Friday 26th March,200411502العددالجمعة 5 ,صفر 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

سلاحهن التربية السليمة والتوعية..أكاديميات وتربويات لـ « الجزيرة »: سلاحهن التربية السليمة والتوعية..أكاديميات وتربويات لـ « الجزيرة »:
الأمهات قادرات على مواجهة الإرهاب والتطرف

* الجزيرة - خاص:
كشفت الأعمال التخريبية الإرهابية التي وقعت في الآونة الأخيرة والمخططات الإجرامية التي اكتشفتها الأجهزة الأمنية في عدد من مناطق المملكة، أن عدداً من المتورطين في هذه الأعمال من المراهقين وصغار السن، وهو ما يعني أن ثمة فكراً منحرفاً استطاع أن يخترق هؤلاء الصغار ويضللهم ويدفعهم إلى ارتكاب مخالفات شرعية وأعمال إجرامية.. لكن كيف استطاع هذا الفكر المنحرف الوصول إلى حديثي السن هؤلاء؟ وأين كانت الأسرة قبل أن يقع أبناؤها فريسة لأفكار ضالة؟ وما هو الدور المناط بالأم على وجه الخصوص لحماية وتوجيه الأبناء وتحصينهم تجاه مثل هذه الأفكار، وترسيخ مبدأ القصد والوسطية والاعتدال في نفوس الأبناء؟
هذه الاسئلة نطرحها على عدد من الأكاديميات والتربويات من خلال هذا التحقيق:
في البداية تقول د. هناء الصقير أستاذ مساعد بكلية التربية: إن المتأمل لما يحدث في العالم اليوم وفي العالم العربي والإسلامي يرى أن ما يحدث في المملكة العربية السعودية هو استكمال لما يحدث حولها من مخططات إرهابية تهدف إلى تقويض الأمن وإثارة الفوضى والفتن وترويع الآمنين، والنظرة الثاقبة للعمليات الإجرامية التي وقعت على أرض المملكة تدلنا على بعض أسبابها ومنها:
1- ان المملكة العربية السعودية دولة مستهدفة، تعمل العديد من الجهات الخفية على تهديد أمنها واستقرارها.
2- بعد دراسة المجتمع السعودي والتعرف على نقاط الضعف فيه تم استغلال تلك الفئات البسيطة وتسخيرها لخدمة تلك الأهداف التخريبية التي أخذت الصبغة الإرهابية.
3 -ان المنفيذين لتلك الأهداف هم فئات اجتمعت فيها عدة أمور: صغر السن، الفقر، الفراغ، الجهل، فالناس أعداء ما جهلوا، وهؤلاء شباب مراهقون مخدوعون يبحثون عن ذواتهم، فاقدون لهوياتهم، محبطون مغرقون في أحلامهم، لذا سهل استقطابهم وتسخيرهم لخدمة أعداء الدين والوطن.
4- انعدام الحس الوطني والانتماء الديني.
دور غائب
أما عن الدور المناط بالأم في ظل تلك الأحداث نحو تربية وتوجيه الأبناء، والدور المناط بها في ترسيخ مبدأ القصد والاعتدال والوسطية والتوازن تقول د. الصغير: الواقع يثبت وكذلك العديد من البحوث والدراسات الاجتماعية أن التفكك الأسري قد تفشى واستفحل في المجتمع السعودي فنسب الطلاق ارتفعت، كذلك انتشار الإدمان على المخدرات، وارتفاع معدلات البطالة وتدني مستويات الدخل كلها عوامل تحول بين الأم وأبنائها اساساً وتحرم الأمهات من أداء دورهن المناط بهن.
وإن كانت الأم حاضرة وتقوم بدورها كأم نجد أن الأغلبية يفتقدن لدرجة من الوعي التربوي عاجزات عن تفهم ابنائهن ومقصرات في أداء أدوارهن التربوية نحو تنشئة أجيال صالحة ثابتة متزنة نفسياً واجتماعياً.
لذا نجد أن تلك الفئات الضالة ربما شذت وانحرفت عن مسارها هروباً من واقع سيئ تعيشه فالأسرة يقع عليها وفي الدرجة الأولى مسؤولية هذا الانحراف والنفور.. فأغلب تلك الفئات احبطت من اسرها ولجأت لجماعات استقطبتها وغذتها بهذا الفكر الضال ثم استخدمتها ذلك الاستخدام الرخيص. وعلينا جميعاً أن نقف وقفة تأمل لنرأب الصدع ونتدارك المشكلة.. فمشاكلنا أغلبها سببها انعدام التوافق الأسري ومن ثم التفكك الأسري والجهل وانعدام الوعي.
وأظن أننا بمجرد التعرف على الأسباب نستطيع أن نقوم بدورنا الواعي تجاه تلك الفئات من آباء وأمهات في سبيل الحفاظ على تماسك الأسرة والحفاظ على أبنائنا وسلامة أفكارهم وتحصينهم من أي فكر وافد غريب هدام. فالدور ليس دور الأم فقط إنما هو دور المجتمع والمدرسة، الأم والمعلمة. كل القائمين بدور التربية والتعليم فإن نجحت تلك الجهات في أداء دورها نحو الأجيال المقبلة فإن عليها أن تضع نصب أعينها مبدأ التوازن في الأمور والاعتدال والوسطية والبعد عن الغلو والتطرف الذي ليس من امر ديننا ولن يكون كذلك وذلك امتثالاً لقوله تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} (143) سورة البقرة}.
صراع قيمي
أما د. طرفة بنت إبراهيم الحلوة أستاذ التربية الإسلامية المشارك بكلية التربية بالرياض فتقول: إن من أهم الأسباب التي جعلت أغلب المتورطين في العمليات الإرهابية الآثمة هم من فئة الشباب دون سن الثلاثين: التنشئة الخاطئة والإهمال الأسري وحدوث نوع من الصراع القيمي لدى هؤلاء الشباب أنفسهم مما أدى إلى خروج هذه الفئة عن معايير المجتمع ويظهر ذلك بصورة التمرد عليه.
يضاف إلى ذلك نظام التعليم القائم على المناهج القهرية وأسلوب الحفظ وعدم فتح باب المناقشة والحوار.. كذلك تعدد مصادر الفتوى وعدم إلمام البعض بقواعدها ، والتساهل في إصدارها.
وتضيف د. الحلوة: أما عن دور الأم فيتبين لنا من خلال الوقوف على بعض أسباب الإرهاب عامة انه لابد من تكاتف جميع المؤسسات التربوية لمعالجة هذه الظاهرة الجديدة على مجتمعنا وأن يبدأ ذلك من مرحلة الطفولة الأولى التي تقع على عاتق الأم وذلك عن طريق غرس قيم الاعتزاز بالدين والانتماء والولاء للوطن والاعتزاز بمعايير المجتمع ثم في المرحلة التالية لها مصاحبة الابن والقرب منه لمعرفة اتجاهاته الفكرية مع الاهتمام بفتح باب المناقشة والحوار أمام الأبناء وتدريبهم على تقبل الفكر المعارض والرأي الآخر بعيداً عن التزمت والتمسك بالرأي.
ثقافة التطرف
ومن جانبها تؤكد د. لطيفة الشعلان عضو هيئة التدريس بكلية التربية للأقسام الأدبية بالرياض أن الثقافة المتطرفة الضاربة بأطنابها تلعب دوراً محورياً في تغذية الإرهاب بما تنطوي عليه من أفكار شمولية وتعطش للتكفير ومشاعر كراهية وعقيدة إقصائية ترفض وجود الآخر وتزعم امتلاكها للحقيقة المطلقة وتلتزم بمبدأ (الثنائيات) الحدية والصارمة ومن ثم فإن الإقرار بأن للإرهاب جذوره في بعض ثقافاتنا ومدارسنا الفكرية هو خطوة أولية لا غنى لها لمعالجة هذا الخطر الداهم الذي يهدد بالدرجة الأولى وجودنا ذاته، إذ ان بعض الطروحات الإعلامية والفكرية والتنزيهية التي تجنح لنسب الإرهاب إلى افكار دخيلة او وافدة أو إلى مؤامرة أجنبية لن تفيد إلا في تدعيم أكثر لصناعة الوهم والأساطير.
وتضيف د. الشعلان: إننا في حاجة ماسة إلى تعزيز قيمة (الحياة) في أذهان النشء لنجابه بها (ثقافة الموت) التي تجد من يزوقها ويزخرفها ويسوقها إلى أبنائنا.
كما أننا من جهة أخرى في حاجة إلى خلق وتوكيد ثقافة التسامح والتعايش كما نحتاج إلى تقديم صورة الإسلام المشرقة كدين جاء رحمة للعالمين فاختطفه الإرهاب ليقتل ويدمر ويخرب باسمه وهو منه براء.. قال تعالى { أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}.
عقائد مغلوطة
أما د. أفراح بنت علي الحميضي مدير عام التوجيه والإرشاد بتعليم البنات فتقول: إن من اللوازم أن الجهل يؤدي إلى الجهل ومن تبعاته أن الجاهل لا يرى إلا ما يعتقده فيرى الحسن قبيحاً والقبيح حسناً وتختلط لديه المفاهيم مما يجعل البيئة مناسبة والمناخ موائماً لهذه النباتات المتطرفة والإرهابية النشاز للبزوغ والنمو والترعرع ولهذا فمرجع وجود هذا الفكر في عقليات بعض الشباب هو الجهل ببعض العقائد الباطلة، فنحن - ولله الحمد - وإن كنا أفراداً ومجتمعات نتشرب طيب العقيدة الصافية صباحاً ومساءً إلا أننا يجب أن نقدر أن المعرفة بالحق لا تكفي وحدها لدحض الباطل وإظهاره فحين يأتي الباطل مرتدياً زياً غير زيه ويلبس رداء ليس له تنعدم المعرفة به؟ لذا كان من الواجب إيضاح الحق وتبيينه وإظهار الباطل وتوضيحه.
وتضيف د. الحميضي: إن قلة الفهم لهذه الانحرافات وانعدام الوضوح لبعض الأمور دعا بعض الأسر ومن واقع جهلها بالعقائد الباطلة وما يتولد عنها من أفكار واتجاهات إلى عدم الالتفات إلى هذا السوس الأسود (وهل السوس إلا أسود خال من صفاء الحق) الذي ينخر في عقول الناس. فبين التدين والغلو، وبين الجهاد والإرهاب خطوط اختلاف كثيرة لا تتضح الا لمن جمع العلم الشرعي، والفهم للواقع معاً فإذا قل الفقه الشرعي وانعدم فهم الواقع عند ذاك يكون الغلو تديناً والتزاماً والإرهاب جهاداً في سبيل الله، وبنفس الأمر حين يقل العلم ويحرف فهم الواقع لمصالح خاصة يسمى التدين والالتزام تطرفاً وغلواً والجهاد والدفاع عن الحقوق إرهاباً.
وهذا عين الخطأ ومجانبة الصواب في كلتا الحالتين، والسبب الآخر هو قلة اهتمام بعض الاسر بأبنائها حيث ما أن يدرج الابن إلى مرحلة المراهقة والبلوغ ترتفع أيدي الوالدين رعاية ومراقبة عنه بحكم أنه أصبح رجلاً وفي هذا وهم عظيم فإن الابن أشد ما يكون حاجة لوالديه في تلك المرحلة حيث تتداخل مؤثرات كثيرة في التربية تسهم بشكل ملحوظ في تشكيل شخصية الشاب، فإذا كان الطفل في البدء يتلقى الخطاب من مصدر واحد فإنه بعدما يدرج في العمر فإن مصادر الخطاب التأثيري عليه تتعدد وكلما قوي صوت الخطاب الأول ضعف تأثير الخطاب الثاني، والعكس واضح تماماً ومن مفهوم هذا ومقتضياته ألا تنسحب الأسرة ويبقى ظلها فقط مما يجعل الفرصة مواتية لأية أطراف أخرى للتغلغل والمساهمة بشكل كبير في إعادة التشكيل الداخلي لشخصية الشاب ولأجل هذا وباختصار فعلى الأسرة ألا تكتفي بالدور الدفاعي فقط بل أن تربي في الوليد الصغير العقيدة الصافية الخالية من الشوائب وهذا يتطلب أن تتدارس الأسرة بقطبيها الوالد والوالدة هذه العقيدة ليتمكنا من سقيها للأبناء.
كما يجب على الأسرة أن تعرف كيف تتعامل مع المشاكل الفكرية والاجتماعية بل وحتى الاقتصادية والتي تنضح ثالوث (الفراغ - الشباب - الجدة) ومن الملاحظ أنه إذا انكسرت واحدة من هذه الأثافي فإن وجود هذه الإشكالات يخف كثيراً، فالفراغ والشباب بلا قوة لا يكون بالاثر نفسه إذا اجتمعت الثلاث وكذا الشباب والجدة بلا فراغ لا يعني وجود هذه الإشكالات، مع العلم أن الفراغ لا يعني فراغ الوقت فقط فإن المعنى يشمل ايضاً فراغ النفس من الهمة العالية وفراغ العقل من صواب التفكير وفراغ القلب من العقيدة الصافية.
وعلى قطبي الأسرة الأب والأم النظر بجدية واهتمام وملاحظة أية تغيرات تطرأ على تفكير الشباب أو حتى اسلوبه في الحياة والقدرة على التمييز والحكم على هذه التغيرات والأفكار وهل هي متفقة مع الشرع وأحكامه السمحة أم أن فيها تجاوزاً على المطلوب والمرغوب شرعاً وعند ذاك يجب أن تبدأ الأسرة بدراسة حال الشاب وواقعه ومحاولة انتشاله قبل أن يغرق في مزيد من الانحراف.
أفكار جاهلة
وتتوقف الأستاذة منيرة القاسم المحاضرة بكلية التربية للبنات الأقسام الأدبية بالرياض عند الأسباب التي أدت إلى تأثر الشباب بالأفكار المنحرفة والضالة والتي أدت ببعضهم إلى ارتكاب المخالفات الشرعية، والأعمال الإجرامية التي استهدفت أمن البلاد وأفراد المجتمع فتقول: لعل أول هذه الاسباب - من وجهة نظري - هو القصور وقلة الوعي، وعدم الإدراك لحقيقة هذا الدين وما ينطوي عليه من مبادئ وتشريعات وأحكام، وعدم فهمه الفهم الصحيح، مما جعل هؤلاء الصغار يغترون بأفكار بعض الجاهلين الذين أقحموا في الدين ما الدين منه براء، لأنهم لو كانوا واعين لحقيقة هذا الدين، ومدركين للتصورات الحقيقية للحياة والكون والإنسان وطبيعة العلاقات التي تربطها كما ترسمها النظرة الإسلامية لاستطاعوا أن يميزوا ويختاروا بين الأفكار الصحيحة والضالة.يضاف إلى ذلك الفراغ الذي قد يكون أحد الأسباب التي تجعل الصغار يملؤون عقولهم بأفكار ضالة، خاصة إذا وجدوا من يتلقفهم ويؤثر فيهم، ويستميلهم، وحين يجتمع فراغ الوقت مع فراغ الفكر، يكون الأثر أشد والتعلق أقوى والانصياع أسرع.
ولا يمكن تجاهل التقدم التقني في وسائل الإعلام والاتصال والذي لعب دوراً هو الآخر، حيث وجد هؤلاء الضالون المضلون سبيلاً إلى من يستمع اليهم ويتأثر بهم ويجاريهم في أفكارهم وسلوكهم، في أجواء من السرية وفي أوكار بعيدة عن أعين الأهل وولاة الأمر.
كما لا يمكن تجاهل أن التقصير في التربية والإهمال من جانب الأسرة والمدرسة من أسباب سقوط الناشئة فريسة للأفكار المنحرفة فهاتان المؤسستان لهما دور عظيم في التوعية والملاحظة والمتابعة واكتشاف الفكر المنحرف في بدايته.
ومن أوجه القصور انعدام الأسلوب التربوي القائم على الحوار وتبادل الآراء ومناقشة القضايا بوضوح وصراحة وموضوعية في أغلب المؤسسات التربوية في المجتمع، لان تبادل الأفكار ومناقشتها مع أهل العلم والاعتدال لا شك ستوضح الكثير من الأمور التي قد تغيب عن أذهان هؤلاء الصغار.
وفيما يتعلق بالدور المناط بالأم في ظل تلك الأحداث نحو تربية وتوجيه الأبناء تقول الأستاذة منيرة القاسم: يقول النبي صلى الله عليه وسلم:( ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) رواه مسلم.. ففي هذا الحديث دلالة على أهمية دور الوالدين في بناء عقيدة الطفل وغرس القيم والمبادئ والأخلاق الحميدة في نفسه.
والتربية على الوسطية تشمل جميع جوانب الحياة اليومية، فالأم تعلم أبناءها الاعتدال والتوازن في الطعام والشراب، والنوم واللعب، تعلمهم الاعتدال في الحب والكره، وكذلك التوسط في الحكم على الاشياء، فإذا تعلم الأبناء التوسط والاعتدال في جميع جوانب حياتهم، وتبنوا معه فكراً متوازناً، مارسوا ذلك في سلوكهم، ستهدأ نفوسهم بلا شك وستستقيم حياتهم.
مسؤولية الوالدين
وعلى الوالدين - والأم بالأخص - مسؤولية التوعية الفكرية للأبناء منذ حداثة سنهم ونعومة أظفارهم حتى يصلوا إلى سن الرشد، والمقصود بالتوعية الفكرية: ارتباط الولد بدينه وتمسكه بكتابه وما جاء فيه من تشريع عظيم وتنظيم دقيق، وربطه بتاريخ أمته المجيد وبثقافته الإسلامية العربية، والتوعية بطبيعة الحال تشمل تطبيق تلك التشريعات والأنظمة والكشف عن مخططات الأعداء التي تستهدف شباب الأمة وعقيدتهم.
هذه التوعية الفكرية - والكلام مازال للأستاذة منيرة القاسم - تتم بربط الأبناء بالقدوة الصالحة الواعية المخلصة، بمن فهم الإسلام فهماً صحيحاً، وطبق حدوده وشرائعه.
والتوعية الفكرية للأبناء تتم أيضاً عن طريق (المطالعة الواعية) منذ سن مبكرة ليكونوا فكراً صحيحاً وفهماً واضحاً للإسلام ونظمه (العقيدة، الأخلاق، الاجتماع، الاقتصاد، السياسة..) ومع حرص الآباء أن تكون الكتب أو المجلات أو القصص التي يقرؤونها مناسبة لأعمارهم وثقافاتهم، لتتم الاستفادة منها.
وعلى الوالدين والمربين أن يركزوا على قضية مهمة وهي الرفقة أو الصحبة التي يختارها الأبناء، فالأم الواعية اليقظة تشارك ابناءها وتعلمهم كيف يتخيرون الصحبة الصالحة الأمينة المميزة بالفكر الواعي والفهم الصحيح للإسلام وثقافته.
ويدخل في نطاق التربية الصحيحة تقوية أواصر الحب والمودة بين الأبناء مع والديهم وأفراد أسرتهم، وفتح القلوب لهم، وإعطاؤهم الوقت الكافي لطرح اسئلتهم والإجابة عن تساؤلاتهم، وهذه العلاقة القائمة على الحب والود والتفاهم والصراحة لابد أن تكون هي ايضاً علاقة الطلاب بمعلميهم وإداراتهم، يجب أن تبقى القلوب مفتوحة والأبواب مفتوحة، حتى لا يتجهوا إلى قلوب أخرى تفتح لهم أبواباً اخرى.. هي أبواب الفكر المنحرف.
وفي ظل الأحداث الأخيرة والمخططات الإرهابية التي شهدتها بلادنا بلاد السلام لابد من أخذ العبرة وإعطاء الدروس، فعلى الآباء والأمهات أن يبينوا لابنائهم نتاج هذا الفكر وانحرافه.. ويتساءلون معهم ماذا جنى هؤلاء من أفعالهم، وأي خراب وفساد خلفوه لمجتمعهم.. انها فرصة للتوعية والتعلم على ارض الواقع.
ولابد من إشعار الأبناء أن الانقياد وراء هذا الفكر المتطرف المنحرف يكون أول المتضررين هم الابناء أنفسهم وأهلوهم، فأي ألم سيسببه هؤلاء لآبائهم وما ذنب الأمهات الضعيفات لتلقي هذه الصدمة القوية من أعز الناس إليها؟ ولابد أن نعلم أبناءنا أن النتائج التي كانوا يتوهمونها جاءت عكسية تماماً، وأن أول من اساؤوا إليه هو هذا الدين، حيث استغل أعداء الإسلام هذه الأحداث برمي التهمة على دين العدل والوسطية والسلام.
عوامل نفسية
من جانبها تقول الأستاذة لولوة علي النخيل المشرفة بإحدى المدارس الابتدائية للبنات بالرياض: إن من أهم اسباب ظهور الفكر المنحرف قلة المتابعة والرعاية للابن فضعف التوجيه المناسب وإهمال الرعاية غالباً ما يدفع الابن إلى التنفيس عن طاقاتها بشكل متهور، ومن الأسباب ايضاً الرفقة السيئة وقد أشارت كثير من الدراسات إلى أن الجنوح عادة يكون بشكل جماعي وليس بشكل فردي هذا من جهة وأضف إلى ذلك الأسباب الأسرية والعوامل النفسية، وقد ينمي هذا الانحراف بعض وسائل الإعلام عندما تفصل الأخبار الإجرامية بشكل غير مناسب قد يساعد المنحرف ويدله إلى وجود خطة لم تكن موجودة. والأم عليها مسؤولية كبيرة تجاه الأبناء الذين غالباً ما يكونون ملتصقين بها في مراحل الطفولة أكثر من الأب.. ويمكن تلخيص واجب الأم في النقاط الآتية:
أهم وسيلة للعلاج هي الوقاية وتفعيل دور البيت والمدرسة والمسجد والتنسيق والتكامل بينها.. وتنمية الكفاءة والنجاح فإن النقد المستمر وخبرات الفشل تؤدي كلها إلى عدم استقرار الولد في المهات التي يبدأ بها، وبالمقابل فإن تركيز الأهل المستمر على الخطأ وعلى كيف يمكن أن ينفذ المهمة بشكل افضل يدفعانه الى الكف عن المحاولة والانحراف.
وينبغي على كل أم اتخاذ الوسطية والاعتدال، فإن هذه الأمة أمة وسط في حياتها الدينية وحياتها الدنيوية فتكاليف الشريعة الإسلامية سهلة ميسورة، يؤديها المسلم قدر استطاعته تحقيقاً للتوازن بينها وبين مطالب حياته الدنيوية.
الجهل واتباع الهوى
من جانبها توجز الأستاذة آمنة بنت محمد الغنامي مشرفة القسم النسوي بالمكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بمكة المكرمة أسباب تورط الأبناء في مخططات إجرامية تخل بأمن البلاد والعباد بالجهل واتباع الهوى مؤكدة أن الضحالة العلمية لدى كثير من الشباب وعدم الإدراك لمقاصد الشريعة والقواعد الشرعية التي هي أساس الدعوة الإسلامية الصحيحة وعدم تفقهم بأحكام أهل الذمة والمعاهدين وأحكام البيعة لولاة الأمور وجهلهم بضوابط التكفير عند أهل السنة والجماعة وفقه الإنكار هو ما جعل هؤلاء الصغار يقعون فريسة لاستقطاب الغلاة والمتطرفين.
ودور الأم في هذا يكون بدفع أبنائها للعودة الصادقة للكتاب والسنة الصحيحة على فهم السلف الصالح والالتفاف حول علمائنا الثقات وطلب العلم الشرعي منهم وعلى سبيل المثال لو درست الأم مع ابنائها هذا الحديث الصحيح لأصلحت الكثير فيهم وهو ما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية ومن قاتل تحت رآية عصبية يغضب لعصبيته، أو يدعو إلى عصبية أو ينصر عصبية فقتل فقتلته جاهلية ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها ولا يتحاشى من مؤمنها ولا يفي لدي عهد عهده فليس مني ولست منه) رواه مسلم.
وتضيف الأستاذة آمنة الغنامي: كذلك من الأسباب: التعجل وعدم الصبر فعدم ضبط العواطف والانطلاق في الانفعالات يجعل الأمور تفسد، فالتعجل يؤدي إلى الوقوع في أعراض العلماء وولاة الأمور بالغيبة والنميمة والتعدي على غير جان وقتل غير المجرم كذلك عدم النطر في العواقب والقاعدة تقول:( درء المفاسد يقدم على جلب المصالح).


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved