دقوا الطبول فنار الحرب تستعر
والأرض يا قومنا قد شبها شررُ
يا غضبة من جموع العرب عارمة
لا تنطفي.. فلكم قد خاننا الغُدُرُ
فلتمتطوا اليوم خيل الله غائرة
إما الشهادة أو بالله ننتصرُ
وإن أبيتم فيا بؤسي ويا أسفي
على حياة بها الإذعان والخورُ
ضغائن من عدو الله تقتلنا
تغتالنا جهرة.. لم تخفها سُتُرُ
هذي حمى القدس قد ديست كرامتها
ودنست أرضها الأنجاس والقذرُ
أيدي اليهود عدت في الفجر جائرة
على ابن ياسين سيف القدس واغتدروا
شلت أياديهم.. شاهت وجوههم
يا ويحهم من قنا الأبطال إذ ثأروا
قُتلتَ يا شيخنا والعرب نائمة
والنفس حائرة والقلب يعتصرُ
ثلمتَ يا سيفنا في كيد عادية
بوابل من سلاح الغدر يمتطرُ
كأنهم قد رأوا من شخصكم شبحاً
أو قد رأوا أُسداً بالموت قد زأروا
أو أنهم حسبوا الكرسي مدرعة
بالحق تقصف من ضلوا ومن كفروا
أو أنهم نظروا في شيبكم حمماً
بالنار تقذف أهل البغي تستعرُ
يا أيها القائد المغوار يا بطلاً
أسسَّت فينا حماساً للعدا ضجرُ
حماسكم آية للذل معجزة
أبطالها لعدو الدين قد قهروا
ما صدهم آلة الأعداء طاحنة
بل جندوا طفلهم، واستُنفِر الحجرُ
حتى احتموا بجدار الخزي ملتجأً
هيهات من ثأرنا تحميهم الجدرُ!
يا أيها الشهم يا شيخ الجهاد ويا
رمزاً وعزًّا لنا تسمو به الغررُ
يا مَن أذقت يهود البغي صاعقة
من هولها رعب الأنذال واندحروا
يا راية من جهاد العصر قد خفقت
رأيتها اليوم بعد العز تنكسرُ
يا شامخاً في ذرى الأمجاد في زمن
أمسى الذليل به يعلو ويفتخرُ
إنا رأيناك ذا صبر ومحتسباً
أنعم بعبد على البلواء يصطبرُ
ترى الجبين بنور الله قد سطعت
ووجهُه نَيِّرٌ.. قد زانه السفرُ
يمناه شعَّت ببذل الخير بارقة
تلقاه مكتسياً بالفضل يتزرُ
رحلت يا كوكباً لاحت لوامعه
بين النجوم فتطفيها ويزدهرُ
رحلت عن أمة كلمى مضرجة
دماؤها بين أشلاء البلى نَهَرُ
رحلت عنا وأيدي الذل تلطمنا
حتى اعتلى وجهنا الخذلان والقترُ
غادرت دنياك واستقبلت آخرة
جنات عدن جزاء لألى صبروا
لطخت بالدم في الكرسي مغتدياً
وفي الرواح بطير الخلد تختطرُ
فانعم بها نزلاً قد فاز ساكنها
بدار طوبى، وقد طابت بها الثمرُ