عندما تنفتح أبواب السجن لشخص انتهت مدة عقوبته ويبدأ يشم هواء الحرية ويستمع إلى اصوات السيارات ويرى الطرقات المزدحمة سيعتقد للوهلة الأولى انه يمكن له ان يعود شخصاً عادياً وسيمكن له ان يرمي وراء ظهره صفحة سوداء من حياته. لكنه ربما لا يعلم انه سيواجه بأبواب مغلقة لا تقل شراسة عن أبواب السجن! سيجد المجتمع يغلق امامه بوابات الانخراط والذوبان فيه, اعنف تلك البوابات التي توصد أمامه وتهدد حياته وحياة اسرته هي باب عمله السابق فهو لا يستطيع العودة إليه, هناك انظمة ستقف في وجهه. وعندما يبدأ رحلة البحث عن عمل في مكان آخر لن يجد الا ابواباً اخرى مغلقة في وجهه تصد رغبته الحقيقية في التغيير. قبل ايام اعترف مساعد نائب الخدمة المدنية الاستاذ عبدالعزيز العسكر أن بعض مواد نظام الخدمة المدنية تقف حائلاً دون عودة السجين إلى ممارسة حياته الطبيعية بعد انتهاء مدة محكوميته, وقال اننا الآن في حاجة إلى تغيير تلك المواد. ولكن سعادته لم يقل من الذي سيقوم بالتغيير ومتى!!
ان الخطأ امر بشري واذا كان الشخص عوقب على فعلته وانتهت محكوميته فلماذا يعاقب ايضاً عقاباً لا ينتهي الا بنهاية حياته؟ بعض الجرائم والجنح قد يكون ضرورياً ابعاد الشخص عن عمله السابق، ولكن لماذا لا يتم تأمين عمل آخر بديل حتى لا يكون العقاب مزدوجاً وبالضربة القاضية!! يقولون في الامثال (قطع الارقاب ولا قطع الارزاق). تفرح الاسر بخروج ولي أمرها وعائلها منتظرة ان يوفر لهم الحياة الكريمة بعد معاناة مع الحاجة والفقر ولكن آمالها لا تتحقق اذا تسدّ في وجهه المنافذ مما يجعله يعود مرة أخرى الى البيت مكسور النفس محطماً او يعود إلى السجن. ونسمع ان اشخاصاً يسجنون لمدد قصيرة وعندما يخرجون يكونون قد فصلوا عن اعمالهم بسبب غيابهم لان ادارة السجن تمتنع عن اعطائهم ورقة للعمل بأنهم كانوا في السجن، فيفقد الشخص وظيفته. أعداد المسجونين تتزايد وهذه من طبيعة الحياة المدنية في كل انحاء العالم, فهل يظل السجن نقطة بداية العقاب وهل يكون تنفيذ الحكم الذي استحق السجين أخف من رحلة عذاب ما بعد السجن!؟ لابد من التفاتة سريعة لوضعية هذه الشريحة حتى لا تصبح عبئاً على المجتمع وسبباً في حرمان مواطنين اخطأوا واستحقوا العقاب في فترة زمنية معينة وليس العقاب مدى الحياة!!
|