* طريف - محمد راكد العنزي:
ليس في كل المواسم يظهر نبات الكمأة المعروف (الفقع) وذلك لأن هذا النبات الذي هو من سلالة الفطريات لا ينبت إلا بتزامن هطول الأمطار مع ظهور نجم الوسم (الثريا) وعندها فإنه يتكاثر بمشيئة الله عز وجل في المكان الذي تصيبه هذه الأمطار، ويعتبر نبات الفقع غذاء حيويا هاما يحتوي على العديد من العناصر الغذائية التي تغني عن كثير من الأطعمة الأخرى كما أن له أيضاً الكثير من الفوائد التي سنتعرف عليها في هذا اللقاء.
رياضة:
يقول الشاب (عايد الرويلي):
إن لموسم الفقع فوائد صحية عديدة فبالإضافة إلى العناصر الغذائية الموجودة في الفقع والمعروفة لدى عدد من الناس فإن جمع الفقع يعتبر من الرياضات المفيدة للجسم حيث ان الإنسان عندما يصل إلى المواقع التي ينبت فيها الفقع فإنه ينسى الزمان والمكان ويركز فقط في بيئته التي يتواجد فيها فيمر عليه اليوم بساعاته الطويلة دون أن يشعر به، حيث يسير الفرد لمسافات طويلة قد تصل إلى أكثر من ثلاثة كيلومترات وهذه المسافة لاشك أنها تكسب الجسم حيوية ولياقة وتؤدي إلى تنشيط الدورة الدموية وكلما جلس الإنسان لفترة طويلة لجمع الفقع اكتسب في هذا الوقت الكثير من الحركة والمشي، كما في اعتقادي أن البحث ينشط أيضاً نظر الإنسان ففي بعض الأحيان يكون الفقع مختفياً تحت الشجيرات الصغيرة أو تحت الأحجار وقد لا يكون ظاهراً للعيان مما يتطلب من الفرد التركيز الشديد لرؤيته.
أرزاق:
ويشير (مرجح فرحان) إلى أن موسم الفقع يعتبر مصدر رزق للكثير من الناس ففي هذا العام الذي أنعم الله به علينا بالأمطار الغزيرة التي جاءت متزامنة ولله الحمد مع ظهور الوسم فقد نبت الفقع في العديد من المواقع البرية، ولهذا فقد استغل العديد من الناس هذه الفرصة، في الذهاب إلى البر أفراداً وجماعات للقيام بجمعه ومن ثم جلبه إلى سوق الفقع المعروف بالمحافظة لبيعه بسعر طيب يستطيع معه الفرد الحصول على مبلغ مالي طيب يعتبر مصروفا له ولأسرته ولسيارته أيضاً، وحتى يستطيع الشخص جمع الكثير منه فإنه يضطر في بعض الأحيان إلى الخروج بأسرته وبأطفاله للقيام بجمع أكبر قدر منه كما أنه قد يبيت ليلتين أو ثلاث في البر حسب ما يحتاجه ذلك حتى يتمكن من العودة إلى المدينة بعد هذا العناء بكمية كبيرة يرتاح بعدها ومن ثم يعاود الخروج مرة أخرى، وقد استفاد من هذا الرزق ولله الحمد كثير من الشباب في شراء سيارة مستعملة أو جوال أو حاجياته الخاصة وحاجيات أسرته حيث بلغ دخل أحد الأشخاص خلال هذه الفترة فقط أكثر من عشرة آلاف ريال.
صبر:
ويقول (هاني مقبل):ان المبيت ليومين أو ثلاثة والبحث عن الفقع طيلة اليوم دون الشعور بالوقت يجعل الإنسان يتدرب دون أن يشعر على الصبر والمثابرة حيث ان بعض العديد من المواقع لا تجد فيها الفقع كثيراً أو قريباً من بعضه وقد لا تشاهده إلا مع التركيز الشديد، وإذا أردت أن تجمع العديد منه فعليك بالصبر والمضي في مسير طويل قد تقطع معه المسافات الطويلة دون أن تشعر بذلك وهذا من النادر أن تجده في شيء آخر فالإنسان دائماً يمل من اللعب أو القراءة أو مشاهدة التلفاز لكنه في جمع الفقع لا يمل أبداً ويتمنى كثيراً لو أن النهار طويل قليلاً حتى يستطيع جمع أكبر قدر منه.
غرائب:
أما (فياض العلاوي) فيشير إلى عدد من الأشياء الغريبة عن الفقع فيقول:إن الفقع لا ينبت إلا بالقرب من نبتة صغيرة معروفة لدى أهل البادية وكبار السن بنبتة الجريد والتي يعرفها العامة في الشمال باسم (الرقا) أو الرقروق ويقال في هذا الصدد إن (الرقا متفرقا) أي أن هذا المكان المليء بهذا النبات المتوزع هنا وهناك دليل على وجوده بكثرة، ومن عجائب الفقع أيضاً أن الحبة الصغيرة منه عندما تنبت تحت حجر فإنها رغم صغر حجمها تقوم برفع هذا الحجر عن الأرض فيشاهدها الشخص ويستدل على وجود الفقع تحته وفي بعض الأحيان يكون الفقع نابتاً فوق التربة أو ظاهراً رأسه فيسمى (مصاليع) أي أن صلعته واضحة جداً، كما أن الفقع يرى بسهولة في الضحى وقبل المغيب بقليل حيث يشاهد الشخص تشقق الأرض بوضوح أما في فترة الظهيرة فإن الفقع ينزل تحت الأرض فلا يستدل عليه ولذا يتطلب من هواة جمعه الخروج مبكراً من بعد صلاة الفجر للوصول إلى الموقع والحصول على أكبر قدر منه قبل أن يداهمهم الليل أو المبيت لليوم التالي، ويقال ان أهل البادية في الماضي كانوا يتحاشون السير بالأرض التي فيها الكمأة حتى لا تزحلق جمالهم أو خيولهم بها وخاصة من النوع الذي ينبت فوق سطح التربة.
تحذير:
وأخيراً يحذر (بندر طلال) الناس من هواة الخروج إلى البر لجمع نبات الفقع من لدغات الأفاعي والعقارب حيث ان البعض منهم يتناسى من شدة البحث التركيز تحته أو حوله وقد يرفع الحجر للبحث عن الفقع فيجد العديد من العقارب تحته فتلدغه كما قد يقترب من جحر حية أو ورل فعليه الحذر الشديد والانتباه لأطفاله حتى لا يتضرر أو يصاب أحد أفراد أسرته بسوء، كما أن الحفر بأداة قاسية أو بالأصابع يتسبب في إحداث جروح وخشونة باليدين وهذه الجروح قد تتلوث من التراب أو يحدث فيها تقرحات مضرة وقد يؤدي ذلك إلى آلام عضلية فيها. فعلى المرء لبس القفازات التي تقيه من اللدغات ولا تتسبب في إحداث الأوجاع بيديه، وعليه عدم إرهاق نفسه بالبحث المضني وإنما يجب أن يتخلل ذلك فترات راحة من هذا العناء حتى يأخذ كفايته من الراحة الجسدية والذهنية.
|