في ذاكرتي شيء غير قليل عنها...
امرأة تنبض بالنَّبض, حتِّى حاصرها, فذوَّبها...
أمل الجرَّاح...
الشَّمعة, المطريَّة...
وكانت (القصيدة الأخيرة) عنواناً لرثائها الذَّاتيِّ لذاتها...
ولأنَّني أحلمُ بشيء من التَّوحد بآلامي لا بأحلامي...
ولأنَّني لا أتخلِّى عن مواكب التأبين كما التّهنئة...
فقد رثيْتها, وبكيتها, وأسلمت دعواتي لها إلى الله
في صمت, هوعلامة العلاقة بها منذ قرأتها وسمعتها، وكنت
في تساؤل عن التَّناقض في اسمها, فهي( أملٌ) وهي (الجراح)
وصدقت أمل: إذ عاشت هي باسمها, وكابدتها الجراح...
قبل لحظات أنجزتُ ما كُتب عنها...
وتعرَّفْتُ من رثوها...
وشاطرتهم العزاء...
لكنَّني استعدت شيئاً من وخزها لضمير الصمت
و(الضَّجة) تزداد من حول المشهد وفيه...
فالطفل (حسام) حجر إسرائيل الجديد الذي رموه في الماء كي يتلهَّى المشاهدون بمتابعة حلزونيات حركة الماء بعد أن سقط فيه (حسام)؟!
والتَّكافل الإعلامي الصَّاخب (بالونات) هوائية ملوَّنة يزجُّها المحرِّكون لأزرة الشَّاشات (يُلهون) بها المشاهدين, كي تضيع القضايا الكبرى!
وهناك من يُعلن مقاطعة (التَّلفاز) ينشدُ الرَّاحة من وعْثاء الرَّحيل اليومي مع الوجع العام..., لينهض فوق الجراح بالهروب, يتخيَّل أنَّه في سلام, وهدوء, ولا شيء البتَّة يعكِّر ركود الماء, أو يحرِّك فيه مدَّه وجزْره , وتداخله وامتزاجه, ولا شيء البتَّة يكدِّر مجرى المشاعر فيه، في تفاعلها وإحساسها. فرحةً, أو حزينةً, غاضبةً, أو حانقةً... راضيةً أو رافضةً ...
والأبواق تتعالى...
ينهضُ صوتُها المطري تلك أمل الجراح... التي سمعتها ذات عشيَّة شتائية تهاتفنا معاً...
وقد كابدت كلَّ ذلك فذهبت مع حلزونيات حركة الماء..., ومع اضطِّراب حركة المشاعر في حالاتها النَّاهضة على هروب الإنسان...
وظلَّت بحسِّها المتوقِّد تُمطر العذوبة في قسوة المشهد, وتُلقم اللَُّّقمة في أود الفراغ, وتُعلن الأملَ في كومة الجراح...
ثمَّ تشهد في الأخير...
أنَّ كلَّ شيء لن يبقى...
وأنَّ سرَّ الكلمة في روح النِّداء, أنَّها تبقى تدعو, ولا ينتهي الصوت أبداً.
|