كنت أتصفح محبوبتي (الجزيرة) في عددها (11491) ووقعت عيني على مقال كتبه الاخ سعيد بن سليمان السعيد ردا على مقال سابق للكاتبة طيف احمد بعنوان (24 حصة ومازال المعلم محسودا ) وقد اجادت الكاتبة في مقالها واصابت عين الحقيقة، تلك الحقيقة التي اراد الاخ سعيد اخفاءها اما لانه لم يفهم ما كتبته الاخت طيف، أو لأن في نفسه شيئا ما على المعلمين وخاصة من هم تحت ادارته، والا كيف ينكر ويغالط ما تطرقت له الكاتبة الذي يحمل جزءا يسيرا مما يعانيه المعلمون في يومهم الدراسي من المسؤولية التي لا يستطيع اي موظف تحملها، إضافة الى الاعباء التي يتحملونها ويجدون العناء والمشقة فيها، وعلى كل حال وحتى لا أطيل المقال رغب قلمي في انصاف اخواني المعلمين، وتأييد ما جاء في مقال الاخت الكريمة، واظهار الحقيقة التي اراد اخونا سعيد اخفاءها، وهي عدة نقاط لها ارتباط بفحوى الموضوع الذي كتبته الاخت وعقبه عليه الاخ
اولاً: لقد اتهمت الأخت طيف بعدم الأمانة والإنصاف فيما كتبته وخاصة في هذا الموضوع وهذا الاتهام باطل ومرفوض منك وغير مقبول، لأن الأخت وخلال ما قالته عن المعلمين وما يعانونه قد وضعت النقاط على الحروف واظهرت شيئا يسيرا مما يعانيه المعلم وصدقت فيما قالت، بل انني من المتابعين لما تكتب في الجزيرة اعجابا بها وبما يسطره قلمها ولم أر أو أقرأ في أي مقال لها اي تحيز لاحد، او خلو ما كتبت من الأمانة وعدم الإنصاف احسبها كذلك والله حسيبها، ثم إن هذا الاتهام لا ينبغي أن يصدر من إنسان متعلم ويعرف الصواب من الخطأ، فلماذا ترميها بهذا الاتهام ايها الاخ الكريم، لذا أرجو منك عدم التسرع في نقد الآخرين واصدار الاحكام عليهم، حبا لك وشفقة عليك ونصحا لك.
ثانياً: أحب أن أوضح لك واقطع شكا عندك باليقين بأن طيف احمد امرأة وليست برجل، وما جعلني أشك في ذلك هو نعتك لها مرة بالكاتب ومرة بالكاتبة، لذا أحببت ان الفت انتباهك لذلك وأقول لك إن الكاتبة امرأة.
ثالثا: لقد طلبت من الكاتبة أن توضح لك شيئا من معاناة المعلمين وقد فعلت ذلك، ولكنك تقول إن ذلك من صميم عملهم وهذا صحيح ولكن أليس ما كان من صميم العمل يعاني منه سواء كان ذلك في التدريس او غيره ؟!
هل تريد تحميل المدرس اكثر من طاقته كما هو الحاصل الآن بدون أن تطلب ذلك ام تريد ايضا ان يكون ذلك في غير صميم عمله فتزيد الطين بلة؟!
الا يكفي التحضير اليومي للدروس، والاشراف في أوقات الفسح، والحبس داخل الفصل لعدة ساعات كل يوم، إضافة الى دخول حصص الانتظار، كما أنه في حصص الفراغ يقوم بتصحيح الكراسات اضافة لدفعه المبالغ المالية بين الفينة والأخرى لانشطة المدرسة، والكثير من المشكلات والمتاعب التي يواجهها من الطلاب، فهل بعد هذا كله تريد ايها الاخ أن تقلل من شأن المعلم، وتحصر عمله بالتحضير وسجل المتابعة كتابة الاسئلة، وتضرب ببقية الأعباء التي يتحملها عرض الحائط، إن هذا والله هو الظلم بعينه.
رابعا: ذكرت الكاتبة أن المعلم رغم ما يعانيه ويواجهه من مصاعب ومتابع فإن ذلك لا يقدر تعبه والمجهود الذي يقوم به، وقد كان ذلك محل انتقاد منك واستغراب، وذكرت أن سلم رواتب المعلم افضل كثيرا من سلم رواتب الموظفين المدنية، إضافة الى قولك بربط اجازة المعلم بالطالب مما يعني وحسب كلامك أن المدرس في نعيم وراحة لا يجدها غيره من موظفي الدولة، وأنا هنا لا اقول بغير ذلك وهذه نعمة امتن الله بها على المعلم رغم حسد البعض، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء من عباده، ولكن يجب أن تدرك أن الاجر على قدر المشقة، وهذا الذي يحصل حيث إن عمل المدرس واجتهاده وتعبه لا يقدر بثمن ولا يمكن لاي موظف مدني ان يقوم به وهذه حقيقة لا تقبل الجدل، فلا الشهادات في الغالب تتساوى ولا الجهد والتعب لذلك كل يأخذ اجرته حسب عمله وما يحمل من شهادات سواء كان ذلك معلما، او موظفا مدنيا او عسكريا.
خامسا: لقد صدقت الاخت الفاضلة بقولها إن التعليم في السابق افضل من الحاضر، وهذا امر لا يختلف عليه اثنان والواقع يشهد بذلك، ولو وضع استفتاء بين المعلمين والمعلمات، بل حتى بين الطلاب لكان الجواب بأن التعليم في السابق افضل من الحاضر بمراحل، بل انه لا مقارنة بينهما، فلماذا تريد ايها الاخ الكاتب ان تغفل ذلك، او تتغافله وتتجاهله وهو كبد الحقيقة وعينها؟!!
سادساً: ذكرت أن الاخت لا تخلو من حالتين اما ان تكون ليست في سلك التعليم وقد تأثرت بما يقال عن المعلمين، او انها معلمة وابتليت بمديرة قد اثقلت كاهلها بأعمال ليست من شؤونها ولا من صميم عملها، وانني أستغرب من اين اتيت بهذا الكلام الغريب؟
هل كل من كتب عن شيء ما نتهمه بهذا، او نستصغره من خلال الشك في مصداقيته من خلال ما يقول او يكتب، ونغالطه رغم ان الحق معه فيما قاله وكتبه؟!! ان ذلك امر مستغرب حقا! ثم اننا لو تأملنا جيدا فيما قلت وكتبت من رد على الاخت العزيزة لو جدنا أن بعض ما قلت قد ينطبق عليك، اقول قد ينطبق عليك حتى لا اظلمك او اظلم من كان تحت ادارتك من معلمين، فقد تكون في مدرستك وبصفتك مديرا لها تعاني تقصير بعض المعلمين في مدرستك في أداء واجبهم المناط بهم، لذلك قللت من شأن المعلمين وما يعانونه في حياتهم العلمية كرد فعل على تقصير هؤلاء رغم ان تقصيرهم ان وجد حالة شاذة والشواذ في الغالب وكما قيل لغويا تحفظ ولا يقاس عليها.
سابعا: انت عملك اداري بحت ومهمتك في حياتك العملية ليست بشاقة ولا صعبة، لذلك لم تحس بمرارة الاسى والالم، ولم تعاني مما يعانيه ويواجهه المعلم في مهنة التدريس من مصاعب ومتاعب وعقبات، واسأل الكثير من المعلمين الذين طلبوا التقاعد المبكر، لماذا قاموا بذلك؟ وستجد منهم الإجابة الشافية والكافية بإذن الله، ثم إن من يجلس في مكتبه يتحدث في الهاتف مرة, ويتناول القهوة والشاي مرة, ويتجاذب اطراف الحديث مع الآخرين اثناء وجوده في مكتبه ويخرج متى شاء، ويقضي أغلب وقته في ذلك، ليس كمن هو محبوس في داخل الفصل، قد علا صوته، وارتفع ضغطه، قلمه معه قد تعبت يده منه، انهد جسمه من كثرة الوقوف والتنقل داخل الفصل، فهل تعي ذلك وتدركه اخي العزيز, وتقتنع بأن مهنة التدريس عمل شاق ورسالة سامية تتطلب منا احترام اهلها والقائمين عليها، أرجو أن يكون ذلك، والله ولي التوفيق.
صالح عبدالله التميمي/ الرس |