علماء أنساب الخيل والذين كانوا من أهم المراجع في هذا المجال حينما توفوا انتقلت أخبارهم ومعلوماتهم معهم.
وفي مجلس بحثي جمعني بأستاذنا الفاضل الباحث عبدالله بن محمد بن محمس القحطاني وزميلنا العزيز الأستاذ محمد بن ناصر أبو حمراء جرى الحديث في هذا الموضوع؛ وهما بالمناسبة من أكثر المعنيين بتاريخنا المحلي قراءة وجمعا وتأليفا.
ومما ذكره الأستاذ ابن محمس من خلال قراءته وروايته الشفهية الموثقة أن هناك شخصيتين من أكبر المراجع في زمانهم عن أنساب الخيل لكن مع كل أسف لم يكتبوا كتبا في هذا المجال ولم يسجل تلاميذهم وجلساؤهم عنهم شيئا لظروف الحياة في تلك الفترة مما جعلنا نفقد شيئا مهما في موضوعات الخيل وأنسابها.
هذان الشخصان هما الشيخ الشهير محمد بن هادي بن قرملة شيخ الجحادر من قحطان والشيخ الوجيه خالد بن حشر شيخ آل عاصم وهذان الرجلان من أعلام القرن الثالث عشر الهجري.
يقول الأستاذ ابن محمس إن هذين الشخصين كانا مرجعا علميا دقيقا في أنساب الخيل وسلالاتها لكن لم يقدر الله لهم أن يحفظ هذا الإرث العظيم عنهم، وإن ما سجل عنهم لا يمثل سوى القليل مما يعرف عنهم من علم في هذا المجال.
وقد زاد الأستاذ أبو حمراء أن مما يضم إلى هذين الشخصين كثيرين ممن عرف عنهم الاهتمام بشؤون الخيل وسلالاتها وأسمائها.
والشاهد بعد إيراد حديث هذين الأستاذين المهتمين بتاريخ الجزيرة العربية وخيلها أننا لا زلنا بحاجة إلى البحث عن موضوع مهم في أنساب الخيل لأن الحديث عن أنسابها ليس ترفا فكريا بل هي قضية تاريخية فالحديث عن الخيل هو حديث عن ملاكها وعن المعارك التي شاركت فيها وقضايا كبيرة.
وقبل أن يلقى القلم عصا التسيار لابد من سؤال ملح وهو: هل نجد من شبابنا والباحثين من يجمع ماتفرق من أخبار الخيل في الوثائق والمخطوطات ولم يسبق له أن ينشر.
|