إذا ألقينا نظرة خاطفة على الوضع العربي العام، كما يبدو في الوقت الحاضر، هل نجد غير الجفاء والفرقة والتمزق والانقسامات مع العلم ان الرئيس السادات أكد أن الأشهر المتبقية من هذا العام - أي خمسة أشهر فقط - ستكون حاسمة الصراع العربي الاسرائيلي، سلما أو حربا؟
إن صورة العالم العربي اليوم تبدو قاتمة مظلمة تبعث الأسى في النفس وتكاد تدعو الى اليأس من امكانية اصلاحها وتحويلها الى الصورة التي تتطلبها مقتضيات المعركة. فالعلاقات بين لييبا وبين كل من المغرب والأردن مقطوعة، وبينها وبين العراق سلبية، والعلاقات بين السودان والعراق مقطوعة، وبين العراق وسورية فاترة وبينه ويبن الأردن مقطوعة والحدود مغلقة.
وكذلك الحدود بين سوريا والأردن مغلقة، والعلاقات الأردنية المصرية شبه مشلولة، أما الأردن فإن الوضع بينه ويبن المقاومة الفلسطينية متأزم بشكل يكاد يكون ميئوساً من اصلاحه لولا الجهود المضنية التي يواصل العديد من الدول العربية، وخاصة السعودية وتونس ولبنان بذلها في سبيل التوفيق بينهما.
والأمل معقود على اقتران هذه الجهود بنتائج ايجابية قريباً، لأن مثل هذه النتائج تفتح الطريق الى اصلاح الموقف العربي بعض الشيء وتساعد على تمهيد السبيل لاعادة انشاء الجبهة الشرقية التي هي من المستلزمات الأساسية والضروريات الحيوية للمعركة المقبلة مع العدو.
والى أن تتحقق هذه الأمنية، يبقى الانقسام العربي كما يبدو في الوقت الراهن مدعاة للأسف والألم من جهة وموحيا من جهة أخرى بأن العرب - على مستوى الرسمي - غير جادين فيما يعلنونه للملأ ولشعوبهم بوجه خاص، من أنهم جادون في اتخاذ الاستعدادات اللازمة لمجابهة المرحلة الحاسمة المقبلة - هذه المرحلة التي تستدعي دفن كل الخلافات و(العقائديات) والمبادرة الى توحيد الصف العربي وتعبئة كل الطاقات والامكانيات العربية في مواجهتها تفاديا من حزيران آخر على الأقل!.. إن لم يكن لضمان النصر العربي.
أما بالنسبة لمساعي الحلول السلمية، فإن المراقبين السياسيين يعتقدون ان الزيارة التي سيقوم بها مساعد الخارجية الأمريكية جوزيف سيسكو لاسرائيل ابتداء من يوم الخميس القادم، وتستمر ستة أيام ستكون على الغالب الفرصة الأخيرة المتاحة للوصول الى تسوية ما، لذلك يرجح أن يكون سيسكو مزوداً بتعليمات أو مقترحات من شأنها حمل اسرائيل على التزحزح عن تصلبها والقبول باعادة فتح القناة وفق شروط القاهرة مع ادخال تعديلات طفيفة عليها، وهذا ما تؤكده معلومات المصادر المطلعة، وتضيف اليه ان واشنطن أبلغت السفير الاسرائيلي في واشنطن كنه المقترحات الآنفة، وطلبت إليه محاولة اقناع حكومته بها ليكون الطريق ممهداً أمام سيسكو حين يصل الى تل أبيب.
وبالفعل فإن مجلس الوزراء الاسرائيلي كرس القسم الأكبر من اجتماعه أمس الأول للشروح والايضاحات التي حملها السفير معه من واشنطن، وان موعد مجيء سيسكو تقرر في أعقاب هذا الاجتماع مما يحمل على الاعتقاد بأن حظ المسعى الأمريكي، في هذه المرة، قد يكون أفضل مما كان عليه إبان زيارة روجرز وسيسكو في آيار المنصرم وأنه لا يبعد أن يقترن هذاالمسعى بحل جزئي يؤدي الى فتح قناة السويس.
وفي رأي المراقبين السياسيين أنه حتى لو كانت المجابهة العربية لازمة الشرق الأوسط مقتصرة في الوقت الحاضر على النطاق السياسي، فإن الموقف العربي يكون أقوى وأشد تأثيراً في التحكم بالنتائج لو كانت الجبهة العربية متحدة كما لو كانت مقبلة على خوض معركة حربية لحسم الصراع العربي الاسرائيلي.
أما إذا بقي الصف العربي على ماهو عليه الآن، مشتتا وممزقاً، فإنه سيكون من العوامل التي تشجع العدو على الإمعان في تصلبه، حتى لو مورست عليه ضغوط كبيرة، الأمر غير المنتظر على كل حال.. لأن جميع المعلومات التي ترددها المصادر المطلعة تؤكد أن نوعية (الضغط) الذي يحمله معه سيسكو الى تل أبيب لا تخرج عن كونها اغراء أو رشوة مادتها السلاح أو على الأصح طائرات (الفانتوم) التي تطلبها اسرائيل.
(الحياة البيروتية) |