كم هو رائع أن تتحول هذه الصفحة المتشحة بالرؤى إلى ساحة عامرة تمتص حدة المواقف الحياتية، وتعالج مستجدات المرحلة، وترصد هموم المجتمع عبر قراء فاحصة وعين خبيرة، ومن خلال نزفٍ كتابي أصيل يحتفي بكل رأي نبيل.. ممارساً عملية التوعية والتنوير..
هذه الصفحة قادرة على تقديم حوارات هادفة ونقاشات مثمرة تفتش عن كل نقطة ضوء.. وتتوخَّى مواطن الإفادة.. وتبحث عن كل حرف مسافر في ذهن القارئ..أجد نفسي -وربما معي كثيرون- نمنح بوابة الرضا والعبور.. لكل بوح كتابي يتجلى في هذه الصفحة عطاءً نافعاً.. يتكئ على ذراع الإيجاز.. وبأسلوب غير ممل.. ولا مخل.. وهناك كثير من القضايا الاجتماعية والظواهر الحياتية لا زالت أرضاً خصبة تحتاج إلى مَن يحرثها قراءة ومعالجة ورصداً.. قضايا تهم المتلقي.. وتمس القارئ في صلب حياته اليومية.. وهناك مواقف إنسانية ومجتمعية عديدة لا زالت الأقلام قاصرة عن تغطية أبعادها الفسيحة.هذه الصفحة الكريمة ميدان حرٌّ.. وأفق مفتوح.. منعتق من قيود الذاتية أو المواقف والذكريات الشخصية التي كثيراً ما يقحم بها كتاب الزوايا القارئ فلا يخرج بكثير فائدة.. ومنهم مَن يلجأ لأسلوب الثناء وكَيْل المديح لمسؤول ما أو جهة معينة تبعاً لمصالحه الشخصية، لكنه يصطدم بوعي القارئ الذي يضج من تلك الممارسات الكتابية الفجة لدى كتَّاب اعتادوا العزف على كل الأوتار.. والتخلي عن هموم الحياة اليومية..(صفحة عزيزتي الجزيرة) دائرة حيادية نريدها عوناً للمتلقي في رصد مواقفه الحياتية، وتقديم صوته وإبراز رؤاه.. فكم من وقفات مشرقة ولفتات مضيئة سَرَتْ في جبين هذه الصفحة..
أتذمَّر كثيراً عندما أُطالع صفحتنا المتوثبة وقد غدت مثقلة بالقوالب الجغرافية الجامدة والمداخلات التاريخية المملة التي تقتطع مساحة الصفحة، وتقتحم خلوة القارئ مع صفحته المفضلة خلسة.. ودون وجه حق.. ليغدو الجو مشبعاً بالتضاريس والمراجع والاستشهاد.. وعندها حتماً سيمارس القارئ نظرة وجوم.. وحيرة.. وتساؤلات الموقف الحاد تقول: أليس هناك صفحة آثار؟ ولماذا تبدو (عزيزتي الجزيرة) مكبَّلة بالمفردات التاريخية والمواقع الجغرافية فضلاً عن ردود الدوائر الحكومية التي تنال من الصفحة نصيبها.. ولعل المشاركين في هذه الصفحة يستوعبون ظروفها الكتابية، فلا يثقلوا بالاسترسال، فالإيجاز والتركيز عنصران فاعلان.. والقارئ لا يستطيع أن يُبحر في خضم مقال طويل.. أتمنى أن تُضمَّ إفادات الجهات الحكومية إلى صفحة (وطن ومواطن)، فهي الأنسب، وحتى لا تزاحم مشاركات القراء.. وأملي أن يكون لصفحة (عزيزتي الجزيرة) خصوصية حوارية بإمكانها احتواء هموم القارئ، واقتناص لحظات الإجابة عن تساؤلاته، مثمناً جهود مشرف الصفحة الأستاذ عبدالله الكثيري.. آملاً أن يتَّسع صدر القراء لهذه المداخلة المسكونة بتقدير آرائهم والاحتفاء بأصواتهم.. ويبقى الحوار.. أجمل شعار.. ومرحى لأصداء النقاش البناء المعتمد على الرؤية الناضجة والقراءة الواعية.. الذي يرتبط بقضايا المجتمع، وينقل تساؤلات الآخرين عبر سمو الطرح وبراعة المعالجة.لقد استطاعت (عزيزتي الجزيرة) أن تتوغل في أعماق القراء، وأن تقدم (نبض الشارع)، وتنقل لغة المواقف اليومية بكل أمانة وحيادية.. منحت أبواب العبور لمشاركات القراء.. بكل أريحية وشفافية.. وجمعت رؤاهم المبعثرة.. في شتى الجوانب.. وكافة المجالات.. حملوا حقائب البوح الصادق وسافروا في قافلة (العزيزة).. فتحية لكل عطاء كتابي أصيل انحبس في أحضان هذه الصفحة نصرة لمبدأ، أو مساندة لخلق، أو دفاعاً عن فضيلة.. أو مشاركة وجدانية وامتزاجاً بالقضايا العامة التي تمس مصالح الناس.. شكراً لكِ عزيزتي الجزيرة؛ فقد كنتِ وما زلتِ لغة القارئ وصوت المتلقي، ولم يبق إلا أن تتحرَّري من تعقيبات مطولة.. ومداخلات مسهبة.. وأظنُّكِ قادرةً على ذلك..
محمد بن عبدالعزيز الموسى/بريدة - ص.ب: 915
|