Friday 26th March,200411502العددالجمعة 5 ,صفر 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

دور الجمعيات الأهلية في تشجيع روح المواطنة دور الجمعيات الأهلية في تشجيع روح المواطنة
د. محمد بن علي آل خريف

مر علينا زمن طويل ظلت فيه القطاعات الحكومية هي المسؤولة دون سواها عن جميع ما يحتاجه المواطن من خدمات ورعاية ومساندة سواء كان ذلك في
الظروف العادية أو في الأزمات والكوارث، ومع التغيرات الاجتماعية
والاقتصادية المتسارعة، والتزايد السكاني المتنامي، وفي ظل الأحداث الداخلية والدولية المتلاحقة وجدت كثير من هذه القطاعات نفسها عاجزة عن تلبية جميع الاحتياجات في مختلف الظروف ولجميع الفئات رغم ما تلقاه هذه القطاعات من دعم ضخم مادي ومعنوي، إلا أن حجم الاحتياجات المتزايد أوضح بشكل بارز لا تخطئه عين بصير مدى الحاجة لوجود جهات غير رسمية تتولى دوراً مسانداً ومشاركاً في تحمل نشاط وطني أكثر اتساعاً وشموليةً يكون رافداً قوياً للأجهزة الحكومية في تقديم خدمات مدنية في جميع المجالات، بل يتعدى دورها في مراحل متقدمة إلى تقديم الاستشارات والتقويم للقطاعات الحكومية ذات العلاقة. إن اعتماد المواطن على الجهد الرسمي فحسب أنشأ لدينا ما يمكن تسميته روح الاتكالية وتبلد الشعور الوطني والهامشية في التفكير والجهد، رغم توفر روح المشاركة والتفاني في تجسيد معاني التكافل الاجتماعي التي يدعمها البعد الديني المتمثل في تعميق الإسلام لهذا المبدأ، والتي برزت بوضوح تام من أبناء هذا البلد في جهودهم الخيرة في الإغاثة ومد يد العون لجميع المسلمين في مختلف الأقطار بمهنية وقدرة عالية، وقد برز ذلك جلياً إبان غزو الكويت حينما هب الجميع على المستوى الرسمي والشعبي لإيواء إخوانهم وتخفيف مصابهم. لكن الأمر يحتاج إلى عمل منظم ليس على المستوى المادي والإغاثي فحسب بل في جميع الخدمات المدنية ولجميع شرائح المجتمع وفئاته بحيث يكون لكل أصحاب مهنة أو وظيفة جمعية أو هيئة سواء لمنسوبي القطاع الحكومي أو الخاص ويشمل ذلك الرجال والنساء، بالإضافة للجمعيات الأهلية العامة التي تشمل خدماتها جميع فئات المجتمع كالجمعيات الطبية والإسعافية وجمعيات الدفاع المدني الإغاثي وهلم جرا.
إن أهمية ذلك قد لا تدرك في الأحوال العادية المستقرة طالما أن الأجهزة الرسمية المختصة تستفرغ جهدها في تقديم خدماتها للمواطن مهما شابها من قصور، لكن ذلك سيصبح في غاية الضرورة لو -لاسمح الله -واجهنا ظروفاً غير عادية، خاصة نحن في هذا الزمن نعيش في عالم مضطرب يسوده عدم الاستقرار مما يستلزم تضافر الجهود للتعاون على تحصين الجبهة الداخلية وغرس الثقة في كل فرد بأنه عنصر فعّال ومشارك في جعل المجتمع أكثر استقراراً ورخاءً، وبما يجسد التلاحم بين جميع أفراد المجتمع باستشعار وجودهم في سفينة واحدة يجمعهم مصير مشترك وهدف سام نحو البناء والتقدم.
إن تعويد أفراد المجتمع على أعمال النشاط التطوعي المحترف يساهم كثيراً في تنمية الشعور بالمواطنة الفاعلة والإيجابية والاستعداد المباشر للاستجابة السريعة لأي نداء يسهم في عمل يلبي احتياجات طارئة أو مفاجئة ينبغي علينا ان نتهيأ لها بما يوفر لنا سنداً شعبياً قد نجد أنفسنا بأمس الحاجة له في وقت الملمات، مع التأكيد على أن يتم هذا النشاط وفق برامج منظمة تحقق الأهداف المرجوة منها بالربط بين البعدين التربوي والتدريب الفني والمهني بإشراف رسمي تخصصي مع مراعاة القدرات والفروقات الفردية والرغبات الشخصية في الانخراط في أي نشاط دون توجيه قسري لما في ذلك من إشباع معنوي يتوفر معه الحافز للعمل المجرد من أي خاطر في الحصول على منفعة مقابلة سوى إثبات الذات والرغبة في الإحسان للناس وتقديم العون لهم من منطلق ديني في المقام الأول ومن منطلقات وطنية واجتماعية مساندة، وفق الله الجميع لكل خير.

فاكس: 4272675
ص ب 31886 - الرياض 11418


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved