** (الحوار) هو أقرب الطرق وأيسرها للوصول الى الحقيقة، ذلك أن الحوار يتيح طرح مختلف الآراء في تعددية جميلة ومتاحة للجميع دون فرض آحادية رأي.
ومن هنا جاءت فرحتنا بترسيخ (مبدأ الحوار) في وطننا عبر آليات متقدمة من (مؤتمرات الحوار) و(إنشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني).
ومن أفضل الطروحات التي تم تقديمها حول (الحوار الوطني) الرأي الواقعي الموضوعي الذي طرحه معالي د. غازي القصيبي حول طبيعة وأهداف الحوار الوطني الذي أبداه عبر صحيفة (الوطن) خلال الايام الماضية، ولقد كان د. غازي القصيبي في أقصى درجات الواقعية عندما بسط رأيه في الحوار في هذه السطور من مقالته:
(ينظر البعض الى مركز الحوار كما لو كان القناة الوحيدة، أو الأساسية، لصنع القرار، للقرار وسائله وقنواته سواء كنا بصدد قرار في مسألة سياسية أو ادارية أو شرعية أو اقتصادية، والمركز بحكم تكوينه وطبيعته ليس وسيلة ولا قناة لأي نوع من هذه القرارات، والهدف من الحوار لم يكن ولا ينبغي أن يكون حشد أكبر عدد ممكن من التمنيات على هيئة توصيات تمهيداً لاصدارها في شكل تشريعات. الهدف من الحوار هو تعويد مجتمع لم يتعود على لغة التسامح التعددية على الحديث بهذه اللغة. والسبيل هو أن يبدأ الحوار في دائرة صغيرة تحت مظلة المركز، ثم تتسع الدائرة فتشمل وسائل الاعلام، ثم تتسع فتشمل البيوت والمجالس، ثم تتسع فتدخل المدارس والجامعات..
باختصار شديد، هدف المركز هو إنشاء ثقافة للحوار تصبح جزءاً لا يتجزأ من حياة المجتمع اليومية ومن أسلوب تفكيره ومن طرائق تعبيره. إن الذين يريدون تحويل مركز الحوار الى مكان لتفريخ القرارات يسيئون - دون قصد- الى فكرة نبيلة رائدة ويسهمون - دون أن يدركوا- في خنق المشروع الذي يعتقدون أنهم يؤازرونه ويؤيدونه).
***
** وأحسب أن (الحوار) في مجتمعنا جاء من هذه المنطلقات وهذه الأهداف حيث إننا نعاني في مجتمعنا من عدم قبول (الرأي الآخر)، ولذلك جاء (الحوار الوطني) لترسيخ مبدأ الحوار وقبول الرأي الآخر.
وحسب هذا الهدف -إذا نجح- هدفاً سامياً للحوار الوطني ومؤتمراته ومركزه.
حسب الحوار من جانب آخر أنه أكد الحقيقة التي أقرها خالق البشر عن اختلاف البشر {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ...} (118-119) سورة هود.
فالاختلاف -كما جاء في القرآن- هو الطبيعي، لكن غير الطبيعي أن لا نقبل الاختلاف، ولا نقبل النقاش لا صرفا ولا عدلا.
وليس منتظراً أو متوقعاً -كما أشار د. غازي- من (الحوار الوطني) قرارات أو منجزات مادية، إن المنجز الحضاري والفكري الأهم الذي قدمه (الحوار الوطني) في وقت قياسي هو طرح الرأي المخالف وتلاقي كافة الأطياف وقبول بعضها لبعض من جانب، وبالتالي طرح كافة الآراء أمام المواطن وصانع القرار، لقد انطلق د. غازي في رؤيته للحوار من نظرته الواقعية بصفته مواطناً لا يحلِّق في الأحلام، أو شاعراً يغرد في دنيا الأماني.
لقد جاء (الحوار الوطني) بالحوار، وطرح مختلف الآراء ضمن ثوابت الدين والوطن، هذه الآراء التي كنا نحسبها محظورة أو شائكة، وها نحن نعيش الحوار في إعلامنا ومجالسنا.. هذا الذي افتقدناه كثيراً، وتسبب غيابه في حضور كثير من الاختلافات والمشكلات، بل في غيابه كادت أن تغيب سماحة الإسلام التي نادى بها الإسلام والتي قام على فضاءاتها المشرقة هذا الوطن الجميل.
***
المستشفيات والتنظيم الجديد
لزيارة المرضى والأطفال
** أي قرار أو تنظيم يصدر لابد أن يكون حوله خلاف، فالناس مشارب مختلفة لكن عند صدور أي تنظيم فهو ينظر الى أغلبية الناس المستفيدين منه!
وقد حصل هذا الاختلاف مع تنظيم زيارات المرضى من ناحية اطالة الوقت، وزيارة الأطفال لهم!
والقرار قرار انساني جاء -بلا جرم- من أجل أهداف انسانية نبيلة لتسهيل زيارة المرضى، والتخفيف على الزائرين، وبخاصة إذا أدركنا ظروف بعض الزوار وأعمالهم ومجيء بعضهم من مدن بعيدة بغرض زيارة مرضاهم!.
أما بالنسبة للأطفال فقد كنت أحد الذين سعدوا بها على الاطلاق لأنه حقق هدفين غاليين:
أولاً: عدم حرمان المرضى من آباء وأمهات من رؤية فلذات أكبادهم، وقد -لا سمح الله- لا يرونهم أبداً.
وثانياً: إدخال السرور على هؤلاء الأطفال عندما يرون الغالين عليهم من آباء وأمهات وأخوة وأخوات.
***
وقد قُدر لي حضور جلسة مع بعض الأحبة كان فيها حوار وحديث حول هذا (التنظيم الجديد لزيارة المرضى).. وقد نقلت الى معالي وزير الصحة د. حمد المانع عبر اتصال هاتفي ملاحظات حضور تلك المناسبة حول هذا التنظيم.. وقد أوضح لي معاليه الأمر قائلاً: (إن هذا القرار جاء بعد دراسة مستفيضة وأسباب موضوعية منها توفير أكبر وقت للزوار لرؤية مرضاهم بدلاً من حصرهم في أوقات محددة قد لا تساعد على الزيارة، كما أن فيه إتاحة الفرصة لمن يأتون للمستشفيات الكبرى من مدن بعيدة لزيارة أقاربهم، ومن جانب آخر إبعاد الوحدة عن المرضى عند زيارة أقاربهم وأصدقائهم ومواساتهم لادخال الفرحة على قلوبهم، وكسب الأجر من زيارة المريض، والأنس بالحديث معهم. وحول زيارة الأطفال قال الوزير المانع: إنه بالنسبة لزيارة الأطفال فقد رأت الوزارة عدم حرمان الآباء والأمهات والأقارب من رؤية أطفالهم التي بلا ريب تدخل السعادة النفسية على قلوبهم، وتسهم -بحول الله- في سرعة شفائهم، وأوضح لي أنه تم استشارة الأطباء الاستشاريين في طب الأطفال، وأكدوا أنه لا ضرر صحيا من دخول الأطفال للمستشفيات وزيارة أقاربهم وهم يدخلونها للعلاج، والزيارة مثلها، والمنع فقط بالنسبة للمستشفيات والأقسام التي فيها أمراض تؤثر أو تعدي الأطفال لا سمح الله، وقال: إن المستشفيات الكبرى في دول العالم لا تمنع زيارة الأطفال وهي شأنها شأن المنشآت الحضارية والعمرانية الأخرى، فقد أطلب من الآباء والأمهات أن يلاحظوا أطفالهم بحيث لا يعبثوا بالمستشفى وأجهزته، ويلتزموا الهدوء وعدم الازعاج. وختم حديثه معي قائلاً: إن هذا القرار تحت التجربة لمدة عام، وإذا ثبت أن ايجابياته أكثر من سلبياته فسوف يستمر، والعكس صحيح، وحتى الآن رأينا ارتياحاً كبيراً من المرضى والزوار، وسوف توزع (استبانة) على المرضى والزوار لأخذ آرائهم سواء بالنسبة لمدة الزيارة أو زيارة الأطفال، وعلى ضوء ذلك يتم استمرار القرار من عدمه.
***
** بقي -مع تأييدي لهذا القرار- أن أطلب من الوزارة الكريمة أن تلاحظ -خلال هذه السنة- مدى ارتياح أو انزعاج المرضى من طول مدة الزيارة (من الساعة 2 ظهراً الى الساعة التاسعة ليلاً).. فهذا الوقت قد يكون فيه ازعاج للمرضى وبخاصة فترة الظهر فضلاً أن بعض الغرف فيها عدد من المريضات مثلاً، ولهذا يصعب أن تبقى المرأة داخل (حواجز) ساعات طويلة خلال زيارة أقارب المريضة الأخرى المرافقة لها بالغرفة!.
هذه النقطة أرجو أن تؤخذ بالاعتبار خلال سنة التجربة، ويمكن حلها بتأخير بدء الزيارة بحيث تبدأ الساعة الرابعة عصراً وحتى التاسعة، وهذا وقت كاف ومستمر للتواصل، وتحية صادقة لوزارة الصحة ومسؤوليها وهي التي تلتمس ظروف الناس وتراعي حاجاتهم، ومن أدلة ذلك هذا القرار الإنساني المبارك.
***
السعودية
والخطوة المتقدمة
** كان المتعاملون مع الخطوط السعودية يعانون الى وقت قريب عندما يتصلون بالحجز في أي منطقة بسبب انشغال الخطوط والموظفين فضلاً عن مكاتب الحجز فلها ساعات دوام محددة.!
الآن خطت الخطوط السعودية خطوة متقدمة مريحة للمتعاملين ألا وهي وضع رقم موحد للحجز بالمملكة يعمل على مدى الأربع والعشرين ساعة، ويتحول الرقم آلياً الى أي موظف في أي مركز حجز من المراكز الرئيسية حتى لو صادف الاتصال موعد الصلاة بالرياض فإن المتصل يجد من يرد عليه من جدة مثلاً، إضافة الى امكانية الاتصال والحجز أيام الجمع، وفي السابق كان الإنسان يوم الجمعة وبعض ساعات اليوم العادي، لا يستطيع أن يتصل لإغلاق مكاتب الحجز.
إن هذه الخطوة التي تيسر الحجز والإلغاء والحصول على المعلومات في وقتها بقدر ما تريح المواطن، فإنها خطوة موفقة في توجه السعودية نحو الخصخصة وفي الوقت ذاته الى المزيد من زيادة عملائها (عفواً المتعاملين) معها فأنا أكره كلمة عملائها.
ومزيداً من هذه الخطوات التي تريح الناس، وتعود بالجدوى الاقتصادية على (السعودية).
|