تستضيف المملكة خلال هذا الأسبوع وبالتحديد من 22-26 مارس سباق الفورمولا(1) Formula1 العالمي للزوارق الشراعية الذي سيقام في منتجع شاطئ الغروب في الخبر، وتأتي استضافة هذا السباق العالمي ضمن الفعاليات الرياضية لتنشيط السياحة الوطنية الذي تشرف عليه الهيئة العليا للسياحة الوطنية.. ومما لا شك فيه أن اختيار الهيئة العليا للسياحة للأنشطة الرياضية وتنظيم سباقاتها كوسيلة للرقي بالسياحة الوطنية وزيادة فرص الاستثمار فيها وجذب أكبر عدد ممكن من المواطنين والوافدين اختيار موفق لما تمثله الرياضة من جانب حيوي في الحياة المعاصرة. ولنا اليوم وقفة مع العلاقة التكاملية بين الرياضة والسياحة والقواسم المشتركة بينهما، وما نتمنى ان تحققه هذه الأنشطة الرياضية السياحية.. فللرياضة وأنشطتها المختلفة دور كبير وفعال في دعم وإنجاح أي مشروع سياحي في أي بلد. وتأتي هذه الأهمية الرياضية من التنوع الكبير الذي نجده في الأنشطة الرياضية المختلفة، ومدى ارتباط الممارسة الرياضية بتعزيز صحة الفرد والمحافظة على لياقته البدنية وحيويته حتى خلال تمتعه بإجازته بعيداً عن ضغوط العمل. وهذا التنوع في المناشط الرياضية يتيح لمخططي ومنفذي البرامج السياحية اختيار الرياضات المناسبة لجميع الفئات العمرية المختلفة المستفيدة من البرامج السياحية، مع مراعاة ميول واتجاهات كل فئة والمتطلبات المهارية والبدنية والتكلفة المادية والحالة الصحية للمشاركين في هذه البرامج، وفي ضوء بيئة البرنامج السياحي وخصائصه فنجد على سبيل المثال، هناك العديد من الأنشطة الرياضية المائية المختلفة التي يمكن تقديمها للمشاركين في البرامج السياحية التي تنفذ على الشواطئ ... في حين أنه يمكن تقديم برامج أخرى ملائمة للمشاركين في البرامج التي تنفذ في الصحراء أو في المناطق الجبلية، كما ان أهمية الرياضة في السياحة تكمن في أن الرياضة تتيح فرصا كبيرة ومباشرة لتكوين وتعزيز العلاقات الاجتماعية والأخوية بين الممارسين، سواء كانت تلك المشاركة على المستوى الفردي أو العائلي.
ومن المتوقع، بإذن الله، ان يكون هناك نجاح كبير للسياحة الرياضية في المملكة، وهذا التوقع ينطلق من عدة مرتكزات، أهمها التزايد الملحوظ لدى المواطنين في الإدراك بأهمية ممارسة النشاط الرياضي لصحة الإنسان البدنية والنفسية، وأن الرياضة أصبحت ضرورة ولم تعد تسلية أو ترفا ... فلقد ازداد وعي المواطنين بدور الرياضة الكبير في تعزيز، ليس فقط الجوانب الصحية واللياقة البدنية، وإنما أيضاً الرقي بالجوانب الاجتماعية والنفسية للفرد، كما ان الشعب السعودي شعب رياضي يعشق الرياضة ويتنفس من خلالها، بما يتفق مع تعاليم ديننا الحنيف ... كما ان الرياضة السياحية ستتيح للمواطنين ممارسة الأنشطة الرياضية غير المعروفة أو غير الشعبية أو التي لا يمكن ممارستها داخل المدارس أو الأندية الرياضية التنافسية أو الصحية، أو التي لا تسمح البيئة الجغرافية التي يعيش فيها المواطن بتلك الممارسة، وهذا كله قد يدفع في حد ذاته المواطنين للمشاركة في البرامج السياحية من أجل ممارسة الأنشطة الرياضية الأخرى غير المتوفرة في مكان الإقامة، كالغطس في البحار، وركوب الأمواج، وتسلق الجبال، وركوب الخيل، والرماية، والصيد، وغيرها من الرياضات التي لا يمكن ممارستها في المدن.
ومما لا شك فيه ان التعاون والتكامل -وليس التنافس- مطلوب بين المؤسسات الشبابية والرياضية والهيئة العليا للسياحة؛ من أجل تعزيز الأنشطة الرياضية ونشر الرياضة وتطويرها في الوطن، فالسياحة من الممكن ان تعزز وتساهم في تحقيق الأهداف العامة لرعاية الشباب من خلال توسيع القاعدة الرياضية من الممارسين، ونشر الألعاب الرياضية غير المعروفة لدى المواطنين، ودعوتهم لها وتأصيل الكثير من الألعاب الرياضية والشعبية والتأكيد عليها وعلى خصوصيتها لنا كمسلمين وسعوديين، وإتاحة الفرص لأبنائنا وللأجيال القادمة للاهتمام بمثل هذه الرياضات التي يأتي في مقدمتها الرماية والسباحة وركوب الخيل. كما ان الرياضة السياحية ستسهم بصورة كبيرة في التأكيد على مبدأ مهم لم تنجح الجهات المسؤولة في رعاية الشباب ولا إعلامنا الرياضي باختلاف مستوياته وقنواته في تحقيقه ألا وهو مبدأ (الرياضة للجميع) فنجد ان الأندية الرياضية وأنشطة الاتحادات الرياضية المختلفة ركزت على جانب واحد للرياضة وهو الرياضية التنافسية، وأغفلت جانبا مهما وهو ان الرياضية حق للجميع وليس لفئة خاصة فقط، فئة النخبة من الرياضيين، فأتمنى ان تحمل الرياضة السياحية هذا الشعار ( الرياضة للجميع ) وتعمل على تحقيقه في مجتمعنا من خلال البرامج السياحية المختلفة في أرجاء مملكتنا الغالية ... وعلى صعيد آخر، يجب الاّ ننسى أن للرئاسة العامة لرعاية الشباب دورا كبيرا في نجاح السياحة من خلال التنسيق مع الهيئة العليا للسياحة في برمجة المسابقات الرياضية المختلفة وجدولتها وتقسيمها خلال المواسم المختلفة لجذب أكبر عدد ممكن من الحضور والمشاهدين، وتزويد المؤسسات السياحية بالخبرات والكفاءات المتخصصة في الألعاب الرياضية، والتنسيق مع الهيئة في تنظيم العديد من المسابقات والبطولات الرياضية الكبيرة على المستوى الاقليمي والقاريّ والعالمي، فمن خلال بوابة الرياضة يمكن دعوة الشعوب الأخرى للسياحة الوطنية والاطلاع على ثقافتنا وتراثنا وانجازاتنا.
وختاماً، ما نأمله من الهيئة العليا للسياحة هو ايجاد استراتيجية علمية مدروسة وشاملة ومرنة للسياحة الرياضية لتحقق جميع الأهداف التي وضعت من أجلها، مع تمشي هذه الاستراتيجية مع خصوصية أرض الحرمين الشريفين وديننا الإسلامي، ومراعاتها لرغبات واحتياجات جميع الفئات المختلفة في المجتمع، ووفقاً لإمكانياتها المادية ... والله من وراء القصد.
(*) قسم التربية البدنية وعلوم الحركة - جامعة الملك سعود
|