هل الكتابة - شؤوناً وشجوناً - هي الكتابة في كافة دول العالم؟ وهل هناك أي وجه شبه فيما يتعلق بشؤون الكتابة وشجون الكتاب في الشرق والغرب؟ فلو تجاوزنا أو غضضنا الطرف عن الاختلاف الجوهري بين هذين العالمين فيما محوره الرقابة والمهنية الصحفية لوجدنا أن الكتابة هنا هي الكتابة هناك وللتدليل على ذلك فقد قمت باستعراض بعض القواسم المشتركة بين كتابنا والكتاب الغربيين من خلال تتبع عدد من الأمثال والأقوال الشائعة لديهم مما محوره الكتابة والكتاب.
وقد وجدتهم في الحقيقة لا يختلفون عنا بشيء: فمثلما ندعي ونتشدق نحن الكتاب بأن لدينا الحلول الجاهزة لكافة المشكلات المستعصية ها هو أحد كتاب الأعمدة المشهورين في الغرب يعترف ساخراً من نفسه بما ينطبق علينا نحن أيضاً وذلك بقوله: (بوصفي أحد الكتاب فأنا دائماً ما أحس بأن لدي مشكلة لكل حل)..، بل إليكم باعتراف أجمل من سابقه الجميل مع رجاء ملاحظة دقة (السريان) المحلي لهذا القول حيث اعترف أحد الكتاب الغربيين أيضاً بما نصه: (بعد مضي عشرين عاماً على ولوجي ميدان الكتابة اكتشفت أخيراً أنه ليس لدي مهارات كتابية، غير أنني اكتشفت أيضاً صعوبة انسحابي وما ذلك إلا لكوني قد غدوت الآن مشهوراً جداً)..
بل من منا لم يغرق في غثاء ووعثاء العديد من الكتب التي سعى مؤلفوها إلى تعليمنا كيف ننجح في الحياة.. وكيف نتغلب على قلقها.. وكيف نحب ونحافظ على هذا الحب لكيلا تغتاله غوائل الزمن.. بل وكيف نجيد فنون الكتابة..إلخ. ومما يبدو فهذه ظاهرة شائعة في الغرب كما في الشرق وذلك استدلالاً بتأفف أحد كتاب الغرب من نتن الظاهرة حين أطلق العنان لصوته قائلاً: (ليس غريباً أن ترى كتباً هدفها تعليمنا النجاح في إجادة الكتابة غير أن الغريب هو أنها قد كتبت من قبل أناس لم ينجحوا في أي مجال ناهيك عن مجال الكتابة).
ومرة أخرى ويا (لانتفاء!) المفارقة وانعدام الفرق! فقد وجدت أيضاً قاسماً صحفياً آخر يجمعنا بهم ألا وذلك هو ما تتجلى مضامينه في قول أحد كتابهم: (إذا أردت أن تنجح صحيفتك فما عليك سوى الإمعان في كتابة ما من شأنه استدرار! - غضب فئة مجبولة على الغضب.. فهذه الوسيلة وحدها الضمان الأكيد على نفاد كافة أعداد صحيفتك من السوق)، وهذه النقطة بالذات تبدو بكل صراحة صحيحة جداً واسألوا عن ذلك الأخ عبد الله بخيت ليخبركم عن تجاربه مع بعض الفئات التي لا تتردد عن اقتناء الجريدة لا حباً في علي ولكن كرهاً في معاوية كما يقال.. أقصد كرهاً للكاتب وتتبعاً لنواقصه وتنقيباً عن سقطاته حتى لو كانت عفوية. أخيراً كما أن أفضل كلمتين في قاموس مفرداتنا نحن الكتاب هما (مكافأة الكاتب).. فأحسن مفردتين في قاموس كتاب الغرب كما يؤكد ذلك مثلهم الشائع هما: (a Cheek en closed).. أو الشيك مرفق..!.
|