أصدر البنك المركزي العراقي أوراق نقد جديدة في إطار عملية تغيير العملة العراقية القديمة. وطبعت أوراق النقد الجديدة في بريطانيا, وحلت محل القديمة, ويعتبر الدينار العراقي الجديد عملة موحدة تستعمل في جميع أنحاء العراق, مما يساعد على ضمان أن تكون أسعار السلع هي نفسها تقريباً في جميع أنحاء البلاد. وتتألف العملة الجديدة من فئات أكبر من العملة القديمة, وتعتبر الأوراق الجديدة من أفضل الأوراق المستعلمة حالياً وتدوم مدة أطول وتشتمل على كثير من الخصائص المانعة للاحتيال مما يوفر وقاية مهمة ضد التزوير. والدينار العراقي الجديد يشبه الدينار القديم مع بعض التعديلات الطفيفة وبعد طرح هذه العملة لا يستطيع احد أن يجزم بأن سعر صرف الدينار العراقي الجديد ثابت, فربما ينخفض أو يرتفع, وهذا يعتمد على العرض والطلب من العملة الأجنبية, وعلى التدفقات المالية على السوق العراقي, والسوق هو الذي يحدد سعر الدينار مقابل العملات الأخرى. والعملة الجديدة سيمكن تحويلها الى عملات أخرى في سوق البورصة حسب الأسعار السائدة وسجل في العراق الدينار العراقي بطبعته الجديدة في تعامله الأول تحسنا ملحوظاً. وبلغ سعر الدولار في بغداد ما يقارب 1000 دينار عراقي بينما كان 2000 دينار قبل حوالي شهر و4000 دينار خلال الحرب التي شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا ضد العراق. وبدأ الدينار الجديد يشهد انتعاشاً حذراً وسط تذبذب سعر صرف الدولار, ويعود سبب تحسن أسعار الدينار في بغداد الى عمليات نقل واسعة للدينار العراقي باتجاه الخارج, إضافة الى بدء العراقيين إيداع مدخراتهم في البنوك التجارية من جديد ما ساهم في تقليل الكمية الكبيرة للنقد المتداول في العراق, وأدى ذلك الى استقرار أسعار صرف الدينار العراقي. ولم يؤد ارتفاع قيمة الدينار العراقي الى انخفاض في أسعار البضائع والسلع في السوق العراقية. وفي المملكة العربية السعودية قدر حجم تداولات السوق المحلية من الدنانير العراقية الجديدة بما يعادل نصف مليار دينار يوميا تتركز بصورة أساسية في منطقة حفر الباطن التي تعد المركز الرئيسي لتغذية الصرافين السعوديين بطلباتهم من الدنانير العراقية لعدم وجود تحويل من البنوك السعودية التي لم تعتمد الدينار العراقي الجديد, حيث بلغ سعر صرف الدينار العراقي الجديد 3000 ريال للمليون دينار عراقي, إلا ان هذا السعر قفز بعد الإعلان عن اعتقال صدام الى 6500 ريال للمليون عراقي جديد, وهذا السعر أغرى الكثير للإقبال على شراء هذا الدينار طمعاً في الأرباح ولكنه تراجع الى 4000 ريال للمليون, وتعتبر فئة 25 ألف دينار من العملة الجديدة هي الأكثر تداولاً في السوق. ويذكر أن الطبعات القديمة من الدنانير العراقية تتداول في المملكة بأسعار تصل الى 10 أضعاف سعر صرف الدينار العراقي الجديد في تطور لافت للنظر ينبئ عن عدم ثقة المتعاملين بالعملة الجديدة نتيجة استمرار الإقبال على الدينار القديم خاصة من التجار العراقيين وحتى المواطنين العراقيين الذين يشترونه حاليا داخل العراق, وهذا ما رفع سعره وواصلت حمى شراء الدينار العراقي الجديد في اجتياح أسواق حفر الباطن ويفضل المشترون الشراء من الصرافين خوفا من وقوعهم في فخ عملة مزورة, وبعد إعلان السلطات المالية في المملكة السماح بدخول الدينار العراقي الجديد عبر المنافذ السعودية بواقع 10 ملايين لكل فرد انهارت أسعار صرف الدينار العراقي وبالتالي وجد الكثير من الأهالي انهم اصبحوا وعلى وشك الإفلاس خاصة من اشترى مئات الملايين للادخار طمعاً في ارتفاع سعر الصرف في المستقبل غير ان الواقع الحالي يشر الى انحدار شديد في السعر, ففي ليلة واحدة انهار سعر صرف الدينار العراقي من 4200 ريال الى 3500 ريال ليصل الى 3200 ريال مقارنة بالأسعار الكبيرة التي شهدها السوق في السابق. والكثير من المتعاملين وقعوا في فخ المضاربين من التأكيد بأن الأسعار سترتفع وقد تصل مع تشكيل الحكومة العراقية وإجراء انتخابات في العراق في ظل مكانة العراق وتنوع ثرواته سيتحسن سعر صرف العملة العراقية الى حد غير متوقع, مما دفع الكثيرين الى التدافع الشديد للشراء, فإنهم يزيدون السعر او ينقصونه حسب سعر البيع في دولة الكويت مع حساب فرق التحويل بين الدينار الكويتي والريال السعودي وأصبح الكثير من المتسوقين في أسواق محافظة حفر الباطن يتوافدون على هذه السوق لمعرفة الأسعار والشراء أو البيع, وأصبح الكثير من الأهالي يملك هذه العملة إما للتجارة او للادخار على أمل ارتفاع الأسعار ليصبح من الأثرياء.
وفي الأردن تم تبديل جميع الدنانير العراقية القديمة التي كانت بالسوق الأردني وسهلت خطوط المواصلات المباشرة عملية التحويل بين البلدين. ويلاحظ ان الدينار العراقي الجديد يشهد تذبذباً في أسعار صرفه أمام الدينار الأردني. ويذكر ان الارتفاع الذي شهده الدينار العراقي جاء انعكاسا لظهور مؤشرات إيجابية في السوق العراقي ترتبط باحتمالات تخفيف جزء كبير من الديون العراقية. ومن المتوقع ان يشهد الدينار العراقي الجديد ارتفاعاً في المستقبل بعد ان يصبح العراق قادرا على إنتاج النفط بشكل متواصل ويتمكن من سداد ديونه الخارجية.
ولقد ارتفعت أسعار صرف الدينار العراقي السويسري القديم بعد ان راجت أنباء عن قرب استبداله وارتبط الطلب على (السويسري) بطلبات أردنية وطلبات خارجية أغلبها من الكويت ووصل سعر صرف الدينار العراقي الجديد في السوق الأردني الى 455 ديناراً للمليون للفئات الكبيرة و465 ديناراً للمليون للفئات الصغيرة. ثم تراجع لحوالي 430 دينارا اردنياً وظل السعر يتراجع تدريجياً الى ان بلغ حوالي 375 دينارا اردنيا للمليون للشراء و385 دينارا اردنيا للبيع. وفي مصر لا يزال كثير من المصريين يلهثون وراء الدينار العراقي الجديد, ويسارعون بشراء ملايين الدينارات لاكتنازها وبيعها في المستقبل القريب بعد ارتفاع سعرها مقابل الجنيه المصري حسب توقعاتهم,ورغبة في الثراء السريع جرى موظفون وتجار وصحافيون وفئات من القطاعات شتى وراء الدينار العراقي واندفعوا لشرائه, مما احدث ارتباكاً بالأسواق المصرية. وبدأ السعر في الارتفاع والقفزات الجنونية في السوق غير الرسمية حتى تجاوز سعر المليون دينار 17 ألف جنيه مصري مدعوماً بالمضاربات في السوق المصرية, حيث بدا السعر بسيطا ومغرياً بدءاً من 5 آلاف جنيه مصري شراء مليون دينار عراقي ثم زاد الى 6 آلاف جنيه فإلى 12 ألف جنيه, ثم الى 15 ألف جنيه, حتى انه اقترب من 20 ألف جنيه وهو ما يعني ان المضاربات على شراء وبيع الدينار العراقي الجديد حققت أرباحا فاقت كل المضاربات على الدولار الأمريكي الذي تراجع سعره في السوق السوداء في الأيام الأخيرة أمام اكتساح الدينار العراقي. وبرغم هذه الأجواء المتضاربة إلا ان الكثيرين يتوقعون انتشار ترويج العملة العراقية في السوق المصرية عن طريق تجار السوق السوداء بعد توقف البنك المصري الأمريكي عن تداولها. وتوقع اقتصاديون تحسن قريب في الاقتصاد العراقي يؤدي الى طفرة في سعر صرف عملة العراق. وهناك اعتقاد بأن سعر الدينار أقل من قيمته مقابل الدولار, ويتوقعون ارتفاع السعر على المدى المتوسط والطويل, ودفع طرح أوراق النقد الجديدة والثقة بشكل عام في الاقتصاد العراقي الدينار صعودا ليسجل مستويات مرتفعة جديدة مقابل الدولار بعد الحرب. وفي الأسابيع الأخيرة تفوق الدينار العراقي الجديد, على الفياجرا والهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر في عمليات التهريب التي جرى ضبطها في المطارات المصرية فقد تدخل البنك المركزي في مصر وهيئات الرقابة على الصرف لاحتواء التدفق المستمر للدينار العراقي على الأسواق المصرية إلا ان التعامل كان لا يزال مستمراً بالدينار الجديد بأكثر من سعره العادي.
ويراهن المضاربون على ارتفاع كبير لقيمة العملة العراقية مع عودة الاقتصاد العراقي الى طبيعته, قيام الدول الدائنة بشطب الديون الخارجية للعراق بناء على طلب الولايات المتحدة. والسؤال الذي يُطرح هل: الدينار سيصعد أو ينهار؟.
|