لقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في نور نبوته، وجلال رحمته، يضم أصبعه السبابة والوسطى ويقول: (أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين)، ويقول: (امسح رأس اليتيم).
إن اليتيم إنسان مقرورٌ يهرؤه فقد الحنان، امسح رأسه، اقترب منه، ابتسم له، طيِّب خاطره، أدخل البهجة على روحه الظامية، ولو بكلمة، أو ببسمة، أو بلمسة. فالعلاقات الإنسانية تحقق كل مجد لها حين تضفي على هذا اليتيم المحروم من حنانها ودفئها.
إن من المؤسف حقاً أننا، وفي غفلة هذه الحياة والركض وراء زيفها، ننسى هذه الفئة الغالية من المجتمع -فئة الأيتام- ننساهم وهم أحوج ما يكونون لعطف الناس ولحبهم؛ ذلك لأنهم فقدوا آباءهم الذين يفيضون ذلك الحب عليهم.
نسي الناس حق اليتيم وهم يسمعون الآيات والأحاديث الدالة على فضل كفالتهم والعطف عليهم، وخاصة المعسرين منهم {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ }. ولو تأملنا ما تكلفه كفالة اليتيم، سواء عن طريق مباشر أو عن طريق الجهات الخيرية وجمعيات البر، لوجدنا أنه مبلغ زهيد في مقابل ذلك الأجر العظيم المترتب عليه.
أما بالنسبة لليتيم، ففي سيرة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- ما تطيب به خواطر اليتامى في كل زمان ومكان؛ فقد توفي والده قبل أن يولد، ونشأ في كفالة جده عبدالمطلب، ولم يضيعه الله عز وجل، فصار أعظم وأفضل البشر على الإطلاق؛ لذا فإنه يجب على كل مَن كتب الله عز وجل عليه اليتم أن يشد من عزمه، وأن يجعل المصطفى -صلى الله عليه وسلم- قدوة له، وأن يكون طموحه عالياً فيما ينفعه في دينه ودنياه.
( * ) عضو الدعوة والإرشاد بالرياض | 
