هناك (شبوك) تمتد في الصحارى كمزارع أغلبها مهجور، حيث جاءت طفرة زراعية منذ سنين، فشملت السهل والجبل، وصارت المزارع تنتشر في كل مكان، وعندما رأى المسؤولون إهدار المياه في سبيل لا شيء سوى الزراعة للقمح، تم تقنين الزراعة، فانكمشت المزارع التي كانت في القرى والهجر، غير ان الشيء الذي لا زال باقياً منها هو (الشبوك) التي تحيط بها، وهي غير مستثمرة، أو بعضها يستثمر في مواسم القمح فقط، ونوعية الشبك الذي يستعمله المزارعون لحماية مزارعهم هو من نوع له رؤوس حادة جداً، وهو يجيء على شكل حبل يمتد عبر جنبات المزرعة التي قد تصل إلى عشرة كيلومترات طولاً.
وهنا تبدأ المشكلة مع أصحاب الإبل بالذات، وهؤلاء ممن يمتهنون الرعي، وعند الربيع يرحلون بإبلهم حيث يكون، وتذهب رقاب أو عيون الإبل ضحية لتلك الشبوك الشوكية التي رؤوسها كالإبر، وقد رأيت كثيراً من الإبل وهي مجروحة في رقابها، والدماء تسيل منها، أو فقدت عيونها من تلك الشبوك الدقيقة التي لا تراها وتصطدم بها عند التجاوز لها، ولذلك يضطر أهل الإبل إلى ان يمشوا بها عشرات الكيلومترات ليتجاوزوا هذا وذاك الشبك الذي ينصب سهامه بدون فائدة، سوى أنه حدود لأرض زراعية تقع في منطقة منعزلة وبعيدة عن العمران، وزيادة على ان تلك المزارع تأخذ حيزاً من المراعي، فهي تعيق الحركة، والمعروف ان تلك المزراع مملوكة لمن أحياها عن طريق الإقطاع من وزارة الزراعة آنذاك، فمعناه ان حدود الأرض معروفة بالصكوك الشرعية، وملكيتها ثابتة فلا نزاع أو خوف عليها من التعدي أو الأخذ من أجزائها، لكن وضع شبك حديدي به إبر بهذا الشكل، يشكل ضرراً للناس والأنعام التي تبحث عن الكلأ في أرض الله.
ودعوتي هنا إلى أصحاب المزارع المهجورة، والبعيدة عن المدن، والتي لم يستثمروها الآن أن تأخذهم الرأفة بالخلق والبهائم، وذلك بأن يزيلوا تلك الشبوك التي تنتشر بكثرة في مناطق مختلفة وخاصة المناطق الزراعية، وهم بهذا العمل يكسبون أجراً، ويوفرون سبلاً للعابرين، فهم بهذا سوف يكسبون حب الناس واحترامهم، بدلا من الإضرار ببهائم لا ذنب لها سوى أنها لا ترى الشبك الحديدي.
وقد بحثت في هذا الموضوع مع كثيرين ممن لديهم مزارع في عالية نجد بالذات، وأبدوا تجاوباً، وأزالوا تلك الشبوك التي تمتد عشرات الكيلومترات، فجزاهم الله خيراً، ولن يكسبوا إن شاء الله إلا الدعاء لهم بأنهم سهّلوا للعابرين السبيل، فهل يفعل الآخرون؟.
والله المستعان...
فاكس 2372911 |