هل يجوز ويستسحن أن يعترف الوالدان بأخطائهما أمام أولادهما؟
هذه مسألة خطيرة لابد من معالجتها من كل الوجوه ومع مراعاة مصلحة الولد في كل الأحوال. فمن القواعد الذهبية في التربية ان مصلحة الولد ينبغي أن تتقدم على أي اعتبار آخر.
مما لا شك فيه من زاوية علم النفس, ان الطفل إنما ينظر إلى والديه نظرته إلى القدوة والمثال الأعلى, والوالدان يعرفان ذلك من مراقبة حركات الطفل وانفعالاته ولذلك يحاولان التصرف على أكمل ما يرام لعلمهما بان اولادهما يتشبهون بهما ويتقدون حتى بطريقتهما في الكلام أو الضحك إلخ.
ولكنه رغم المراقبة الدائمة الملموسة لدى الأب والأم لكيلا يقال كذا وكذا أو يفعل كذا وكذا (بحضور الاولاد) لابد أن يأتي يوم يكتشف الولد فيه موطن الضعف وموضع الطعن في سلوك أبيه أو أمه.
فقد قيل بصواب ان (الطبع غلب التطبع) وقال المثل الفرنسي: (اطرد الطبيعة فتعود اليك ركضاً!).
وما هو الأصلح في هذه الحالة؟ يبدو من أقوال خبراء التربية ان الاصلح هو الاعتراف بالذنب أو بالهفوة أمام الولد للسبب التالي: بما أنه ينبغي اختيار أيسر الضررين فإن الضرر الأيسر هو الاعتراف بالذنب. فإن الولد يكره الذي يخدعه ويكذب عليه. واذا لمس المخادعة لدى والديه اصبح يتحسب ويتحذر منهما. فلا بأس والحالة هذه , من أن يعترف الوالد أو الوالدة بمنتهى الصراحة بأن (الكمال لله) وان الخطأ والزلل من طبيعة الإنسان.
ولا عجب ان تزل قدم الوالدين إلى أعمال أو أقوال غير محمودة رغم سعيهما إلى الكمال. فلكل جواد كبوة ولكل عالم هفوة كما قيل.وغاية الأمر في هذا الموضوع هي أن يلاحظ الطفل لدى والديه جهوداً متواصلة نحو الخير, فعندئذ يصفح عن والديه اذا انقاد أحدهما إلى فعل قبيح من غير إرادة منه.ودليل الطفل على هذه النزاهة الأخلاقية إنما هو الاعتراف بالذنب, فضلاً عن أن الولد يفهم أن المعترف بذنبه لا ذنب عليه, وعندئذ يجري هو نفسه على هذه العادة الحميدة ويعترف بذنبه كلما أذنب.
|