أراد رجل ان يحج فقال لصديق له: أريد أن أترك نقودي وجواهري عند رجل أمين حتى أعود فخاف صديقه أن يقول له اترك نقودك وجواهرك عندي فيظن صاحبها أن صديقه طامع فيها وأشار عليه ان يتركها عند أكبر تجار البلد فأخذها وذهب إلى التاجر وقال له أريد أن أسافر لأحج وعندي نقود وجواهر، وقد اخترتك لأتركها عندك أمانة حتى أعود فقال له التاجر: نعم خذ هذا المفتاح وافتح هذا الصندوق وضعها فيه واقفل الصندوق جيداً ففعل وسلم المفتاح إلى التاجر وسلم عليه وشكر له وسافر.
فلما رجع من حجه ذهب إلى التاجر وطلب الامانة فقال له: اني لا أعرفك وعندي أمانات كثيرة، فكيف أعرف أن لك أمانة عندي؟ فانصرف الرجل إلى صديقه وأعلمه بما حدث فأخذه صديقه إلى أمير صديق للملك وأخبره بالقصة فوعدهما أنه سيذهب إلى التاجر غداً ليكلمه في مسألة أخرى وعلى صاحب الأمانة أن يذهب إلى التاجر ويدخل عليه حينما يكون الأمير عند التاجر ويطلب منه أمانته في ذلك الوقت. فلما كان الغد ذهب الأمير إلى التاجر فرحب به وأكرمه وقال له: لعلك شرفتني اليوم بحضورك لشيء فقال الأمير: نعم ان الملك أخبرني بالأمس أنه يريد الحج ويريد يسلم المملكة كلها لشخص أمين إلى أن يعود بالسلامة واستشارني في الأمر فعرضت عليه أن يسلمها لك لأنك أمين. فوافق على رأيي وسيفعل بعد يومين ففرح التاجر فرحاً عظيماً لأنه سيكون نائب الملك في غيابه وشكر للأمير وزاد في اكرامه.
وفي هذا الوقت دخل عليهما صاحب الأمانة وقال يا حضرة التاجر ان لي عندك أمانة هي نقود وجواهر سلمتها اليك قبل سفري للحج فقال التاجر نعم يا ولدي الآن تذكرتك وتذكرت أن لك أمانة عندي فخذ هذا المفتاح وافتح الصندوق وتسلم أمانتك فأخذ الرجل أمانته وانصرف ثم انصرف الأمير فلما مضى الموعد الذي ينتظر التاجر أن يكون فيه نائب الملك ذهب إلى الأمير وقال له: ماذا فعل الملك؟ فقال الأمير نحن لم نسترد منك أمانة الرجل الغريب الذي كان مسافراً للحج إلا حين وعدناك بالمملكة فاذا تركنا لك المملكة فبأي شيء نخلصها؟ فعرف التاجر أنها حيلة وعاد خجلان حزيناً.
مضحي المشعل المضحي الجديع | 
