يوم الأربعاء الموافق 26-1-1425هـ كان مشرقاً لمحافظة الرس بزيارة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة القصيم لمحافظة الرس وذلك لتفقد بعض المشاريع الخيرية ووضع حجر الأساس للبعض الآخر وكذلك رعاية سموه حفل تخرج الدفعة التاسعة عشرة من حفظة كتاب الله تعالى.
ولا غرابة في هذه الزيارة فقد تعود أبناء المنطقة من سمو الأمير وسمو نائبه على تفقد أحوالهم وتلمس احتياجاتهم وتلبية مطالبهم لتأتي المحصلة بالكثير من الإنجازات والعطاءات.
ومع مطالعتي لبرنامج الزيارة وتفاصيل المشاريع تهيجت بداخلي مشاعر متناقضة بين الفرح والحزن وتنامت إلى الذروة حينما قرأت شكر أهالي الرس وامتنانهم لأبناء المرحوم الشيخ سليمان بن محمد الحصيني (رحمه الله) على تكفلهم بإنشاء معهد إعداد معلمات القرآن الكريم بدار الحصيني.
في تلك اللحظة سبقت دموع الحزن مشاعر الفرح حينما تذكرت المرحوم وكأنه أمام ناظري بابتسامته الدائمة ونفسه الطيبة وطبعه المتسامح، عرفته قبل أن أجاوره فأحببته كثيراً وجاورته في الحي فأزداد حبي له أكثر فكان لي أخا وصديقا ومستشارا ومعلما وجارا وفيا.. ولست بصدد تعداد محاسنه فمن عرف أبا محمد (رحمه الله) لابد أن يحبه وما الجموع التي شيعت جثمانه إلا دليل على طيب سجاياه ونبل مكارمه.. وإن رحل عن دنيانا الفانية فإن صدى سيرته سيبقى حياً في الأذهان وراسخاً في الوجدان، وعزاؤنا فيمن رحل من هذه الدنيا أن قيض الله له أبناء بررة صالحين يدعون له لكي لا ينقطع عمله ولم يكتفوا بذلك بل اقتطعوا من ميراث والدهم الكثير ليشيدوا باسم والدهم (دار الحصيني لإعداد معلمات القرآن الكريم) ومثلما ربى المرحوم الأبناء على الفضيلة والإيمان جازوه بعد مماته بالعرفان والإحسان وهذا ما جعلنا نمسح دمعة حزن فراقه بمسيرة أبنائه وتسابقهم على أعمال الخير وفاء لمربيهم الفاضل..
وهذه إحدى سمات أهالي الرس بغرس الفضيلة والإحسان في الأبناء لتبقى طريقاً ممهداً لأعمال الخير، والتي تميزت بها الرس عن غيرها من المدن والمحافظات.. وإن كان الحديث رغم إقلالنا فيه قد اننتهى عن المرحوم الحصيني إلا أنه قد ابتدأ مع شيخ فاضل آخر هو الشيخ عبدالعزيز الحمين رئيس محكمة الرس قال عنه الأخ الكريم عبدالرحمن الحناكي في يوم الزيارة: إنه جندي مجهول يقف وراء كل المشاريع الخيرية ومهما كتبت الأقلام ولهجت الألسن فلن توفي هذا الرجل حقه، فأياديه بيضاء وسعيه مشكور مقبول بمشيئة الله، ولن نستطيع حصر الأعمال والمشاريع الخيرية والسعي لمساعدة المحتاجين منذ قدم لمحافظة الرس.
وأكد أن الشيخ الفاضل سيعاتبه ولا يقبل الإطراء فهو لا يريد جزاء ولا شكوراً إلا من رب العزة والجلال). وأقول للأخ عبدالرحمن بارك الله فيك على ثنائك على الشيخ حتى وإن لم يقبل فلابد أن يجزل له الشكر والثناء فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله.
ومحاسن الشيخ عبدالعزيز الحمين لا تعد ولا تحصى مثل ما ذكر الأخ عبدالرحمن الحناكي فعلى الرغم من مشاغله العملية في رئاسة المحكمة إلا أنه قطع عهداً على نفسه أن لا يتوقف عن مساعيه الحثيثة في أعمال البر والإنسانية والأعمال الخيرية وما بصماته في دار الإيواء والمستودعات الخيرية ومحطة التحلية والجمعية الخيرية وتجهيز بعض أقسام المستشفى وغير ذلك إلا شاهد على الارتقاء لقمة الخير والإنسانية.. وأقولها من واقع معايشة وشاهد عيان لمساعي الخير التي يتقلدها فضيلة الشيخ عبدالعزيز الحمين أجزل الله له المثوبة والأجر وألبسه ثوب الصحة والعافية.
ومن مسيرة الخير والإنسانية في مشوار الشيخ عبدالعزيز الحمين إلى سحابة العطاء والإحسان جابر العثرات ومكفكف الدمعات الشيخ الفاضل والد الصغير وأخ الكبير الشيخ صالح مطلق الحناكي، والحاضر الدائم في المناسبات بإسهامه ودعمه ومواقفه الخيرة والتي هي الأخرى لا تعد ولا تحصى وما خفي منها كأن أجل وأعظم حيث تبرع فضيلته بمكافآت مالية لجميع الحفظة والحافظات والبالغ عددهم (29) حافظاً وحافظة وقد تكون هذه المساهمة من الشيخ الفاضل نقطة من بحر أعماله الخيرية والإنسانية المتعددة والتي يعرفها القاصي قبل الداني. ومن يزور الشيخ في مجلسه يلحظ في لقائه البشاشة والتواضع والاحترام والتقدير ونظرة الحنان والعطف التي يضفيها على المجلس فترتسم السعادة والابتسامة وتنفرج الكريات وتزول العثرات. أمده الله بالصحة والعافية وأجزل له الأجر والمثوبة وجعل ما يقدمه في موازين حسناته.
أما رابع زعماء الخير في يوم الزيارة فكان الشيخ عبدالله بن محمد بن صالح العذل، وإن لم تسمح الظروف خلال فترة عملي بالرس بالالتقاء به ولكن عرفته بأعماله الخيرة وإسهاماته المتعددة لمصلحة الرس وليؤكد في هذا المشروع تقلده ميدالية الاستحقاق لأعمال الخير وبدرجة عالية مع مرتبة الشرف جامعاً في إسهامه البر بإنشاء المسجد الجامع باسم والده الشيخ محمد بن صالح العذل (رحمه الله) والجودة في المواصفات والإبداع في التصميم والتكامل في الخدمات حيث تبلغ كلفته سبعة ملايين ريال..).
ولأن الحق لابد أن يعلو فلا ننسى مساهمة الشيخ منصور بن حمد المالك والتي كانت سنوياً بواقع ألف ريال لكل حافظ والتي تأتي امتدادا لمساهماته المتكررة وحرصه الدائم على ما يرفع شأن المحافظة وأهلها.. وكثيرا ما كان يتجشم مشقة السفر أيام كان رئيساً لديوان المظالم ليكون في مقدمة حضور المناسبات ودعمها بما يعلي من مقامهم.. وهكذا عرفته سابقاً وهكذا هو دائماً مشعل للخير ومنبر للعون والمساعدة وجزاه الله كل خير وأثابه على إحسانه. وباختصار شديد فإن التسابق على أشده بين أهل الخير والبر والإحسان من أهالي الرس على توسعة رقعة المباني الخيرية والمشاريع الإنسانية والإسهامات التعاونية في واحدة من أسمى القيم الاجتماعية وما أجمل أن يجتمع في العمل: البر والإحسان مع البذل والعطاء بلا حدود، فهذا كان عنوان حفل الرس في موعد زيارة نائب أمير المنطقة -حفظه الله -لأهالي الرس مؤكدين بأنهم من أصحاب الريادة في أعمال الخير والمشاريع الإنسانية. أجزل الله للجميع الأجر والمثوبة وجزاهم بالإحسان إحسانا.
ومع يوم آخر تشرق فيه شمس أعمال جديدة بزعامة فرسان جدد كما هي عادة أهل الرس.
وفق الله الجميع لكل ما يحب ويرضى إنه سميع مجيب.
|